غيثة السويطي صبرا... طبيبة مغربية تستبدل المشرط بالماء لولادة بدون ألم

06 مايو 2018
الإقبال على الولادة المائية ما زال خجولاً (العربي الجديد)
+ الخط -

فتحت الطبيبة النسائية غيثة السويطي صبرا، نقاشاً حول موضوع "الولادة في الماء" في المغرب، بعد تسجيل أول عملية بهذه التقنية، الشهر الماضي، في إحدى المصحات الخاصة بالأم والطفل في مدينة آسفي (وسط المغرب).

هذه المبادرة التي قامت بها الطبيبة من دون الحاجة إلى مشرط أو سرير، شجعت العديد من النساء على الاقتراب من هذه التقنية وطرح تساؤلات عن غيابها في معظم المصحات والمستشفيات الحكومية في البلاد.

عن هذه التقنية وإيجابياتها وسلبياتها وموانعها تتحدث السويطي إلى "العربي الجديد".

- ما هي تقنية الولادة في الماء؟

الولادة في الماء، أو الولادة المائية، هي تقنية تعني أن تضع الأم جنينها في حوض مليء بالماء الدافئ المعقّم، وبإشراف فريق طبي. وهي ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى سنوات الستينيات (1960)، حيث استخدمها الفرنسيون أولاً ثم الروس، قبل أن تُعتمد في عدد من الدول الأوروبية المتقدمة، غير أن الإقبال عليها في المغرب تحديداً مازال خجولاً.

- ما هي شروط الولادة بهذه التقنية؟

تتطلب هذه التقنية من الأم اتباع نظام غذائي، وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة التي توضح خلوها من الأمراض. وعند اقتراب موعد وضعها تتم مراقبة الحالة الصحية لها من ضغط دموي وغيره، كما يتم تدريبها على التحكم في التنفس، وعندما ينفتح عنق الرحم بأربعة سنتيمترات، تدخل الأم إلى الحوض الذي يكون مجهزاً ومعقماً وعلى درجة حرارة 37، حيث تتم عملية الولادة بشكل طبيعي، وينزلق رأس الجنين ثم جسمه في الماء بشكل سهل وبأوجاع أقل، كما أن الأم هي التي تقطع الحبل السري بنفسها.

- ما السبب في عدم الإقبال على هذه التقنية في المغرب؟

لا يمكن الحديث عن سبب واحد، بل عن أسباب متعددة ومتداخلة، منها أولاً التكلفة المادية التي تتراوح بين 3000 درهم (324 دولارا) و6000 (648 دولارا)، تشمل حوض الماء ومواد التعقيم، بالإضافة إلى غياب ثقافة الولادة في الماء بديلاً للعمليات القيصرية عند بعض السيدات، وما يرتبط بذلك من أوهام وخرافات، منها مثلاً الخوف من اختناق الجنين أو غرقه في الماء أو حدوث عدوى من برازه، وهي أمور بعيدة الحدوث.

هذا بالإضافة إلى أن الولادة في الماء غير معتمدة في أي مستشفى حكومي بالمغرب، كما لم يتم اختبار هذه التقنية في أي منها، أما في ما يخص المصحات الخاصة، فتعد مصحة نور هي الأولى التي تعتمد هذه التقنية في المغرب، منذ ثلاث سنوات تقريباً، رغم غياب التجاوب الكبير معها. ولا يمكن أن أنكر أيضا تقصير الأطباء والأطر الصحية في التعريف بهذه الولادة وأهميتها وفوائدها للمرأة.

- حدّثينا عن هذه الفوائد؟

تساعد هذه التقنية في تسهيل عملية الولادة الطبيعية على عدة مستويات، إذ تخفف من أوجاع المخاض ما بين 60 إلى 70 في المائة، كما تستغرق الولادة وقتاً أقل، وتساعد الأم على الراحة والاسترخاء وطرد التوتر، كما أنها لا تتطلب التخدير الموضعي، وتقلل من نسبة تمزق الجهاز التناسلي عند الأم، وتساعد الجنين على الخروج في جو شبيه بالجو داخل الرحم، فيزيد هذا من هدوئه وتخفيف الصدمة عليه. وبهذا، فإن الاتصال الأول بين الأم وطفلها يمر بطريقة جميلة، على عكس إذا تمت الولادة بطريقة صعبة، فإن الأم قد تحمّل الوافد الجديد كل الآلام التي مرت بها.

يكون حوض الماء معقما ودافئا (العربي الجديد)

 
- هل الولادة في الماء متاحة لكل النساء أم أن هناك موانع؟

طبعا هي غير متاحة للأمهات الأكثر عرضة للنزيف بعد الولادة، ولحالات الولادة المبكرة، وكذلك إذا كان وزن الجنين يتجاوز ثلاثة كيلوغرامات، وللمريضات بسكري الحمل أو القلب أو الضغط الدموي.

مصحة نور التي أجرت أول عملية ولادة في الماء (العربي الجديد)


- هل يمكن للمرأة أن تلد في بيتها وباستعمال حوض ماء منزلي؟

قد تبدو الولادة في الماء سهلة ويمكن المجازفة بخوض التجربة في المنزل، إلا أنني لا أنصح الأمهات بذلك، لما فيه من خطورة، فهذه التقنية تحتاج إلى إشراف طبي، ومراقبة متواصلة للأم لمتابعة نبضات قلب الجنين بجهاز يدخل إلى الماء وكذلك حالة الأم، لضمان عدم حدوث نزيف أو إعياء أو إغماء، حتى يمكن إنقاذها بتدخّل سريع في الوقت المناسب، الأمر الذي لا يتاح في المنزل في غياب أي متابعة طبية، أو تعقيم للحوض يحول دون انتشار ميكروبات، مما قد يعرّض حياة الأم وجنينها للخطر.



- كيف تم التفاعل مع أول عملية توليد بهذه التقنية في المغرب؟

منذ الولادة الأولى التي أجريتها في المصحة، في إبريل/نيسان الماضي، مستثمرة خبرتي في المجال، وأيضاً التدريب الذي تلقيته في هذا الشأن خارج المغرب، تلقيت الكثير من الاتصالات والتساؤلات حول هذه التقنية، ورغبة الأمهات في التعرف عليها أكثر، وعلى أسعارها، وقضيت أكثر من أسبوع وأنا أشرح عبر صفحتي على فيسبوك أهمية هذه الولادة وضرورة إعادة الاعتبار لها.

أجرت أول ولادة في الماء بالمغرب (فيسبوك)


وأعتقد أن التشجيع على تقنية الولادة في الماء، في المستشفيات والمصحات الخاصة، سيسهم بشكل كبير في تقليص الولادات القيصرية التي ارتفع عددها في المغرب بشكل مخيف، وهنا لا أتحدث عن العمليات التي تكون للضرورة الطبية، بل أخرى تكون فيها الأم قادرة على الإنجاب بشكل طبيعي ومن دون تدخل جراحي.

دلالات
المساهمون