الأسد قتل الإنسان.. والباقي تفاصيل

04 يونيو 2016
الأسد استهدف الاطفال على مدار 5 سنوات(Getty)
+ الخط -
 

 

لنفرض جدلاً، أن السوريين استيقظوا صباح الغد، وإذ بجميع مشاكلهم المباشرة قد حُلت، فلم يبق بشار الأسد ونظامه القمعي، وزالت كل التنظيمات الراديكالية وتم سحب السلاح وتوقف كل داعمي النظام عن الأطماع والقصف وتطييف السوريين .

بل وأكثر، عاد إنتاج القمح إلى عتبة 4 ملايين طن، والقطن والحمضيات والزيتون لمعدل المليون طن، وامتلأت السدود ال164 بسورية، ودخلت المنشآت الصناعية المتوقف ما نسبته 80% منها اليوم، وبدأت الصادرات تنساب للخارج وفي مقدمتها 140 ألف برميل نفط، وعاد الاحتياطي الأجنبي بالمصرف المركزي لنحو 20 مليار دولار كما كان.. وكذا لجهة السياحة والخدمات والتحويلات الخارجية.

أي ودونما مزيد سرد ووجع، دارت عجلة الاقتصاد السوري كما كانت قبل الحرب وتلاشت كل آثار الحرب على البنى التحتية والهياكل والتي تزيد خسائرها عن 250 مليار دولار، فكيف يمكن أن يكون المشهد، بواقع عدم وجود الإنسان، أو تشوّه من آثر البقاء ولم يأو لمخيمات الذل أو تجذبه ديمقراطية الشمال المتحضر .


بداية القول: قال نقيب صيادلة سورية محمود الحسن إن نسبة الأشخاص الذين يتعالجون بالأدوية النفسية ارتفعت خلال الحرب، بنسبة 40%، أي أن السوريين المصابين بأمراض نفسية، في مناطق سيطرة الأسد التي تعد جنان النعيم بالمقارنة مع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وصل إلى 47% إذ سورية كانت تتفاخر بعدم تجاوز نسبة المرضى النفسيين قبل الحرب، 7% .

أما وإن استمررنا بفرضياتنا الجدلية وساوينا المرضى النفسيين بمناطق المعارضة مع مناطق الأسد، فنحن أمام شعب نصفه مرضى نفسيون، دون أن ندخل بنسب المرضى الذين لا يشترون الأدوية النفسية من صيدليات ومراكز طبية أو المرضى الذين لا يملكون ثمن العلاج النفسي، أو أي تفاصيل واعتبارات تخدم السياق.

قصارى القول: لا أعتقد من مصادفة أو اعتباطية، أن يقتل الأسد 500 ألف سوري خلال الحرب على الثورة، جلهم من المتعلمين والمثقفين والشباب ومن مناطق وانتماء محددين، وأن يصل عدد المعاقين جسدياً إلى مليون سوري، فضلاً عن المهجرين والنازحين الفاقدين لممتلكاتهم وربما أحلامهم، ما يمكن إدراجهم وآل القتلى، وإن جدلاً، في خانة المرضى النفسيين.

فأن يقول تقرير لمنظمة الهلال الأحمر السوري قبل أيام، إن عدد المحتاجين للمساعدة في سورية نحو 13.5 مليون مواطن، منهم نحو 6.5 ملايين نازح داخلياً و4.49 ملايين في مناطق يصعب الوصول إليها، فهذا يعني أن أكثر من 80% من السوريين، إن أضفنا لرقم الهلال الأحمر عدد اللاجئين بدول الجوار، باتوا مصابين بندب نفسية لها علاقة بالجوع والحاجة والظلم، بل وحتى الاعتداء الجسدي والجنسي.

أما إن وضعنا يدنا على الجرح الأبل، فسنكون أمام 6 ملايين طفل سوري بحاجة لمساعدة، 4 ملايين منهم لم يتابعوا تعليمهم وربما أكثر من ذلك لن يكملوا حياتهم بكنف أبيهم.

خلاصة القول: ربما وعلى فداحة التدمير الذي لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، بيد أن لا خوف على إعمار الحجر، فقد وجدنا أخيراً، ومذ لاح إعادة تدوير وإنتاج الأسد دولياً، تهافت شركات إعادة الإعمار على اقتسام كعكة الخراب، وقرأنا عن أكلاف إعادة الإعمار، إن من منظمات دولية مالية أو من دول مانحة تتأهب للإقراض والإعمار، ليبقى مصير السوريين مرهوناً بالديون وفوائدها، ربما لعقود طويلة.

لكننا لم نقرأ عن إعادة إعمار وتأهيل السوريين، علمياً وجسدياً ونفسياً، بعد أن استهدفهم الأسد على مدى خمس سنوات، كما لم نسمع عن اهتمام عملي بإعادة الأطفال السوريين إلى مقاعد الدراسة.. بل سمعنا للأسف، من جملة ما سمعنا، أن المدارس الأردنية واللبنانية لا تستقبل التلاميذ السوريين وأن طفلة سورية منعت من دخول الامتحان بمدرسة يمتلكها سوريون بتركيا، لأنها لم تدفع القسط الشهري.

 

المساهمون