السودان: زيادات الأجور لم تسعف العمال في مواجهة ارتفاع الأسعار

05 مايو 2019
دخل العمال لا يتناسب مع معدلات التضخم المرتفعة (الأناضول)
+ الخط -
لم تسعف الزيادات في الأجور التي أقرها النظام الحاكم السابق في مساعدة العمال والموظفين على مواجهة الارتفاع المستمر في أسعار السلع والحاجيات الضرورية.

وأقرت الحكومة السابقة في موازنة العام الحالي 2019 زيادات في الأجور بواقع 2500 جنيه (55 دولاراً تقريباً) للدرجات الوظيفية العُليا و500 جنيه لأقل درجة في هيكل الراتبي (التعيينات الجديدة) استجابة لمؤشرات غلاء المعيشة والتضخم الذي بلغ مستويات مرتفعة مقارنة بالحد الأدنى للأجور في السودان والذي يبلغ 425 جنيهاً، من دون زيادة منذ عام 2013. 

وقال رئيس النقابة البديلة للعاملين بالموانئ البحرية ببورتسودان شرقي السودان عثمان الطاهر لـ"العربي الجديد)، إن "العمال يعانون من وضع اقتصادي ومعيشي مزرٍ، فضلا عن انعدام السيولة وارتفاع الأسعار بشكل عام وعدم تناسب الدخول مع المنصرفات العالية بسبب ارتفاع التضخم وتذبذب سعر الدولار في السوق الموازي".

وأشار الطاهر إلى سعي النقابة لتوفير السلع الضرورية للعاملين كالسكر وزيوت الطعام والدقيق بنظام الأقساط الشهرية، تخفيفاً لمعاناتهم المعيشية، مؤكداً "تسلط النظام الحاكم السابق وتحجيمه حركة العاملين ونقاباتهم ومنعهم من ممارسة حقهم الديمقراطي في الاحتجاج على سوء الأوضاع وضعف المرتبات والارتفاع الحاد في الأسعار بالأسواق".

ودعا الطاهر إلى ضرورة قيام الحكومة الجديدة بإصلاحات اقتصادية عاجلة لتخفيف حدة التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة وتحقيق استقرار سعر الصرف بالاستعانة بالدعم الخارجي، تخفيفا للمعاناة عن كاهل الشعب والعمال.

ولفت المحلل الأكاديمي محمد الناير لـ"العربي الجديد" إلى عدم العدالة في توزيع الرواتب في القطاع العام، إذ يتقاضى بعض العاملين رواتب تصل إلى (15 ـ 20) ضعفاً ما يتقاضاه نظراؤهم، مشيراً إلى أن ما يتقاضاه العاملون في القطاع العام لا يكفي 10% من حجم الإنفاق العام الشهري في ظل ضعف الحد الأدنى للأجور 425 جنيهاً.

ووصف الناير التعديل الذي أجرته الحكومة السابقة على رواتب وأجور العاملين بالضعيف والهزيل، باعتباره نفذ في شكل علاوات وليس زيادة حقيقية في الراتب والأجر الأساسي والذي ينعكس على فوائد ما بعد الخدمة.

وقال إن "الزيادات في الأجور لم تنفذ من قبل الحكومة السابقة على كل العاملين كأساتذة الجامعات والشرطة"، مشيراً إلى تنفيذ العاملين بالشرطة هذه الأيام إضراباً بسبب ضعف الرواتب"، وداعياً إلى "اهتمام الحكومة الجديدة بإعادة هيكلة الأجور وإزالة المفارقات فيها وتحسين الحد الأدنى للأجور إلى 4 آلاف جنيه، فالموارد متاحة"، بحسب الناير.


وأشار الناير إلى أن "قرار تجميد نقابات العاملين من قبل المجلس العسكري قد يعطل تحسين الأجور في القطاعين العام والخاص، ويمكن تحريكه بعد انتخاب النقابات الجديدة لاتحاد عمال السودان واتحاد أصحاب العمل"، نافيًا "ممارسة النظام السابق سياسات قمعية أمنية لمنع احتجاجات العمال على أوضاعهم"، وملقياً باللوم على "النقابات التي لم تستخدم حقوقها المشروعة في المطالبة بحقوق العمال".

ولكن من جانب آخر، انتقد الأكاديمي الناير استجابة الحكومة السابقة لكثير من روشتات صندوق النقد والبنك الدوليين الاقتصادية للسودان والتي تتعلق برفع الدعم الحكومي المقدم للوقود والسلع الرئيسية، مشيراً إلى قيام الحكومة بتنفيذها منذ عام 2011 مع انفصال جنوب السودان وحتى اليوم، إذ رفع الدعم 6 مرات تقريباً من دون أن يتحسن أداء الاقتصاد السودان ولا أوضاع العاملين، ما يؤكد أن هذه الروشتات تعمل ضد مصلحة البلاد وليس معها.

وأشار رئيس اتحاد عام نقابات عمال السودان المجمد، المهندس يوسف عبد الكريم، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إلى المساعي التي بذلها الاتحاد لتخفيف العبء المعيشي عن العاملين، وخاصة بعد رفع الدعم عن سلع وخدمات أساسية بزيادة البدلات والعلاوات ومشروع "قوت العام" وغيره من المشروعات ذات البعد الاجتماعي للعمال.


(الدولار = 45 جنيهاً سودانياً تقريباً).

المساهمون