يصف خبراء الاقتصاد في تونس موازنة العام المقبل التي صادق عليها البرلمان أخيرا، بـ "موازنة الحرب"، بعد أن رفّعت الحكومة مخصصات وزارتي الداخلية والدفاع لتستأثرا بنحو عشرين في المائة من إجمالي النفقات.
وتشير تقديرات وزارة المالية إلى إجمالي نفقات بحدود 29.250 مليار دينار (14.52 مليار دولار) خلال العام المقبل 2016.
ورغم الحاجة المُلحّة لدعم نفقات الاستثمار، اختارت الحكومة التونسية بطلب من البرلمان زيادة الإنفاق الأمني والعسكري لتعزيز قدرات المؤسستين في مجابهة الإرهاب وتطوير المعدات القتالية، معتبرة أن الاستثمار لن يجدي نفعا حال الإخفاق الأمني وتواصل التهديدات الإرهابية.
وسجلت ميزانية وزارة الداخلية ارتفاعا إلى 2.9 مليار دينار (1.441 مليار دولار)، بعد أن كانت نحو 2.7 مليار دينار العام الجاري، بينما بلغت ميزانية وزارة الدفاع نحو ملياري دينار، مقابل 1.921 مليار دينار في 2015.
وتأتي الزيادة في مخصصات الأمن والدفاع والوزارات السيادية هذا العام على حساب ما يسمى بالوزارات التقنية على غرار الصناعة والمناجم والنقل التي عرفت تقليصا في حجم مخصصاتها من 1.478 مليار دينار العام الجاري إلى 762.4 مليون دينار العام القادم، ومن 769.3 مليون دينار إلى 649.7 مليون دينار بالنسبة لوزارة النقل.
وبالرغم من محافظة موازنة عام 2016 على بعض التوجهات الاجتماعية التي دأبت عليها الدولة التونسية منذ الاستقلال على غرار تخصيص نحو 14.5% من إجمالي النفقات لوزارة التربية التي تقدر ميزانيتها للعام القادم بنحو 4.525 مليارات دينار، بدا الجانب الاجتماعي في الموازنة ضعيفا حسب الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، وذلك بسبب قرار الحكومة التخفيض في الانتدابات في القطاع الحكومي والاكتفاء بالانتدابات في قطاعي الأمن والجيش.
ويفسّر الحطاب في تصريح لـ "العربي الجديد" هذا الخيار برغبة الحكومة في تدارك هفوات الحكومات الماضية التي أغرقت القطاع العام بالانتدابات العشوائية استجابة للضغوطات الثورية وهو ما أدى إلى ارتفاع نفقات الأجور بشكل مهول.
وينتقد صندوق النقد الدولي سياسة الانتدابات في القطاع العمومي التونسي، معتبرا أن نفقات أجور القطاع في تونس تعد من بين الأعلى في العالم.
وعلى خلاف ما كان متوقعا لم تستجب الحكومة في موازنة 2016 لضغوط دوائر القرار المالي العالمي التي تحث تونس على مراجعة سياسة دعم المواد الأساسية، فقد تمت زيادة قيمة الدعم بالنسبة للمواد الأساسية إلى 1.6 مليار دينار، مقابل 1.530 مليار دينار في 2015.
وتضمنت الموازنة مراجعة في قيمة دعم المحروقات من 820 مليون دينار العام الجاري إلى 579 مليون دينار للعام المقبل 2016، تماشيا مع انخفاض سعر البترول في السوق العالمية
وسيبلغ العجز وفقا للميزانية 3.9 % في العام المقبل مقابل 4.4% متوقعة في 2015.
وتقول وزارة المالية إن احتياجات تونس من التمويل الأجنبي 3.6 مليارات دينار، وإن البلاد ستعود للسوق المالية من جديد في العام المقبل، بغرض إصدار سندات بقيمة تصل إلى مليار دولار بهدف سد العجز.
وتتضمن ميزانية 2016 التي حظيت بموافقة 142 صوتا وامتناع سبعة نواب تقديرا للنمو الاقتصادي عند نحو 2.5% مقارنة بنمو متوقع في حدود 0.5 % العام الجاري.
اقرأ أيضاً:
تونس تطارد الحسابات المصرفية المشبوهة
صندوق النقد: الاقتصاد التونسي سينمو 5% في 2019