عام مواجهة التحديات... تدابير لإنعاش الاقتصاد الكويتي في 2018

30 ديسمبر 2017
آمال كويتية بتحسن الأسواق (فرانس برس)
+ الخط -
يأتي عام 2018، حاملا معه آمالاً بانتعاش الاقتصاد الكويتي وتحديا واختبارا جديدا لقدرة الحكومة على المضي قدما في الحد من الاختلالات المالية التي شهدتها موازنتها على مدار السنوات الثلاث الماضية وإكمال خطوات الإصلاح الاقتصادي بنهج جديد يعتمد على رفع الإيرادات غير نفطية من خلال دعم النشاطات والقطاعات الاقتصادية الجديدة مثل مشروعات الطاقة الشمسية والصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى خطط الخصخصة وغيرها.
 
وثيقة جديدة للإصلاح

على صعيد المالية العامة للدولة هناك ملفات شعبيه تحتاج إلى قرارات وتشريعات ستمثل أولويات السلطات المالية في الكويت خلال العام المقبل وعلى رأسها الضرائب ووضع وثيقة جديدة للإصلاح الاقتصادي بديلة عن التي تم وأدها، بالإضافة إلى وقف نزيف الاحتياطي العام، فضلا عن ملف الخصخصة وإصلاح هيكل الأجور، التي تستحوذ على 50% من جملة الإنفاق العام.
وكانت وثيقة الإصلاح التي أعلنها وزير المالية السابق أنس الصالح في 2016 تشمل ستة محاور تضمنت ترشيد الدعم بخفض تصل نسبته 10% من قيمة الدعم وذلك حتى العام المالي 2017-2018 وخفض الإنفاق وترشيد مصروفات كل الوزارات ووقف إنشاء أجهزة حكومية ودمج أو إلغاء بعض الهيئات والوزارات ومراجعة أسعار ورسوم الخدمات العامة.

وفي هذا السياق، يقول محمد الشطي الخبير الاقتصادي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إن وثيقة الإصلاح السابقة أثارت الجدل داخل الشارع الكويتي كونها لا تعالج الخلل في هيكل المالية العامة، واكتفت فقط بعناوين فضفاضة في إشكاليات باتت تهدد تصنيف الكويت الائتماني الذي ظل لسنوات طويلة في فئة الممتاز، كما أنها افترضت في الإصلاحات ثبات المصروفات وهي فرضية تعني تجميد الرواتب لمدة 6 سنوات كاملة لتترك المواطنين يواجهون وحدهم نار التضخم وغلاء المعيشة دون سند أو دعم، وفي ضوء ذلك ننتظر وثيقة جديدة تتوافق مع المعايير الاقتصادية الجديدة الحالية.

آمال القطاع النفطي

على صعيد القطاع النفطي يبدو أن العام الجديد سيكون مختلفا حيث سيدخل القطاع عام 2018 بآمال عريضة بتحسن أوضاعه وتجاوز عثراته التي أفقدته توازنه، حيث يقف القطاع النفطي وهو على أعتاب العام الجديد قويا خصوصا مع اقترابه من مرحلة قطف ثمار المشاريع الكبرى الجاري تنفيذها، متسلحا بالتوافق الكبير بين قيادته النفطية وتولي خيرة القيادات النفطية حقيبة النفط والتي يعول عليها الكثير في تجاوز الصعاب.
ومن الأمور الإيجابية التي ينتظرها القطاع النفطي في الكويت طرح مشروعي مستودعات المطلاع ومشروع الدبدبة للطاقة الشمسية، حيث تبلغ الميزانية التقديرية للمشروعين بما قيمته مليار دينار (3.3 مليارات دولار) ، حيث يتوقع طرحهما خلال الربع الأول من 2018، وإجمالا يخطط القطاع النفطي لتنفيذ برنامج إنفاق رأسمالي بقيمة 37 مليار دينار (122 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف زيادة القدرة لإنتاجية من النفط الخام إلى 4 ملايين برميل يوميا بحلول 2020.

ملف الضرائب

وفي العام الجديد سيكون ملف الضرائب الأكثر جدلا خاصة مع ترجيحات بتطبيق ضريبة للقيمة المضافة التي يبدو وبحسب البنك الدولي أن الكويت ماضية في سبيلها نحو تطبيقها.
ويبدو تطبيق ضريبة القيمة المضافة في 2018 بنحو 5% السيناريو الأقرب خاصة مع موافقة مجلس الوزراء على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون الخليجي إلى مجلس الأمة لمناقشته وإقراره.
وبجانب القيمة المضافة وافقت الحكومة الكويتية على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية التي ستفرض على السلع الكمالية أو تلك التي قد يكون لها أخطار على الصحة أو البيئة مثل السجائر ومشروبات الطاقة التي ستفرض عليها الضريبة بواقع 100% أو المشروبات الغازية بنسبة 50%.

ويتبقى ضريبة الشركات التي تواجه معارضة قوية من القطاع الخاص الكويتي وربما لن ترى النور على المدى القريب.
وكان تقرير صندوق النقد الدولي الذي يختص بالمساعدات الفنية للدول كشف أن الصندوق أعد للكويت مسودة قوانين ضريبية جديدة من أجل تنويع وزيادة إيرادات البلاد.

تمويل عجز الموازنة

وينتظر المالية العامة تحد يتمثل في السيطرة على النزيف الكبير في الاحتياطي العام الذي يستخدم في تمويل عجز الموازنة.
وترى وكالة التصنيف الائتماني فيتش أن قيمة صندوق الاحتياطي العام الذي يحتفظ بالفوائض الحكومية المتكدسة طوال السنوات السابقة، انخفضت للعام الثالث على التوالي، إلى 116 مليار دولار، مع استخدام الحكومة الصندوق في أغراض التمويل، وحذرت من استنزافه خلال 10 سنوات، خاصة أن التوقعات ترجح تسجيل عجز مالي سنوي بنحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المالية الخمس المقبلة، وينتج عن تلك العجوزات احتياجات تمويلية تراكمية إجمالية بنحو 100 مليار دولار.

ويجري العمل حاليا من قبل لجنة إدارة الدين العام التي تم تشكيلها حديثا في وزارة المالية وتضم ممثلين عن البنك المركزي وهيئة الاستثمار على وضع قانون سيسمح للحكومة بإصدار الصكوك لتنويع التمويل.

الخصخصة وترشيد الإنفاق

سيكون برنامج الخصخصة حاضرا وبقوة خلال العام 2018 بعد مخاض عسير شهده هذا الملف في عامي 2016 و2017، حيث تسعى الحكومة الى بيع حصص في بعض الشركات الخدمية بالقطاع النفطي والبريد، حيث كان من بين الخطط الحكومية طرح 20% إلى 30% من أسهم تلك الشركات للاكتتاب العام وهو ملف يبدو صعبا بسبب عوائق تشريعية قد تواجهه.
وهنا يقول مدير عام مركز الشرق للاستشارات الاقتصادية راشد العجمي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إن تحويل الأصول إلى القطاع الخاص من شأنه أن يقلل تكاليف الحكومة، وذلك من خلال إزالة الشركات غير المربحة والتي تفتقر إلى الكفاءة من الميزانية العمومية للدولة.

ومن جانب ثان، سيكشف عام 2018 مدى نجاح الحكومة في تنفيذ خططها نحو ترشيد الإنفاق العام الذي سيساهم في تحقيق وفورات كبيرة ولا سيما مع تحسن أسعار النفط الفترة الأخيرة.
ويرى العضو المنتدب لشركة الدولية للاستثمار عبد الوهاب العجمي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إن هناك العديد من الخيارات التي تبحثها الحكومة لوضع سقف للإنفاق العام، منها تشديد الضوابط على التحويلات، والحد من جوانب القصور في النفقات الجارية والرأسمالية، ومراقبة نمو فاتورة الأجور والمرتبات، وتحسين عمليات الشراء الحكومية، بالإضافة إلى استمرار الجهود الحكومية الرقابية الرامية إلى تعزيز الضوابط على الإنفاق العام.

المساهمون