الحقول العراقية المشتركة... طهران تعلن اتفاقاً وبغداد تلتزم الصمت

09 ابريل 2019
مشكلات فنية منعت التوصل لاتفاق في السابق(محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
أعلن وزير النفط الإيراني، بيجين زنغنه السبت الماضي، عن توصل بلاده إلى اتفاق مبدئي مع العراق بشأن تطوير حقلين حدوديين للنفط وهما "نفت شهر" و"خرمشهر"، من أصل خمسة حقول مشتركة بين البلدين. 

إلا أن هذا الإعلان لم يتضمن أية تفاصيل حول فحوى الاتفاق، ولا حجم المشروع ولا مدته، ولم يتطرق إلى المشاكل التاريخية العالقة بين العراق وإيران حول عدد من الحقول المشتركة. وفوق الغموض الإيراني، لم يصدر أي تعقيب من وزارة النفط العراقية بخصوص التفاهم المتعلق بحقلي النفط. واعتذر أكثر من مسؤول في الوزارة عن الإدلاء بأي تصريح.

ويعود الخلاف النفطي العراقي الإيراني إلى أربعينيات القرن الماضي ولم تنجح وساطات دولية وأممية في حله. وتصر طهران على أن تتقاسم الحقول مع العراق رغم أن الحقول المشتركة وعددها خمسة وهي حقول مجنون، أبو غرب، بزركان، الفكّة، ونفط خانة، يقع أغلبها داخل الأراضي العراقية.

إذ إن أكثر من 90 في المائة من حقل الفكة مثلاً موجود داخل العراق ورغم ذلك تصر إيران على أن تستخرج بقدر ما يستخرجه العراق يومياً من النفط، وهو ما كانت ترفضه بغداد طوال العقود الماضية.

ويطلق الإيرانيون تسميات مختلفة على تلك الحقول التي ظلت معطلة خلال فترة الخلاف. إلا أنه منذ الغزو الأميركي للعراق أعادت إيران عمليات الاستخراج من بعض تلك الحقول من طرف واحد من دون العودة لبغداد.

وفي عام 2012 أظهرت تقارير أن حجم ما تستنزفه إيران من النفط العراقيّ في الحقول المشتركة بلغ في عام 2012 قرابة 130 ألف برميل يوميّاً، من 4 حقول ويبلغ احتياطي تلك الحقول أكثر من 95 مليار برميل.

ولا يعتبر الإعلان عن تفاهم حيال حقول النفط المشتركة بين البلدين الأول من نوعه، إذ سبقه في عام 2017 الإعلان عن تشكيل لجنة مشتركة لحلّ الخلافات على حقول النفط بين البلدين، من دون تحقيق تقدم في المباحثات.

وفي نهاية 2009 عبرت قوة إيرانية الحدود العراقية واستولت على بئر رقم 4 داخل حقل الفكة وأزالت العلم العراقي عنه، ما تسبب بأزمة كبيرة في بغداد، واختارت حكومة نوري المالكي حينها الصمت بعدما ادعت طهران أنها تتواجد على أرض إيرانية.

وما زال ملف الحقل غامضا وسط تضارب في روايات المسؤولين العراقيين بسبب النفوذ الإيراني الواضح في البلاد.

وقال مسؤول عراقي لـ"العربي الجديد"، إن الإعلان الإيراني مستعجل وحتى الآن لم تتضح تفاصيل الاتفاق وآلية الاستخراج من الحقول وكيف سيتم حل الجوانب الفنية المتعلقة بانخفاض الأراضي الإيرانية وارتفاع العراقية في بعض الحقول، وطريقة الحفر بالجانب الإيراني هل سيكون مائلا أم عموديا وكمية ما سيتم استخراجه والمخلفات البيئية وجوانب أخرى".

وبيّن أن الحكومة العراقية مخولة بالبحث عن تفاهمات وليس توقيع اتفاقيات من هذا القبيل من الممكن أن يطعن بها داخل البرلمان "لذا ننتظر تفاصيل اللجنة الفنية بوزارة النفط وتوضيحات من نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ثامر الغضبان. خاصة أن الحقلين اللذين يجري الحديث عنهما يقعان في المحمرة المقابلة للبصرة ومن ناحية جغرافية وحتى تسويقية للنفط يحظى الحقلان بأهمية أكثر من غيرهما".

أما الخبير بشؤون الطاقة المهندس طلال القيسي فأكد أن الإيرانيين أعلنوا من جانب واحد عن الاتفاق حتى الآن ولا يوجد ما يؤكده عراقياً.

ولكن التوقيت قد يكون ضمن حراك إيراني للإفلات من العقوبات فالعراق والسعودية أكثر الدول النفطية التي تملك عملاء بالسوق العالمية حاليا، وقد تكون إيران تخطط لأن يكون العراق منفذاً ناعماً لنفطها بواقع 250 أو 300 ألف برميل يومياً"، وأضاف أن "اختيار حقلين قبالة البصرة حيث منفذ التصدير العراقي الرئيس للنفط، عبر مياه الخليج العربي، يجعلنا نطرح مثل هكذا احتمالات".

وشرح عضو لجنة النفط والطاقة بالبرلمان العراقي جمال المحمداوي أن "كل اتفاقية يجب ان تنطوي على مصالح مشتركة للجانبين وأعتقد هناك ملفات مشتركة تحتاج لحسم بين العراق ودول الجوار وخاصة إيران. وهذه الحقول ما زالت محل خلاف ونحتاج لاتفاقيات نهائية".

وأضاف: "لا أعتقد أن المشكلة حُلت. والأرجح أن الاتفاقيات المعلنة من قبل الإيرانيين هي أولية. والاتفاق سيحتاج لمصادقة البرلمان العراقي عليه".

عضو البرلمان العراقي عدي عواد قال لـ"العربي الجديد"، إن "جميع الاتفاقيات التي تعقدها الحكومة يجب ان تمر على البرلمان بالتالي أي اتفاقية يجب أن تكون لمصلحة العراق وليس العكس".
المساهمون