لغز المساعدات السعودية الجديدة لمصر

06 يناير 2016
حزمة المساعدات السعودية الجديدة لمصر لم تفاجئ أحداً(فرانس برس)
+ الخط -
تسربت، أمس الثلاثاء، أنباء حول قرار السعودية منح مصر مساعدات جديدة قيمتها 3.2 مليارات دولار، موزعة ما بين 1.5 مليار دولار ممنوحة من صندوق التنمية السعودي لتمويل مشروع لتنمية شبه جزيرة سيناء، و1.2 مليار دولار لتمويل مشتريات المشتقات البترولية من بنزين وسولار وغاز وغيرها، بالإضافة إلى منحة بقيمة 500 مليون دولار لشراء منتجات وسلع سعودية.

وقبل أن أشرح أسباب ترحيبي بالحزمة السعودية الجديدة لمصر، أود الإشارة هنا إلى 4 نقاط يجب الالتفات إليهم جيداً هي:

 -  أن 2.7 مليار دولار من حزمة المساعدات الجديدة هي عبارة عن قروض سعودية، يتم منحها لمصر بأسعار فائدة، أي أن هذه الأموال لا تفرق كثيراً عن تلك القروض التي حصلت عليها مصر من البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، أو تلك التي ستحصل عليها من مؤسسات مالية أخرى.

- السعودية توقفت عن منح مصر مساعدات نقدية، منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، كما توقفت عن منح مساعدات نقدية مجانية منذ العام 2014، وأن المنحة الجديدة البالغ قيمتها 500 مليون دولار لن تمنح لمصر نقداً، وإنما ستخصص لتمويل شراء منتجات وسلع سعودية ومنحها بعد ذلك لمصر، أي أن المنحة لتمويل صادرات سعودية لمصر، وستكون الحصة الأكبر منها للمشتقات البترولية، وخصوصاً البنزين والغاز، وهنا لن تدفع السعودية سيولة نقدية لمصر، بل ستدفع وقوداً رخيصاً وما أكثره في ظل تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.

- الحكومة السعودية راعت الظروف المالية الصعبة التي تمر بها المملكة وعجز الموازنة الضخم والمتفاقم المقدر بنحو 87.9 مليار دولار في العام الحالي 2016، وبالتالي لم تمنح مصر هذه المرة ودائع نقدية كما جرى الحال منذ انقلاب 3 يوليو 2013، إنما منحتها قروضاً سترد مرة أخرى أو سلعا نفطية.

- حزمة المساعدات السعودية الجديدة لمصر لم تفاجئ أحداً، بل جاءت في إطار توجيهات الملك السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، التي أصدرها في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتقضي بزيادة استثمارات المملكة في مصر لتتجاوز 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) مقابل نحو 25 مليار ريال حالياً، والإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة 5 سنوات، ودعم حركة النقل في قناة السويس من السفن السعودية.

نأتي للأسباب التي دفعتني إلى عدم استغراب المساعدات السعودية الجديدة لمصر، بل والترحيب بها، وسأوجزها في نقطتين هما:

أولاً: أموال الحزمة السعودية الجديدة ستصب في النهاية لدعم احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، وهو ما سيعطي البنك قدرة أكبر على تحقيق هدفين، هما تلبية احتياجات المستوردين الدولارية والحد من المضاربة على العملة الأميركية أمام الجنيه، وأظن أن هذه الخطوة ستقلل تكلفة السلع المستوردة، وبالتالي خفض سعرها داخل السوق المحلية، وهنا سيكون المواطن أكبر مستفيد من القروض السعودية لكن بشكل غير مباشر.

ثانياً: إن رهان البعض على تغير موقف السعودية الداعم للنظام المصري الحالي هو رهان خاسر وغير مبني على عوامل منطقية، بل مبني على اجتهادات وربما أمنيات. صحيح أن الدعم السعودي لمصر يتراجع في حال حدوث تباين في وجهات النظر بين البلدين كما حدث خلال الشهور العشرة الماضية، لكنه ما يلبث أن يعود مع تقارب وجهتي النظر، خصوصاً حول قضايا إيران واليمن وتدخل روسيا في سورية.

بالطبع، سيخرج علينا البعض ويسأل سؤالاً مباغتاً لكنه منطقي وهو: ما الذي يضمن استفادة المواطن المصري من المساعدات السعودية الجديدة لمصر؟ وهل النفط السعودي المجاني الذي ستحصل عليه مصر بقيمة 500 مليون دولار سيتم توزيعه بالمجان أيضأ على مستهلكي الطاقة في مصر؟ أم سيتم بيعه في محطات الوقود كما حدث سابقاً؟

هذا بالطبع سؤال مهم أرجو أن نجد له جميعاً إجابة.

اقرأ أيضا: السعودية تدعم مصر بـ 3.2 مليارات دولار

المساهمون