إلى أين تتجه أسعار النفط وسط التخمة وتصدع "أوبك"؟

03 يناير 2019
محطة وقود في أميركا (Getty)
+ الخط -

ينظر أصحاب الصناعة النفطية والمستثمرون بقطاع الطاقة بحيطة وحذر لمستقبل النفط في العام الجديد 2019، وسط مجموعة من التحديات التي تعيشها الأسواق المستهلكة للطاقة وفي مقدمتها التذبذب في أسعار النفط.

وفي تحليل مطول نشرته وكالة بلومبيرغ، اليوم الخميس، يرى رئيس وحدة النفط بوكالة الطاقة الدولية، نيل أتكنسون أن هنالك شكوكا كبرى تحيط بمستقبل أسعار النفط في 2019، ومن غير المتوقع تجاوزها خلال العام. 

ويقول اتكنسون إن "هنالك صعوبة في توقع توجهات أسعار النفط في العام الجديد بسبب المجاهيل الكثيرة التي تحيط بمعادلة العرض والطلب". ويرى المسؤول بوكالة الطاقة الدولية، أن العام 2020 الذي سيطبق فيه قانون استخدام النفط الخفيف في السفن والناقلات البحرية يقترب بسرعة، وأن هذا القانون سيكون له تأثير مباشر في تسعير النفط". 

ومن المتوقع أن يكون لتطبيق قانون عدم تلويث البحار تأثير مباشر وسلبي على أسعار النفط الثقيل، أي الخامات التي تحتوي على كمية كبيرة من الكبريت وتولد نسبة كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، فيما من المتوقع أن يساهم في زيادة أسعار النفط الخفيف ونفط الغاز السائل. 
وعلى صعيد "أوبك" والمنتجين خارجها يقول أتكنسون "في حال تطبيق اتفاق خفض الإنتاج الذي أقرته المنظمة ومنتجون خارجها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن ذلك ربما يعيد السوق للتوازن بعد سحب التخمة النفطية من السوق". 


لكن في مقابل ذلك يرى خبراء آخرون أن "أوبك" تواجه مجموعة من التحديات ربما تؤثر على تماسكها خلال العام الجاري. 

في هذا الصدد يرى نائب رئيس وحدة ااستراتيجيات السوق بمصرف " جي بي مورغان" الأميركي، ديفيد لبيفيتز، أن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ربما تشهد المزيد من التصدع خلال العام الجاري بسبب تضارب المصالح بين الدول الأعضاء ووسط الظروف الجيوسياسية المحيطة بدولها. وكانت دولة قطر قد انسحبت من المنظمة نهاية العام الماضي لأسباب قالت إنها فنية وغير سياسية وتخص التركيز على إنتاج وتصنيع الغاز الطبيعي المسال الذي تحتل فيه المرتبة العالمية الأولى.

وعلى صعيد النفط الصخري، يقول مسؤول "جي بي مورغان"، " من المتوقع أن نرى تغييراً في سلوكيات منتجي النفط الصخري في أميركا مع تقدم العام الجديد".

وأضاف: "أعتقد أنهم أصبحوا أكثر حرصاً في كميات الضخ والاستثمار من ذي قبل"، مشيراً إلى أن عمليات ضخ النفط الصخري التي ساهمت في انهيار سوق النفط بعد العام 2014، ربما لن تتكرر هذه المرة.

وكانت أسعار النفط قد هبطت إلى 30 دولاراً خلال العام 2015، بعد ضخ "أوبك" لكميات فائضة عن حاجة السوق تواكبت مع ثورة النفط الصخري، وهو ما ساهم في انهيار أسعار النفط طوال عامي 2015 و2016.

من جانبه يرى ريان لانس الرئيس التنفيذي لشركة "كونوكو فيليبس النفطية الأميركية، أن المخاطر الجيوسياسية هي المهدد الأكبر لأسعار النفط خلال العام الجاري 2019. ويقول لانس في هذا الصدد،" نتوقع أن تتواصل اضطرابات أسعار النفط خلال العام الجاري، بسبب دورة الإنتاج القصيرة للنفط الصخري".

ويشير إلى أنه من المهم إعطاء المستثمر في أسهم الطاقة رؤية حول العائد المالي الذي سيحققه في دورات أسعار النفط المنخفضة والمرتفعة". ويقول إن "صناعة النفط الصخري أصبحت هي الموجه الرئيس لأسعار النفط ومن المهم المحافظة على مركز أميركا كمنتج أكبر للنفط في العالم". وهو يشير بذلك إلى ضرورة مساعدة الإدارة الأميركية للصناعة النفطية عبر سياسات تحفز الطلب المحلي والعالمي على النفط.

في ذات الصدد، يرى السمسار في مجموعة "بي في أم" ستيفن برينوك، في حديث إلى "رويترز"، أن المؤشرات الراهنة لا تحمل على التفاؤل، في ظل الزيادة المتوقعة لاحتياطيات النفط عالمياً نتيجة لتكثيف دعم الدول خارج "أوبك". وتظهر هذه المؤشرات بوضوح المشكلة التي يواجهها أعضاء "أوبك" وحلفاؤهم، بمن فيهم روسيا، والذين يعودون في عام 2019 إلى الحد من مستوى الإنتاج بغية دعم السوق. 



وقال مشاركون في مسح أجرته رويترز اليوم الخميس، إن من المتوقع أن تخفض السعودية أسعار الخام الثقيل إلى آسيا في فبراير/شباط بما يصل إلى 50 سنتاً للبرميل بسبب تقلص هوامش أرباح زيت الوقود.

وتأثرت الأسواق بهبوط فاق الثلاثة في المائة للدولار أمام الين الياباني خلال الليل وخفض شركة أبل العملاقة توقعاتها للمبيعات. ويتسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين والتقلبات في أسواق الأسهم والعملة في توتر المستثمرين بما شمل أسواق النفط. 

يضاف إلى ذلك، تتعرض أسواق النفط لضغوط إضافية بسبب وفرة المعروض بالتزامن مع توقعات لتباطؤ في نمو الطلب.

وسجل إنتاج الخام من الولايات المتحدة معدلاً قياسياً مرتفعاً بلغ 11.7 مليون برميل يومياً في أواخر عام 2018 مما جعلها أكبر منتج للنفط في العالم.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال للصحافيين يوم الأربعاء، إن الضغوط الأميركية هي التي أبقت على الإنتاج عند مستويات مرتفعة بين حلفاء بلاده في أوبك. وأضاف" يرى الناس أن سعر البنزين منخفض جدا ًوسبب ذلك هو أنني اتصلت ببعض الناس في أوبك... أجريت اتصالات وقلت من الأفضل أن تسمحوا للنفط والبنزين بالتدفق، وقد فعلوا".
المساهمون