إلغاء سجن "المدين"... اقتراح برلماني يثير جدلاً في الأردن

04 اغسطس 2019
المعاناة المعيشية تتزايد في الأردن (فرانس برس)
+ الخط -
دفعت الأوضاع المعيشية التي يعاني منها الأردنيون، 100 من بين 130 نائباً في البرلمان، إلى توقيع مذكرة موجهة للحكومة تطالبها بإلغاء حبس المدين المتعثر عن السداد وخاصة في حال توقيعه شيكات من دون رصيد. 

وبرر النواب مطلبهم بتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين في هذه المرحلة التي شهدت غلاء الأسعار وارتفاع الضرائب وتآكل الدخول وتراجع الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ما أدى الى عدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية وسداد ديونهم المالية وتغطية قيمة الشيكات الصادرة من قبلهم للجهات الدائنة.

وفيما حظي توجه النواب بترحيب شعبي، إلا أن القطاعات الاقتصادية بخاصة التجار والصناعيين حذروا من هذه الخطوة خوفاً من ضياع حقوق الدائنين وعدم قدرتهم على تحصيل حقوقهم وذممهم المالية المترتبة على الغير، سيما أن مقترح النواب لم يأت على ذكر الوسيلة البديلة لتحصيل قيمة الديون وخاصة الشيكات.

ووفق بيانات البنك المركزي الأردني، فقد ارتفعت القيمة المطلقة للشيكات المرتجعة العام الماضي في الأردن الى 2.4 مليار دولار وبما نسبته 7 في المائة بالمقارنة مع قيمتها للعام 2017.

وقال النائب جمال قموة لـ "العربي الجديد" إن مطالب النواب بإلغاء حبس المدين تأتي في ضوء ارتفاع حالات التعثر عن سداد الدين في السنوات الأخيرة بسبب الأوضاع الصعبة التي يمر بها المواطن الأردني.

وأضاف أن ارتفاع قيمة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد تؤشر الى حجم المشكلة في الأردن وبالتالي لا بد من ايجاد آلية تضمن حقوق أصحاب الديون وفي ذات الوقت إلغاء حبس المدين. واستثنت الحكومة والبرلمان العام الماضي، قضايا الشيكات من دون رصيد من قانون العفو العام، إلا في حال التسوية مع الدائن وإسقاط القضية.

ولفت النائب قموة إلى أن البرلمان معني بتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن، لكن في الوقت ذاته تحصين حق الدائن بالحصول على حقوقه المالية.

واعتبر فتحي الجغبير رئيس غرفة صناعة الأردن أن هذا التوجه يحمل مضرة كبيرة للقطاعات الاقتصادية المختلفة. وأضاف أن "الشركات الصناعية تضمن حقوقها من خلال سيادة القانون وعقوبته المتمثلة بالحبس وبالتالي في حال منع حبس المدين سيرتفع حجم الشيكات المرتجعة وستتحمل الشركات خسائر مالية". واقترح الجغبير أن يتم تقسيم قيمة الدين إلى فئات ومن ثم النظر بحجم العقوبة، إذ إنه من غير المعقول أن تتم محاسبة من عليه 1400 دولار كمن عليه 1.4 مليون دولار.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن عبارة حبس المدين تحوي غموضاً، على اعتبار أنها تعني الوفاء بالالتزامات التي يكون طرفاها على بيّنة منها. وعدم توفرها يمكن ان ينجم عنه شيوع حالة من الفوضى. وأضاف عايش أنه في بعض الحالات لا داعي لحبس المدين وذلك لوجود عسر مالي مفاجئ وطارئ مع توافر النية بالسداد والوفاء بالتزاماته وعندها يمكن القول ان هناك ما حال دون وفائه بالتزامه.

وبين أن إعفاء المدين بالمطلق من العقوبة، يعتبر تجاوزا على العلاقة المتبادلة بين أطراف هذا الدين من جهة ويمهد لأشكال من الاستخدام غير الصحيح للإعفاء من الحبس من أصحاب النوايا السيئة للاستفادة من هذا التعديل".

ورأى عايش أن "إلغاء حبس المدين قد يفتح بابا لاستغلال المستثمرين القادمين إلى الأردن واستغلال التجار الذين يعانون من تعثر الحركة التجارية، الأمر الذي قد يوفر للبعض منهم الاستفادة من هذه الحالة والحصول على سلع وخدمات ومنتجات مقابل شيكات لا يفون بها.

وبالتالي نضع الحركة التجارية والاقتصادية في مأزق من الصعب السيطرة عليه لاحقاً".
واقترح أن يتم إدراج الاشخاص المتهربين عن السداد والمستفيدين من هذه الحالة ضمن سجلات لتقنين هذا القانون بما يخدم أهدافا اقتصادية واجتماعية وليس فقط لصالح طرف على حساب طرف آخر.

وتجاوزت مديونية الأفراد في الأردن 14 مليار دولار غالبيتها للبنوك، إضافة إلى مبالغ كبيرة لصالح مؤسسات إقراض مالية أخرى. وقال عضو غرفة تجارة الأردن علاء ديرانية لـ “العربي الجديد " إن غالبية التعاملات التجارية في الأردن كحال الدول الأخرى تتم بواسطة الشيكات المؤجلة أو الكمبيالات.

واعتبر أن إلغاء عقوبة حبس المدين ينطوي على مخاطر كبيرة من أهمها عدم التزام البعض بسداد الذمم وبالتالي تأثر النشاط الاقتصادي وعدم قدرة مختلف القطاعات على الوفاء بالتزاماتها للجهات الأخرى، إضافة إلى توقف عمليات الإقراض والبيع بموجب كمبيالات أو شيكات مؤجلة.
المساهمون