- أشار المرصد العمالي الأردني إلى أن التجارب الدولية لمثل هذه القرارات قد لا تحقق النتائج المرجوة، وقد تؤدي إلى تسريح العمالة، مما يتعارض مع الحاجة لزيادة العمالة ورفع الأجور.
- دعا الخبراء لتقييم القرار بدقة والبحث عن حلول بديلة، مثل السماح لبعض المحلات بالعمل لساعات أطول بأسعار كهرباء أعلى، لتحقيق التوازن بين مصالح الجميع.
فيما تتجه غرفة تجارة الأردن وأمانة العاصمة الأردنية عمّان لتطبيق قرار إغلاق المحلات التجارية بوقت محدد مساء، فقد أطلق خبراء ومختصون تحذيرات من الآثار السلبية التي ستلحق بآلاف العاملين في مختلف المنشآت، ما يؤدي إلى تراجع مستويات المعيشة لعدد كبير من المواطنين وارتفاع معدل البطالة.
ويعتمد عدد كبير من الأردنيين على العمل مساء لتحسين دخلهم، وتلبية الحد الأدنى من احتياجات أسرهم، وترى المنشآت والقطاعات الاقتصادية والخدمية في تشغيلهم فرصة لإدامة أعمالها بكلف تشغيلية أقل، نتيجة قبول البعض العمل بالساعات وجزئياً.
وكانت غرفة تجارة عمان والعاصمة عمان قد اتفقتا مؤخراً على إلزام المحلات التجارية بإغلاق أبوابها في ساعة محددة من الليل، استناداً إلى دراسات قالت إنه يحقق فوائد للقطاع التجاري ويخفض فاتورة استهلاك الكهرباء ومعالجة الازدحام المروري الذي يمتد لساعات متأخرة من الليل بخاصة في وسط المدينة.
وسيجري تطبيق الاتفاق حسبما أعلنت الجهتان مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وعلى قطاعات تجارية محددة في المرحلة الأولى، على أن تُعمم الفكرة على باقي المحافظات بعد تقييمها.
المرصد العمالي الأردني (مؤسسة مجتمع مدني) وفي دراسة تشخيصية له حول الاتفاق، قال نقلاً عن خبراء إن التجربة الدولية تخلص إلى أن مثل هذه القرارات قد لا تحقق النتائج المرجوة، وقد تؤدي إلى آثار عكسية، وهناك أهمية لإعادة النظر بالقرار وتقييمه ودراسته بشكل جيّد، والبحث عن حلول بديلة تحافظ على مصالح العاملين بالمحلات وأصحابها.
ويشكل طلبة الجامعات وموظفو القطاع العام في الأردن النسبة الأكبر من المشتغلين مساء في المنشآت الاقتصادية، لتحسين أوضاعهم المعيشية، وتلبية احتياجاتهم الدراسية، بسبب سوء أحوال أسرهم المالية.
وتناول المرصد العمالي حالات ستتأثر بالقرار مباشرة، يعيش الشاب الجامعي أمجد، كغيره من آلاف الطلبة بالعاصمة عمّان، حياة مزدوجة بين مقاعد الدراسة ومتطلبات الحياة اليومية. يقول أمجد إنه يعمل بأحد المحلات التجارية بعمّان، ويبدأ عمله عند الساعة الرابعة عصراً، ويستمر حتى منتصف الليل، ليكسب مبلغاً يساعده على تغطية جزءاً من مصاريف دراسته الجامعية.
لكن أمجد، حسب المرصد، متخوف من أن يفقد عمله، وسط أحاديث عن تطبيق قرار إغلاق المحلات التجارية في وقت محدد، وستتغير حياته إذا انخفضت ساعات عمله، فكل ساعة عمل يتقاضى لقائها ديناراً ونصف دينار، وهو مبلغ قد يبدو بسيطاً للبعض إلا أنه يمثل جزءاً كبيراً من دخله الضيق.
ويخشى أمجد ألا يتمكن من تغطية مصاريف دراسته، كما أنه يخشى على مستقبله المهني. فالعمل في المحل التجاري ليس مجرد مصدر دخل له، بل هو فرصة لجمع أقساط دراسته الجامعية وتعلّم مهارات جديدة واكتساب خبرة عملية.
الخبير الاقتصادي منير ديّة، حذر من الآثار السلبية المتوقعة من تطبيق القرار في الأردن بقوله إن القرار من شأنه أن يؤثر سلباً وبشكل مباشر في العاملين بتلك المحلات وفي أصحابها أيضاً، ما يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة وانخفاض الأجور.
وأضاف أن تقليل ساعات العمل في المحلات التجارية يعني بالضرورة تسريح عدد كبير من العاملين بتلك المحلات، وبخاصة أولئك الذين يعملون خلال ساعات الليل. وهو ما يتعارض والحاجة إلى زيادة العمالة والموظفين وزيادة ساعات العمل لرفع الأجور، ويحرم آلاف الموظفين من الدخل الإضافي.
وأشار إلى أن انخفاض أجور العاملين بالمحلات في الأردن سيؤثر سلباً بمستواهم المعيشي، ويقلل من النشاط الاقتصادي، وسيزيد أعداد العاطلين عن العمل، ويهدد آلاف الموظفين بفقدان وظائفهم.
وقال إن تطبيق القرار سيفرض التزامات إضافية على أصحاب المحلات التجارية المخالفين، ما قد يدفعهم إلى إغلاق محلاتهم، بسبب انخفاض المبيعات، وزيادة الكلف بفرض المخالفات عليهم.
ودعا الخبير أبو دية لإعادة النظر في القرار، والبحث عن حلول بديلة تحافظ على مصالح العاملين وأصحاب الأعمال، وتدعم الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الصعبة وارتفاع معدلات البطالة. فيما لم تسفر عن نتائج إيجابية تجربة الدول التي طبقت سياسات مشابهة للقرار.
رئيس المرصد العمالي، أحمد عوض، قال لـ"العربي الجديد" إن هنالك أعداداً كبيرة من العاملين في الفترة المسائية وسيتضررون بشكل كبير من إغلاق المحلات التجارية، وخاصة الطلاب وذوي الدخل المتدني، ما ينجم عنه تسريح أعداد كبيرة من العاملين في المنشآت التجارية، إضافة إلى أن غالبية الأفراد تميل إلى التسوق مساء بعد انتهاء أعمالهم اليومية.
وأضاف أن مثل هذه القرارات يجب أن توازن إيجابياتها وسلبياتها، والاتجاه للأقل ضرراً على المواطنين والاقتصاد، مشيراً إلى أن التسوق بالنسبة لكثير من القطاعات التجارية ينشط ليلاً، بخاصة محلات الأثاث والألبسة والمطاعم وغيرها.
الخبير الاقتصادي، حسام عايش، أكد أهمية أن ينظم القرار الحركة التجارية داخل الأسواق، ويحول المحلات إلى مؤسسات تعمل بساعات محددة، كما مؤسسات الدولة التي تعمل بساعات محددة. لكنه قال إن تقليل ساعات العمل قد يؤدي إلى تسريح عدد من العاملين، وبخاصة الطلاب الذين يعملون بدوام جزئي، مما سيؤثر في دخلهم ومستواهم المعيشي.
وقال ربما يجد المواطنون صعوبة في التعود على نظام العمل الجديد، بخاصة أنهم اعتادوا على التسوق في أوقات مختلفة، أو يشعر العاملون وأصحاب المحلات التجارية بأن هناك نوعاً من التقييد على حركتهم، ما يؤثر سلباً بنفسيتهم وكفاءتهم وإيراداتهم .
القرار قد يؤدي إلى عدة نتائج غير متوقعة، منها قد تشهد الشوارع ازدحاماً قبل وقت الإغلاق، أو التأثير بمحلات أخرى لم يشملها القرار، وهذه منافسة غير عادلة.
ودعا لتقييم القرار بشكل دقيق قبيل تطبيقه، والبحث عن حلول بديلة تحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف، وإجراء دراسات معمقة لتحديد الآثار المترتبة عند تطبيق القرار إذ يجب أن ينظر إليه بوصفه جزءاً من منظومة أكبر لتنظيم النشاط التجاري والخدمي، وأن الهدف منه هو تحسين مستوى المعيشة للمواطنين وتنظيم حركة المرور.
واقترح عايش بعض الحلول البديلة، مثل السماح لبعض المحلات بالعمل لساعات أطول بأسعار كهرباء أعلى، أو تطبيق نظام دوري للعمل يسمح لجميع المحلات بالعمل لساعات أطول على مدار العام.
رئيس غرفة تجارة الأردن، خليل الحاج توفيق، حسبما نقل عنه المرصد العمالي، قال إن الغرفة أجرت دراسة على تأثير القرار وتبين عدم وجود تأثير مباشر في العاملين بالمحلات التجارية التي قد يشملها القرار عند تطبيقه، ومن الصعب حصر أعداد العاملين لأن بعضهم لديه اشتراك ضمان اجتماعي والبعض منهم ليس لديه (عمالة غير منتظمة).