ترامب يأمر والسعودية تنفذ: هكذا زادت المملكة إنتاجها النفطي مليون برميل يومياً

27 نوفمبر 2018
خلال لقاء ما بين ترامب وبن سلمان (Getty)
+ الخط -
زادت السعودية إنتاجها النفطي مليوناً و112 ألف برميل يومياً منذ مطلع العام الحالي، هذا ما خلص إليه رصد أجراه "العربي الجديد" لبيانات منظمة "أوبك" في 2018. 

وارتفع إنتاج المملكة من 9 ملايين و988 ألف برميل يومياً في كانون الثاني/ يناير 2018، ليصل إلى 11 مليوناً و100 ألف برميل (بأدنى تقدير من قبل رويترز)، في نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.

واقع يفسّر واحدا من أسباب انهيار أسعار النفط وسط انخفاضات متتالية وصلت إلى 20 في المائة خلال الفترة الماضية. وتقود السعودية زيادة إنتاج النفط، بما يتناقض مع حاجة السوق الدولية التي يحذر غير تقرير متخصص بأنها تتجه نحو تخمة في المعروض وتراجع في الطلب. 

ويعاكس الدور السعودي الأوضاع الداخلية للمملكة التي تشهد أزمات مالية متعاقبة، وتحتاج وفق محللي الاقتصاد إلى دعم نفطي من خلال زيادة الأسعار، لتعزيز الإيرادات، لكن، يبدو أن حسابات السعودية لا تراعي السوق الدولية من جهة ولا مصالحها السيادية في تسخير ثروتها النفطية لدعم اقتصادها المأزوم من جهة أخرى، فالأساس هو إشارة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

رصد "العربي الجديد" تغريدات ترامب خلال الأشهر الماضية، التي طاولت تحديداً إنتاج أوبك النفطي، وخص فيها السعودية بشكرها على خفض الأسعار، بالتزامن مع تصاعد إنتاج المملكة من النفط خلال الفترة ذاتها.

إنتاج على وقع "التغريدات"

كان إنتاج "أوبك" من النفط قد حقق في يناير/ كانون الثاني من العام الحالي 32.274 مليون برميل يومياً، وكان إنتاج السعودية حينها 9 ملايين و988 ألف برميل يومياً. 

في فبراير/ شباط الماضي انخفض إنتاج أوبك إلى 32.086 مليون برميل، بالتزامن مع تراجع طفيف بإنتاج السعودية إلى 9.950 ملايين برميل يومياً. في مارس/ آذار انخفض إنتاج أوبك إلى 31.887 وكذا انخفض إنتاج المملكة إلى 9.912 ملايين برميل يومياً.

وصولاً إلى أبريل/ نيسان، حيث انخفض إنتاج أوبك إلى 31.834 مليون برميل يومياً، ولكن ارتفع إنتاج السعودية إلى 9.898 ملايين برميل يومياً.

وفي مايو/ أيار، بدأت ضغوطات ترامب الداعية لخفض الأسعار، خلال استعداداته لخوض الانتخابات النصفية الأميركية من جهة، وفرض العقوبات الاقتصادية والنفطية على إيران من جهة أخرى. حينها زاد إنتاج أوبك إلى 32.129 مليون برميل يومياً، كما ارتفع إنتاج السعودية إلى 10 ملايين و17 ألف برميل يومياً.


 
ووصل إنتاج "أوبك" النفطي في يونيو/ حزيران الماضي إلى 32 مليوناً و282 ألف برميل يومياً، بالتزامن مع ارتفاع إنتاج المملكة إلى 10 ملايين و431 ألف برميل يومياً.
في 30 يونيو/ حزيران، أعلن ترامب عبر تغريدة على تويتر أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على زيادة إنتاج النفط، إثر مكالمة هاتفية بينهما. وأتى ذلك بعد أسبوع من إعلان أوبك رفع الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا اعتبارا من تموز/يوليو.

ثم لحقت هذه التغريدة، واحدة أخرى من ترامب، في 4 يوليو/ تموز، حين قال: "على محتكري أوبك أن يتذكروا أن أسعار البنزين ترتفع وهم يقومون بقليل من المساعدة... لعلمكم هم يرفعون الأسعار بشكل مستمر في الوقت الذي تحمي فيه الولايات المتحدة كثيرًا من أعضاء المنظمة مقابل أموال قليلة جدًا. يجب أن يكون هذا طريقا في الاتجاهين. خفضوا الأسعار فورا".

وعلى وقع التهديد والوعيد، ارتفع إنتاج "أوبك" إلى 32 مليوناً و288 ألف برميل يومياً في
يوليو/ تموز، ثم 32 مليوناً و637 ألف برميل يومياً في أغسطس/ آب الماضي.

وفي حين كان إنتاج إيران وفنزويلا يشهد انخفاضات حادة، ارتفع الإنتاج في كل من العراق وليبيا والسعودية ونيجيريا والإمارات. 

وانخفض إنتاج السعودية إلى 10 ملايين و363 ألف برميل في يوليو، ليرتفع إلى 10 ملايين و404 آلاف برميل يومياً في أغسطس/ آب الماضي.

في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، قال ترامب عبر تويتر: "إننا نحمي دول الشرق الأوسط، إنهم لن يتمتعوا طويلا بالأمان من دوننا وهم يرفعون أسعار النفط أكثر وأكثر. تذكروا يجب أن تخفضوا أسعار النفط الآن".
لذا، في سبتمبر/ أيلول، ارتفع إنتاج أوبك 131.6 ألف برميل يومياً إلى 32 مليوناً و773 ألف برميل، بينها 108.4 آلاف برميل إضافي من السعودية وحدها، حيث ارتفع إنتاجها خلال هذا الشهر إلى 10 ملايين و502 ألف برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

كذا، أضافت الإمارات 30.3 ألف برميل يومياً خلال الفترة ذاتها. ودعم الارتفاع كل من ليبيا (103 آلاف برميل)، ونيجيريا (25.6 ألف برميل).

في أكتوبر، حقق إنتاج "أوبك" قفزة جديدة إلى 32 مليوناً و900 ألف برميل يومياً، ورفعت السعودية إنتاجها إلى 10 ملايين و630 ألف برميل يومياً، بزيادة 127.3 ألف برميل بين سبتمبر وأكتوبر، كما زادت الإمارات 141.7 ألف برميل يومياً خلال الفترة ذاتها.

إنتاج سعودي قياسي

لم يتوقف التنسيق الأميركي السعودي في السيطرة على السوق النفطية وأسعارها تلبية لرغبة 
ترامب. ها هي السعودية خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي تحقق رقماً قياسياً في الإنتاج. 

إذ أعلن مصدر بقطاع النفط يوم الاثنين الماضي أن إنتاج السعودية من الخام ارتفع إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في نوفمبر/ تشرين الثاني، مع تزايد الضغط الذي يمارسه ترامب على المملكة للإحجام عن خفض الإنتاج في اجتماع أوبك الأسبوع المقبل.

وأوضح المصدر المطلع أن إنتاج السعودية من النفط الخام بلغ ما بين 11.1 مليونا و11.3 مليون برميل يوميا في نوفمبر/ تشرين الثاني، لكن لن يتضح متوسط الإنتاج بالضبط لحين انتهاء الشهر.

وتزيد تلك المستويات عن أكثر من مليون برميل يوميا عن مستوى الإنتاج في أوائل 2018 حين كانت الرياض تخفض الإنتاج مع غيرها من أعضاء أوبك.

فعلياً، لا يعتبر التنسيق الأميركي - السعودي سرياً. وعودة إلى تغريدات ترامب خلال الشهر الحالي، يمكن تتبع مستويات هذا التنسيق، كذا أسبابه الاقتصادية من جهة ترامب، والسياسية - الحمائية من جهة السعودية بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول، وتوجيه أصابع الاتهام نحو ولي العهد محمد بن سلمان، ودفاع ترامب المتواصل عنه.

في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني قال ترامب، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن "أسعار النفط تتراجع. عظيم! مثل تخفيض ضريبي كبير لأميركا والعالم. 54 دولاراً (لبرميل النفط) كانت 82 دولاراً. شكرا للسعودية، ولكن دعونا نذهب إلى أسعار أقل".

وأضاف ترامب، في تغريدة أخرى: "لنجعل أميركا عظيمة مجددا".

وكان ترامب قال في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني: "آمل ألا تخفض السعودية وأوبك إنتاج النفط، فأسعار الخام يجب أن تكون أقل استناداً إلى المعروض".

ولم يفت على ترامب أن يمتدح نفسه، حين قال في تغريدة في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني: "من الرائع أن أسعار النفط تنخفض، شكرا للرئيس ترامب، أضف ذلك إلى أخبار اقتصادية سارة أخرى مثل تراجع كبير في الضرائب، تباطؤ وتيرة التضخم، هل تسمع أيها الاحتياطي الفيدرالي".  


ترامب و"أميركا أولاً"

وكانت السعودية قررت زيادة الإمدادات كثيرا في يونيو/ حزيران استجابة لدعوات من زبائنها، بمن فيهم الولايات المتحدة والهند، للمساهمة في خفض أسعار النفط ومعالجة نقص المعروض بعدما فرضت واشنطن عقوبات على إيران.


لكن الخطوة أتت بنتائج عكسية على الرياض بعدما فرضت واشنطن عقوبات أخف من المتوقع على طهران. وأثار ذلك مخاوف من حدوث تخمة معروض، وهبطت الأسعار كثيراً.

وأشارت مصادر بقطاع النفط السعودي إلى أنها تريد بقاء الأسعار فوق 70 دولارا للبرميل.

وساند ترامب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم دعوات الكثير من الساسة الأميركيين لفرض عقوبات قاسية على الرياض. ويقول مراقبون للشأن السعودي، وفق رويترز، إن ولي العهد سيسعى لتجنب المواجهة مع واشنطن، بما في ذلك على صعيد أسعار النفط.

المساهمون