تهاوت الليرة السورية قبيل دخول "قانون قيصر" حيز التنفيذ، وسط تسارع لموجات الغلاء، بينما يتخوف كثيرون من تفاقم الصعوبات المعيشية، بعد تطبيق العقوبات الأميركية، فيما يفلت نظام بشار الأسد منها.
ووصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية، الثلاثاء، إلى 2700 ليرة، بزيادة تبلغ نحو 200 ليرة عن اليوم السابق عليه.
ويرجح المحلل الاقتصادي، علي الشامي، أن تؤدي العقوبات إلى محاصرة حلفاء النظام ومعاقبتهم ما يزيد الحاجة للدولار ويفقد الليرة مبررات بقائها على قيد التداول، حيث يعد تنفيذ قانون قيصر بمثابة الضربة الرابعة التي تتلقاها العملة السورية منذ مطلع العام الجاري، والتي كانت تبلغ حينها بنحو 900 ليرة للدولار.
ويوضح الشامي أن الضربة الأولى جاءت من لبنان بعد الاحتجاجات الواسعة على تردي الظروف المعيشية وامتناع المصارف عن صرف الدولار، ما عطل عمليات التجارة وقلل من طرح الدولار بالسوق السورية، لأن إيداعات السوريين في لبنان تقترب من 30 مليار دولار، بينما جاءت الضربة الثانية عبر مراسيم بشار الأسد التي منعت التعامل بغير الليرة، ما أفقد السوق السورية معظم التحويلات الخارجية التي كانت لا تقل عن 5 ملايين دولار يومياً، لتأتي الضربة الكبرى نتيجة الخلاف بين بشار الأسد وابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، الذي جرى التحفظ على أمواله في المصارف ووضع اليد على بعض شركاته وملاحقته ضريبياً.
ومع تهاوي الليرة تشهد أسعار السلع المختلفة انفلاتا، ما ينذر بتردي الواقع المعيشي وتوجه السوريين إلى الشوارع في ثورة جياع، كما يحدث منذ أسبوع بمحافظة السويداء جنوب البلاد، بعد أن تعدى ارتفاع الأسعار أكثر من 30 في المائة خلال شهر، وفقدت الليرة السورية نحو 200 في المائة من قيمتها خلال العام الجاري.
وتزيد نفقات الأسرة السورية عن 450 ألف ليرة شهريا، بينما الأجور ثابتة عند 50 ألف ليرة، وفق بيانات رسمية، ما رفع نسبة الفقر إلى أكثر من 90 في المائة.
وتزداد المخاوف من أن يستثمر بشار الأسد العقوبات في إطالة أمد بقائه في السلطة، وفق الخبير الاقتصادي محمود حسين، الذي يرى أن " النظام سيتاجر بجوع السوريين وسيحاول حرف البوصلة وتسويق أن مشاكل السوريين إنما جاءت جراء العقوبات الأميركية".
وكانت الأمم المتحدة قد عبرت أخيراً عن قلقها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كافة أنحاء سورية إلى نسب تجاوزت الضعف عن العام الماضي. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: إن "أكثر من 11 مليون سوري بحاجة حالياً إلى مساعدة إنسانية عاجلة".
لكن أسامة قاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، يرى أن "قانون قيصر لن يمس أي قطاعات لها علاقة بالسوريين، لا أغذية ولا أدوية، بل سيستهدف كل ما يدعم نظام الأسد مالياً أو يساهم في استمرار آلته العسكرية وقتل وتهجير السوريين".
ويقول قاضي لـ"العربي الجديد" إن " نسبة الفقر في سورية تصل إلى 90 في المائة، إذ لا تعادل الأجور نحو 20 دولاراً شهرياً، في حين كانت قبل الحرب أكثر من 300 دولار، كما أن نسبة البطالة تزيد عن 80 في المائة، لذا هل قانون قيصر الذي لم يطبق بعد هو السبب في تردي تلك النسب، أم أن نظام الأسد هو سبب تهديم الاقتصاد السوري وتفقير الشعب".