إن لم نتفق أن "رأس المال جبان"، فعلى الأقل، علينا التوافق أنه حريص، يدرس المناخ الاستثماري والقوانين والأسواق، قبل أن يقدم على المجازفة وتأسيس شركة أو إقامة استثمار في بلد ما، وإلا سيكون، إن فعل من دون دراسات الجدوى تلك، أحمقاً أو موضع تشكيك.
يقول الخبر إن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحكومة بشار الأسد، أعلنت مصادقتها رسمياً على تأسيس 60 شركة جديدة، خلال نيسان الماضي، أسهم مستثمرون عرب وأجانب في تأسيس بعضها.
وبحسب عقود التأسيس، شارك نحو 25 مستثمراً من جنسيات مختلفة، منها اللبنانية والصينية والعراقية والإيرانية والسعودية والأردنية والفلسطينية، بتأسيس 16 شـركة جديدة تنوعت مجالات عملها بين القطاع الصحي، والتجارة، والاستثمار، والإعمار.
ومن بين تلك الشركات، بحسب الخبر، شركة "آل مبيريك" التي تعود ملكيتها لمستثمرين من الجنسية السعودية "جعفر عبد الله آل مبيريك وعبد الله جعفر آل مبيريك"، وشركة "شاميرا" التجارية التي أسسها أربعة مستثمرين من الجنسية الإيرانية، وشركة "زونغ كي" التي أسهم بتأسيسها مستثمران صينيان.
وطبعاً، إلى جانب مستثمرين سوريين، ربما أكثرهم لفتاً للانتباه وزير الاقتصاد وحاكم مصرف سورية المركزي السابق أديب ميالة، وأحد وجوه النظام السوري خضر علي طاهر، المعروف في سورية بإجرامه واتساع سطوته بعد أن أجبر وزير داخلية الأسد، محمد خالد رحمون، على التراجع عن قرار عدم التعامل مع "أبو علي خضر".
بعيداً عن التقليب بخلفية الأسماء، السورية والعربية والأجنبية، أليس من المستغرب أن تسجل سورية إقبالاً على تأسيس الشركات، لتبلغ 258 شركة جديدة خلال العام الجاري فقط، وهي المفلسة دولةً والراكدة اقتصادياً والمهددة دولياً، خاصة مع اقتراب تطبيق قانون "قيصر" الذي سيجرّم حتى من يتعامل مع نظام الأسد، أم ثمة سذاجة بالطرح من دون التمحيص بأسماء المستثمرين وجنسياتهم وتخصص أعمالهم؟!.
حين الرجوع لتخصص الشركات ورساميلها التأسيسية على الأقل، يلحظ أي متفحص أنها أقرب لـ"الخبطة الواحدة"، بمعنى أن صفقة تجارية واحدة يمكن أن تعود على الشركة بأكثر من رأس المال.
فإن علمنا أن رأسمال شركة الوزير وحاكم المركزي السابق هو 10 ملايين ليرة، أي أقل من 6300 دولار، وشركة السيد الوزير "إيكونوموس للاستشارات المالية" تعمل بالاستيراد والتصدير، فضلاً عن غطاء "الدراسات والاستشارات المالية"، فسيزول أي عجب وتتلاشى جميع الأسئلة المتعلقة بإقدام الرساميل على تأسيس شركات بسورية الأسد وهي تترنح ما قبل الانهيار.
هذا إن لم نأت طبعاً على عقود يمررها أصحاب الجنسيات الأجنبية، على اعتبار أنهم خارج العقوبات الدولية على نظام الأسد، وأبواب وحدود الجوار مشرعة لإدخال كل ما يحتاجه الأسد، وإلا كيف تستمر طهران والإمارات ومصر برفد نظام الأسد بما يحتاج، من نفط وسلع طاولتها العقوبات الأوروبية ووزارة الخزانة الأميركية.
نهاية القول: أن تهرب الاستثمارات والرساميل السورية خلال الحرب، بعد الإتاوات والاستهداف وتحول المناخ السوري إلى طارد وخطر، وأن تزيد الصعوبات والمخاطر بوجه المستثمرين ورجال الأعمال السوريين، بواقع تخلف القوانين والتشريعات وغياب المحاكم الخاصة بالقضايا التجارية، وبالوقت نفسه، نرى إقبالاً عربياً ودولياً على الاستثمار وإن المزيّف، رغم تبوء سورية الأسد المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر مخاطر الاستثمار في العالم، فلذلك حسابات وأهداف تتعلق بكل شيء، إلا بالتجارة والأخلاق ومساعدة السوريين.