عقبات تعترض خطط بيع الغاز الإسرائيلي لأوروبا والعرب

31 يوليو 2015
نتنياهو سعى في قبرص إلى الهيمنة على حقل عشتار(Getty)
+ الخط -
تزايدت الشكوك، في الآونة الأخيرة، حول جدوى تصدير الغاز الإسرائيلي، واحتمالات حصول مشروعات صناعة الغاز على التمويل المطلوب، سواء من البنوك العالمية أو حتى من المجموعة الأوروبية التي تسعى إلى شراء هذا الغاز.
وحسب متابعين للملف، فإن أسعار الغاز الطبيعي تتجه نحو الانخفاض في أعقاب التطورات الأخيرة في صناعة الغاز العالمية، والتي شهدت تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة. وطبقا لهؤلاء، فإنه من المقدر أن تصل صادرات الغاز الصخري الأميركي إلى الأسواق العالمية، وأن تتدفق بكميات كبيرة في بداية العام المقبل.
كما أن إنتاج الغاز الصخري الصيني سيقلل من واردات الصين من الغاز، خلال العقد المقبل، أي ما بعد عام 2020.
وإذا أضيف إلى هذه العوامل احتمالات تطوير الغاز الإيراني، خلال السنوات القليلة المقبلة، تكون دائرة الخناق اكتملت على احتمالات وصول الغاز الإسرائيلي إلى العالم الخارجي، وتحديداً إلى أوروبا. ولكن يلاحظ حتى قبل تكاتف هذه العوامل أنه كانت هناك شكوك في جدوى تبرير كميات الغاز الإسرائيلي القابل للاستخراج لكلف الإنشاءات الضخمة الخاصة بالتصدير.
في هذا الصدد يقول إيغور ترانك، خبير الطاقة في مركز السياسات الأوروبية، في تعليقات لنشرة ناتشرال غاز يوروب "تقديرات موارد الغاز في إسرائيل وقبرص ليست كبيرة، مقارنة بالطلب الأوروبي على إمدادات الغاز".
ويقدر ترانك احتياطات الغاز الإسرائيلي بحوالى 1000 مليار متر مكعب، في أفضل التقديرات.
ومن بين هذه الكميات، ترغب إسرائيل في الاحتفاظ بمعدل 60% منها للاستهلاك المحلي، وتصدير ما تبقى.
وفي أفضل الأحوال، تقدر مصادر غربية حجم الغاز الإسرائيلي المتاح للتصدير بحوالى 450 مليار متر مكعب. لكن نشرة "ناتشرال غاز يوروب" تقول إن الكميات القابلة للاستخراج حتى الآن تقدر بحوالى 223 مليار متر مكعب. وهذه كميات ضئيلة لا تصل إلى نسبة 1% من الاحتياطات القابلة للاستخراج عالمياً، أو حتى احتياجات أوروبا من الغاز.
وللمقارنة بين كميات الغاز الإسرائيلية، واحتياجات أوروبا من الغاز، يلاحظ أن دول الاتحاد الأوروبي، استوردت العام الماضي 2014، حوالى 150 مليار متر مكعب من الغاز الروسي.

وهذا يعني أن كل كميات الغاز الإسرائيلي القابلة للاستخراج، إذا صدّرت إلى دول الاتحاد الأوروبي، لا تغطي 70% من استهلاك أوروبا من الغاز لعام واحد. وبالتالي، فإن الشكوك التي يثيرها بعض خبراء الطاقة في بروكسل بشأن جدوى تمويل الاتحاد الأوروبي لأنبوب تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر قبرص ثم جزيرة كريت في اليونان، هي شكوك في محلها من الناحية العملية.
وتقترح خطط شركات الغاز الإسرائيلية وشركة نوبل الأميركية التي تمتلك حقول الغاز في إسرائيل وقبرص، مد أنبوب "إيست ميد"، أو أنبوب شرقي البحر المتوسط، بكلفة 5 مليارات يورو "حوالى 5.7 مليارات دولار".
لكن حسب دراسات المفوضية الأوروبية للطاقة، فإن هذا الأنبوب تعترضه عقبات فنية، لأن الخط المقترح يمر من قبرص عبر جزيرة كريت، حيث توجد مياه عميقة تعيق مد الأنبوب. وربما يعني ذلك محاولة مد الأنبوب عبر خط آخر، مما يرفع الكلفة فوق الجدوى بكثير.
ويشير الخبير ترانك إلى عقبات أخرى تعترض تمويل عمليات تطوير وإنشاءات تصدير الغاز الإسرائيلي، من بينها المخاطر السياسية في المنطقة، حيث تجعل هذه المخاطر البنوك العالمية مترددة في منح التمويل المطلوب من جهة، ومن جهة أخرى فإن عمليات تأمين التمويل ستكون مرتفعة حتى إذا منحت البنوك الدولية التمويل. ولإقناع أوروبا بجدوى التمويل تسعى إسرائيل إلى دمج غازها مع الغاز القبرصي.

اقرأ أيضا: الغاز في خدمة تحالفات إسرائيل بالمنطقة

وتسعى إسرائيل للسيطرة على الغاز القبرصي عبر شركة ديليك، التي تجري مفاوضات مع شركة نوبل الأميركية المالكة لحصة 70% من حقل عشتار في قبرص.
وكشفت مصادر أوروبية في صناعة الغاز، في مؤتمر باريس الأخير، أن ديليك تسعى لشراء 19.9% من حقل عشتار لتضيفها إلى الحصة التي تمتلكها مع شركة أفنر الإسرائيلية والبالغة 15%. وفي حال اكتمال هذه المفاوضات، فإن الشركتين الإسرائيليتين ستتملكان نحو 35% من عشتار.
وعبر هذه الحصة ستتمكن إسرائيل من الاستفادة من عضوية قبرص في الاتحاد الأوروبي للحصول على تسهيلات مالية لتصدير الغاز. كما أنها ستتمكن من تسويق غازها على أساس أنه "غاز قبرصي" إلى مصر، حيث إن المصريين يعارضون بشدة استيراد الغاز الإسرائيلي، لأنه يشكل تهديداً مباشراً للأمن المصري. ومن هذا المنطلق يمكن فهم التصريحات المصرية الرسمية الأخيرة التي قالت فيها إنها ستستورد الغاز من شركات، وليس من إسرائيل.


خيارات إسرائيل

لدى إسرائيل 3 خيارات لتصدير الغاز إلى العالم الخارجي، الأول إلى الدول العربية. وحتى الآن وقعت خطابات نوايا مع مصر والأردن، لكن رغم الخطابات، فإن الشعبين المصري والأردني يعارضان استيراد الغاز الإسرائيلي. ففي مصر تسعى حكومة عبدالفتاح السيسي إلى الالتفاف على الاعتراض الشعبي، بإعلانها استيراد الغاز من قبرص وعبر شركات. ولكن في الواقع فإن الشركات الإسرائيلية هي التي تتملك حصصا رئيسية في الغاز القبرصي، كما أن إسرائيل تسعى إلى تصدير غازها عبر قبرص.
وفي هذا الصدد جاءت المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيقوسيا مع الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسياديس، الثلاثاء الماضي، واتفقا خلالها على التعاون في مجال الغاز. ويرى محللون أن إسرائيل تسعى من خلال هذا الاتفاق إلى الهيمنة على الغاز القبرصي واستغلال نيقوسيا لتسويق الغاز الإسرائيلي.
ويذكر أن من بين العقبات الأخرى التي تعترض تمويل خطط تسويق الغاز الإسرائيلي، عقبات خاصة بمسألة الحدود والسيادة، حيث تتخوف البنوك العالمية والشركات من رفع قضايا ضدها من قبل دول عربية ترى أن إسرائيل لا تملك الحق في استغلال الغاز الموجود في مياه تدخل في نطاق سيادتها. ومن بين هذه الدول لبنان ومصر وفلسطين.
واعترف نتنياهو في تصريحاته في نيقوسيا بصعوبات تسويق غاز إسرائيل، حيث قال "نعتقد أنه بتعاوننا مع قبرص سنستطيع استخراج الغاز بمزيد من السهولة.. ونستطيع تسويقه بشكل أفضل بما فيه مصلحة بلدينا".
أما الخيار الثاني فهو تصديره إلى أوروبا، وتعترضه دراسات الجدوى، من حيث الكميات القليلة التي لا تبرر الإنفاق على منشآت التصدير. والثالث هو تصدير الغاز إلى تركيا. ويعتقد خبراء غربيون أنه أجدى الخيارات وأقلها كلفة، ولكن تعترضه العقبات السياسية، بسبب العلاقات المتوترة بين أنقره وتل أبيب.

اقرأ أيضا: قبرص تخذل مصر وتتعاون مع إسرائيل لتطوير حقول الغاز
المساهمون