لا يستطيع شخص إحصاء مليارات الدولارات التي خسرها العالم خلال أيام قليلة جراء انتشار فيروس كورونا في أكثر من 50 دولة، منها الصين وهونغ كونغ وإيران وإيطاليا وفرنسا.
لدرجة أن البعض بات يتعامل مع المليار دولار التي تخسرها دولة أو شركة ما جراء تداعيات الفيروس وكأنه مليون دولار، وربما أقل، بسبب ضخامة حجم الخسائر المتلاحقة التي تتكبدها الاقتصاديات المختلفة بسبب الفيروس القاتل.
ويوماً بعد يوم تتعمق تلك الخسائر، ولا أحد يستطيع التنبؤ بنهاية تلك الموجة الضخمة منها. وحسب الأرقام الأخيرة، فقد خسر أثرياء العالم أكثر من 440 مليار دولار الأسبوع الماضي فقط، وتعرضت البورصات العالمية لأكبر خسارة أسبوعية منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 قدرتها مؤسسات مالية بنحو 6 تريليون دولار.
وجاء في مقدمة الأثرياء الخاسرين جيف بيزوس مؤسسة شركة أمازون، الذي تراجعت ثروته بنحو 11.9 مليار دولار لتسجل 116 مليار دولار، كما فقد بيل غيتس وبيرنارد أرنو اللذان يحلان في المرتبتين الثانية والثالثة في قائمة أثرياء العالم نحو 10 و9.1 مليار دولار.
وفي التفاصيل خسرت البورصات الأميركية نحو 3.6 تريليونات دولار خلال شهر فبراير وحده، والأسهم الآسيوية 4.5 مليارات دولار، وصناديق أميركا اللاتينية 3.8 مليارات دولار.
أما بالنسبة إلى خسائر البورصات العربية، فحدّث ولا حرج. وتكفي الإشارة هنا إلى أن البورصات الخليجية تكبدت خسائر فادحة قاربت 76 مليار دولار، خلال تعاملات يوم الأحد فقط.
فقد انهارت مؤشرات الأسهم، وتدافع كبار المستثمرين والأفراد معاً نحو البيع العشوائي، في محاولة لتفادي مزيد من الخسائر الفادحة، والمحافظة على ما بقي لديهم من سيولة نقدية، خوفاً من اتساع نطاق الأضرار التي يخلفها فيروس كورونا الجديد بعد انتشاره سريعاً في دول الخليج.
وانهار مؤشر بورصة الكويت حيث خسر 10% من قيمته السوقية في يوم واحد، هو الأحد، ما دعا إداراتها إلى تعليق العمل بها، فيما خسرت البورصة المصرية 6% وسط حالة ذعر بين المستثمرين.
كذلك بلغت خسائر بورصات الخليج خلال شهر فبراير/شباط الماضي، نحو 150 مليار دولار، كان النصيب الأكبر منها للبورصة السعودية بنحو 82 مليار دولار، فيما تكبدت بورصة الكويت 3 مليارات دولار، ولا تزال خسائر القطاعات الاقتصادية في المنطقة متلاحقة، وخاصة قطاعات النفط والسياحة والتجارة الخارجية وصناعة السيارات والمعارض.
وبعد أن كان البعض يشيع أن كورونا ما هي إلا مؤامرة أميركية لضرب الاقتصاد الصيني المنافس القوي لاقتصاد الولايات المتحدة، بات الجميع على قناعة بأن الفيروس يصيب الجميع بلا استثناء، الصين وأميركا ومعهما باقي دول العالم، وأنّ من الصعب أن يفلت اقتصاد دولة من خسائره.
ببساطة، لقد خلط كورونا الأوراق، وأربك حسابات الحكومات، وغير القواعد التي تحكم أسواق النفط والطاقة وحركة التجارة والاستثمار والمواد الأولية، وبات هدف كل الدول حماية مواطنيها من الفيروس القاتل حتى لو أدى ذلك إلى حدوث خسائر فادحة.
لذا، أغلقت العديد من الدول حدودها ومطاراتها وسياحتها وأسواقها أمام مواطني الدول التي ينتشر فيها الفيروس، وهذا الإغلاق له تكلفته الباهظة على هذه الدول سواء على المدى القريب أو المتوسط، والتي باتت تظهر في شكل خسائر فادحة، وتراجع في إيرادات النقد الأجنبي بشكل أثّر سلباً على العملات المحلية.