تونس: الأسعار الحكومية تهدد زراعة الحبوب

03 مايو 2018
المزارعون يشكون من ارتفاع كلف الإنتاج (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت شكاوى المزارعين في تونس من مستويات الأسعار، التي تفرضها الحكومة على محاصيل الحبوب، معتبرين أنها ستدفع كثيرين إلى التحول نحو زراعات أكثر مردودية، ما يهدد الأمن الغذائي في البلاد.

وحددت وزارة الزراعة، في منشور لها الأسبوع الماضي، أسعار قبول القنطار الواحد من القمح الصلب بنحو 75 ديناراً (31.2 دولاراً) والقمح اللين بـ 54 ديناراً والشعير 50 ديناراً.

وقدرت الوزارة المساحات الإجمالية المقررة لزراعة الحبوب، خلال الموسم الزراعي الجديد 2017/ 2018 بنحو 1.4 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، وتنقسم هذه المساحة إلى قرابة 856 ألف هكتار في ولايات الشمال، ونحو 548 ألف هكتار في ولايات الوسط والجنوب.

لكن الإحباط بدا مسيطراً على المزارع فتحي الطرفاوي من الشمال، إذ قال لـ"العربي الجديد": "لا تبدو الأسعار مشجعة على مواصلة البذر في المواسم القادمة، فكل محاولات الضغط التي قامت بها منظمة المزارعين لإقناع الحكومة بتعديل أسعار الحبوب باءت بالفشل".

وأشار الطرفاوي إلى إصابة الفلاحين بحال إحباط بعد إعلان وزارة الزراعة عن عدم تعديل أسعار الحبوب والإبقاء على ذات الأسعار المعتمدة منذ أكثر من 3 سنوات.


وأضاف: "ضعف المردود المادي وهاجس الديون الذي يلاحق مزارعي الحبوب ولّدا في السنتين الماضيتين موجة هجرة نحو زراعات أكثر مردودية، على غرار الزيتون أو البقوليات"، معتبراً أن تقلّص مساحات الحبوب من عام إلى آخر يهدد الأمن الغذائي في البلاد.

واعتبر المزارع أن الأسعار المعتمدة لم تعد مجزية أمام ارتفاع في مدخلات الإنتاج ناهز 40%، مشيراً إلى أن أسعار المحروقات وحدها ارتفعت بأكثر من 20%، بخلاف الأسمدة والآلات الزراعية بفعل تراجع سعر الدينار مقابل العملات الأجنبية.

ويطالب اتحاد الفلاحة والصيد البحري (يمثل المزارعين) بزيادة لا تقل عن 20% في سعر قنطار الحبوب (يعادل 100 كيلوغرام)، معتبرة أن السعر المجزي لا يمكن أن يقل عن 100 دينار (41.6 دولاراً).

وقال شكري الرزقي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد، إن الاتحاد سيواصل مطالبة الحكومة بتعديل أسعار الحبوب لحماية المزارعين، مشيراً إلى أن الأسعار التي أعلنت عنها الوزارة مؤخراً تدفع بالقطاع إلى التهاوي في ظل مديونية مرتفعة للمزارعين.

ولفت الرزقي في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أهمية مراجعة الأسعار وإقرار حوافز للمزارعين قبل تهاوي المنظومة وتضرر قطاعات مرتبطة مثل إنتاج الحليب واللحوم.

وقال إن بناء منظومة زراعية يحتاج إلى نحو 20 سنة، بينما في المقابل لا يستغرق تفكيكها إلا بضع سنوات، في ظل وضع مناخي صعب وارتفاع كبير في كلفة الإنتاج وتراجع الاستثمارات في القطاع، مضيفاً أن هناك "تعنتاً حكومياً في عدم الاستجابة لمطالب المزارعين، في الوقت الذي تلجأ فيه سنوياً إلى السوق العالمية لتوريد حاجيات البلاد من الحبوب بالعملة الصعبة".


وفي مارس/ آذار الماضي توجه ديوان الحبوب التونسي (مؤسسة حكومية مكلفة بشراء الحبوب) إلى السوق العالمية لشراء نحو 67 ألف طن من قمح الطحين اللين و50 ألف طن من الشعير للتوريد من مناشئ عدة في مناقصة عالمية.

وتخصص تونس 600 مليون دينار (250 مليون دولار) سنوياً لتوريد الحبوب من قمح لين وصلب وشعير علفي، حسب ما أكده مؤخراً مدير التزويد بديوان الحبوب عبد الستار الفهري لوكالة الأبناء التونسية "وات".

وقال الفهري إن الكميات المستوردة سنوياً تقدر بنحو 1.7 مليون طن، موزعة بواقع مليون طن للقمح اللين، و400 ألف طن من الشعير العلفي، و300 ألف طن من القمح الصلب، مشيراً إلى أن فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا وأوكرانيا ورومانيا من أكبر الموردين لبلاده.
المساهمون