ومع قلة المياه من وقت لآخر، اضطر مزارعون في قرية كفر حجازي بمحافظة الجيزة، للجوء إلى زراعة "الجرجير والفجل والشبت والبقدونس" لمواجهة نقص المياه بصفة دورية، والاعتماد على آبار المياه الجوفية، كبديل، نتيجة عدم انتظام مياه الري في الترع والمصارف.
وقبل أيام، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دخول البلاد مرحلة الفقر المائي، وأنه سيعتمد على تحلية مياه الصرف الصحي والزراعي لمواجهة أزمة نقص المياه بعد فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، التي تسعى إلى تخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل خلف سد، مما قد يؤثر في حصة مصر المائية، حيث تبلغ حصتها من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
اعتراف السيسي بأزمة المياه، دفع المزارعين لتوقع الأسوأ، ويقول المزارع الثلاثيني محمد كرم إن الزراعة في مصر تسوء سنويا، لكن اعتزام الحكومة على بيع المياه للفلاحين، يعد أمرا كارثيا.
وتساءل كيف يتحمل المزارع كل هذه التكاليف من شراء أسمدة ومستلزمات الزراعة الأخرى، رغم أنه من أفقر فئات المجتمع، فهو يستأجر فدادين يزرعها بالخضراوات المختلفة، حيث تصل تكلفة زراعة كل فدان إلى نحو خمسة آلاف جنيه، فهذا الاقتراح ببيع المياه يدفع الفلاح للانتحار، مشيرا إلى أن النباتات تموت من حين لآخر بسبب نقص المياه، وهو ما يضطره للجوء إلى المياه الجوفية، لكنها تسبب أضرارا كبيرة بالتربة.
ورفض كرم، فكرة تحلية مياه الصرف الصحي، مؤكدا أن صحة الإنسان المصري، غير جيدة فهو يعاني أمراضا عدة بسبب المياه غير النقية التي تصل إلى المنازل، والتي تسببت في إصابة الآلاف من الموطنين بمرض الفشل الكلوي، فكيف يتم الاعتماد على مياه الصرف كعامل أساسي وبديل عن نهر النيل.
بدوره، يتساءل المزارع متولي إسماعيل عن نوعية المحاصل التي ستزرع مع ندرة مياه النيل، داعيا الحكومة إلى التفكير في هذا الأمر قبل طرح بيع مياه الري أو تحلية مياه الصرف الصحي.
وأضاف أن البيع يعد خطوة نحو القضاء على الزراعة، لا سيما وأن المزارع يعاني من ارتفاع أسعار المبيدات والبزور والتسوق والأسمدة، بالإضافة إلى نوعية المحاصيل المحددة زراعتها، متوقعا أن بيع المياه يعني تبوير الأراضي الزراعية في مصر.
ويكمل إسماعيل أنه من الممكن أن يتم ري الأراضي غير المزروعة بمياه الصرف الصحي المحلاة، ولا يمكن استخدامها في ري النباتات لأنه يعد خطأ كبيرا، كما لا يمكن أن يستخدمها الإنسان في الشرب، الأمر الذي يتطلب تركيب فلاتر في كل البيوت المصرية، وهو ما يعجز عنه كثيرون، مما يتسبب في إصابتهم بالعديد من الأمراض.
بينما يرفض أحمد رجب المقترحين المتعلقين ببيع مياه الري أو الاعتماد على مياه الصرف الصحي في الشرب أو الاستخدام بشكل عام، ويقول: "نواجه معاناة كبيرة في الزراعة تهدد بتلف المحاصيل وبوار تلك الأراضي، بسبب نقص المياه في الوقت الراهن، فما بالك عندما نواجه الكوارث المتعاقبة التي أعلنت عنها الحكومة أخيرا، خاصة وأن تلك المهنة هي مصدر الرزق لكثير من الأسر".