سورية: حرب مياه بين أطراف الصراع

18 ابريل 2021
الكثير من روافد المياه غير صالحة للشرب بسبب عدم معالجتها بشكل صحي (فرانس برس)
+ الخط -

استغل نظام بشار الأسد شرايين المياه لخنق معارضيه في العديد من المناطق السورية خلال السنوات الماضية، لينتقل الأمر ذاته إلى أطراف النزاع الأخرى التي استغلت روافد عدة في صراعها بالبلد الذي تمزقه الحرب.

وبسبب الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية، أصبحت القدرة على توفير المياه تمثل التحدي الأبرز في حياة السوريين، فقد انخفضت كميات المياه إلى نصف ما كانت عليه قبل عام 2011، بحسب تقرير للأمم المتحدة صادر في أغسطس/ آب 2015، لافتاً إلى استخدام أطراف الصراع المياه لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

يقول عبد الرزاق فرج العليوي، مدير دائرة صيانة مشاريع حوض الفرات سابقاً في محافظة الرقة وعضو الهيئة السياسية للمحافظة إن "النظام السوري تحكم في المصادر المائية بشتى أنواعها؛ السطحية والجوفية، ووزّع محطات ضخ مياه الشرب والري بطريقة تمكّنه من قطع أوصال المدن السورية متى شاء وتعطيش وتجويع أهلها".

وأضاف العليوي لـ"العربي الجديد" أنه بعد سيطرة الثوار على كامل محافظة الرقة وريف حلب قامت الكوادر الوطنية في المؤسسات المعنية بتشغيل المشاريع لإمداد الناس بمياه الشرب والري والكهرباء بالتعاون مع الثوار، ولكن النظام قصف سد الفرات أكثر من مرة والمحطات والمؤسسات ذات الشأن لتعطيل هذه الخدمات لشل الحياة المدنية تماماً.

وأوضح أن العجز المائي العام للدولة السورية كان 3 مليارات متر مكعب سنوياً قبل الثورة، ولكن من المتوقع أن يصل إلى نحو 8 مليارات متر مكعب سنوياً حالياً، موضحاً أن سبب العجز هو تحكم سلطة الأمر الواقع المتمثلة بمليشيات قسد في معظم الموارد المائية السورية السطحية والمتمثلة بنهر الفرات وبحيراته الثلاث وسدوده واستنزافها الجائر للمخزون المائي الاستراتيجي في البحيرات بغية توليد الطاقة الكهربائية وبيعها للنظام السوري.

وتابع العليوي "قسد مارست عملية إفقار ممنهجة لشعب المنطقة الشرقية من خلال قطع مياه الري لكثير من المشاريع تحت حجة عدم توفر المياه بسبب نقص الوارد المائي من الدولة التركية لتلقى بالتهمة على الأخيرة لتبرير هذه الجريمة بحق السوريين، وفي نفس السياق يقوم نظام بشار الأسد بعملية استنزاف ممنهجة للمياه الجوفية من خلال حفر آبار خارج الخطة المعمول فيها وفق الدراسات الهيدرولوجية للخزان المائي الجوفي السوري مما أدى لنضوب الكثير من الينابيع والمصادر المائية في كثير من المناطق".

واعتبر أنه رغم هجرة الكثير من سكان سورية كلاجئين في دول الجوار والدول الأوروبية، حيث يقدر عددهم بنحو 12 مليون لاجئ، إلا أن شح المياه أضحى يهدد البيئة الزراعية والرعوية والثروة الحيوانية بدمار حقيقي، بجانب العطش الذي يتوقع أن يطاول معظم السوريين وبالأخص سكان المنطقة الوسطى ودمشق.

وبجانب شح المياه، أصبحت الكثير من الروافد غير صالحة للشرب، بسبب عدم معالجتها بشكل دقيق وصحي، لسوء الأوضاع على جميع الأصعدة بسبب سنوات الحرب.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن خسائر قطاع المياه تقدر بمئات ملايين الدولارات، وصار نحو ثلثي السوريين يحصلون على المياه من مصادر تتراوح درجة خطورتها بين المتوسطة والعالية، وانخفض معدل توفر المياه من 75 لتراً لكل شخص يومياً إلى 25 لتراً.

وقال زاهر هاشم، الصحافي المتخصص في قضايا البيئة، إن النظام السوري استخدم المياه كسلاح حرب، للضغط على معارضيه، من خلال اتباع سياسة تعطيش المناطق المحاصرة والخارجة عن سيطرته والقطع المتعمد لإمدادات مياه الشرب والمياه المستخدمة في الزراعة.

وأضاف هاشم أن توقف محطات معالجة وضخ المياه عن العمل، نتيجة عدم توفير الوقود والكهرباء أيضاً، أسفر عنه زيادة انقطاعات مياه الشرب، كما تعمد طيران النظام قصف منابع رئيسية للمياه، وأدت العمليات العسكرية التي شنها النظام إلى توقف محطات معالجة الصرف الصحي في بعض المناطق وتلويث المياه السطحية والجوفية.

المساهمون