السطو على 28 قصراً في العراق بـ20 مليار دولار

02 اغسطس 2015
نهب وتدمير قصور العراق التاريخية في ظل تفاقم الحرب(أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

في الوقت الذي يعاني فيه العراقيون من أزمة اقتصادية خانقة، تحولت قصور بغداد بقبابها الذهبية وأبوابها العالية، بشكل تدريجي إلى منازل لسياسيين ومسؤولين حكوميين يقيمون فيها مع عوائلهم، بعد أن استولوا عليها بالتحايل على القانون وامتلاكها دون وجه حق، على الرغم من أن بعض تلك القصور خاصة المطلة على نهر دجلة موغل بالقدم وتعد أثرية، حسب محللين.

ومن بين 32 قصراً في بغداد، استخدمت الحكومة العراقية 4 قصور فقط للصالح العام، أما البقية فباتت تحت سيطرة سياسيين يقيمون فيها مع عوائلهم بدون وجه حق، قام بعضهم بنقل ملكيتها من أملاك ديوان الرئاسة إلى اسمه الشخصي بتحايل وفساد من القضاء العراقي ومن الحكومة، وأبرز هذه القصور الرحاب والثريا والسجود والسلام والجمهوري والمنصور والقدس وبغداد والنصر والفاو ودجلة والعرب والسندباد.

وإزاء كل ذلك تتجمد أعين سكان بغداد الأصليين؛ وهم ينظرون على قصور عاصمتهم وقد صارت بيد من يصفهم المواطن عمر فتحي، البالغ من العمر 52 عاماً بالدخلاء العملاء الذين خانوا العراق مرتين بجلبهم الاحتلال الأميركي ثم الاحتلال الإيراني، على حد وصفه.

ويكشف مسؤول حكومي عراقي رفيع لـ "العربي الجديد" عن تفاصيل سرقة في وضح النهار لتلك القصور ومنازل مواطنين مسلمين ومسيحيين، تركوا بغداد خوفاً من الاحتلال والبطش بهم.

ويضيف المسؤول العراقي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه "على غرار منازل العراقيين المسيحيين ووزراء عراقيين إبان النظام السابق؛ والتي تمت مصادرتها من قبل الأحزاب الدينية الحاكمة بالعراق الحالية، فإن تلك القصور باتت في حوزة مالكيها الجدد".

ويتابع المسؤول، إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي عاش بكوخ استولى على قصرين، في حين استغل الرئيس العراقي الحالي فؤاد معصوم، أحد هذه القصور ليعيش به هو وأسرته، كما تم منح قصر لأفراد حمايته وضيوفه.

كما أشار المسؤول إلى تخصيص قصر إلى كل من وزير الخارجية الحالي، إبراهيم الجعفري، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، عمار الحكيم، ونائبي رئيس الجمهورية أسامة النجيفي وإياد علاوي، ووزير الداخلية السابق بيان صولاغ.

واستولى نائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي على أجمل قصور بغداد وأثمنها؛ وهو قصر السندباد المطل على نهر دجلة وتبلغ مساحته 7 آلاف متر مربع داخل المنطقة الخضراء، ويضم أكثر من 60 غرفة وصالة كبرى للاحتفالات والاستقبال بثماني قباب كبيرة ومسابح بغدادية واسعة ولوحات فنية باهظة الثمن.

وكشفت مواقع إخبارية عراقية الخميس الماضي، نقلا عن مصادر بأمانة مجلس الوزراء العراقي أن نائب رئيس الحكومة بهاء الأعرجي قام بترميم وتأثيث قصر السندباد في المنطقة الخضراء وسط بغداد بنحو 17 مليون دولار أنفقها من المال العام، بعد تمكنه من الحصول على موافقات خاصة لتحويل القصر إلى سكن شخصي له ولعائلته، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة مالية كبيرة.

اقرأ أيضاً: الكويت تؤجّل تحصيل تعويضات الغزو العراقي

ووفقا لتقرير سابق لوكالة اليوم الثامن العراقية، فإن الأعرجي الذي سحب من رصيد مجلس الوزراء أكثر من 20 مليار دينار لغرض ترميم وتأثيث القصر سينتقل للقصر قريباً.

وطالب ناشطون عراقيون بوقف عمليات نهب الأموال والممتلكات العراقية من قبل من وصفوهم بـ "المنافقين"،

وقال رئيس منظمة أهل بغداد الدكتور جواد أحمد الكرخي لـ "العربي الجديد"، إن "تلك التجاوزات والسرقات للمال العام تؤكد فساد القضاء والمؤسسات المرتبطة به، واستهانة المسؤولين بالشعب وبسلطته وكذب شعاراتهم التي يطلقونها".

وأضاف الكرخي، كنا نأمل أن تحول القصور لخدمة العراق، والاستفادة منها كمنتجعات سياحية ومتاحف لاستقبال الوافدين أو حتى طرحها للاستثمار واستغلال عوائدها لأهالي بغداد، لكنها تحولت إلى ممتلكات خاصة للمسؤولين.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي ومدير شركة دجلة للاستيراد والتصدير، عبد المنعم سعيد، لـ "العربي الجديد"، إن "مجموع قيمة القصور والفلل والمنازل الكبيرة التي استولى عليها السياسيون ورؤساء الأحزاب والمسؤولون ببغداد تبلغ أكثر من 20 مليار دولار، خاصة أن سعر المتر المربع الواحد من الأرضي السكنية يبلغ الآن في بعض المناطق ألفي دولار أو أكثر وسعر المتر التجاري نحو 3 آلاف دولار، ونحن نتحدث عن قصور لا تقل مساحة الواحد منها عن 2000 متر مربع".

وأضاف أن "بعض المنازل تم تأجيرها من قبل مسؤولين لتجار وأشخاص آخرين، وهم يقبضون ثمنها في الوقت الذي يجب أن تذهب الأموال لوزارة المالية، على اعتبار أنها عائدات ممتلكات عامة كباقي منشآت الدولة".

وفيما لم يصدر عن أي من المسؤولين العراقيين توضيح ينفي أو يؤكد عمليات استيلائهم غير القانونية على تلك القصور والمباني السكنية، قال المحامي العراقي بهجت عبد الرحمن لـ "العربي الجديد" إنه لا يمكن لأحد الاقتراب من المسؤولين ومصالحهم بالعراق، لكنْ هناك محامون عراقيون يقيمون خارج البلاد سيرفعون دعاوى قضائية، ويوثقون تلك السرقات وغيرها التي دمرت اقتصاد البلاد.

وكانت اللجنة المالية في البرلمان العراقي قد كشفت مطلع الشهر الجاري عن خسائر مالية تقدر بنحو 360 مليار دولار، تكبدها العراق بفعل الفساد المالي وعمليات غسل الأموال جرت طوال السنوات التسع الماضية التي حكم فيها المالكي البلاد.

وقال مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي حيدر مسعود، في مؤتمر صحافي ببغداد عقد مطلع الشهر الجاري إن "واردات العراق من بيع النفط منذ 2006 وحتى 2014، بلغت نحو 550 مليار دولار، وأن 60% من ذلك المبلغ، تبدّد على شكل عمليات فساد مالية ضخمة ومشاريع وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، ما كبد الدولة خسائر فادحة.


اقرأ أيضاً: العراق يقترض 1.2 مليار دولار لمواجهة "داعش"

المساهمون