نهر السنغال ثروة تنتظر الاستثمار الموريتاني

17 فبراير 2017
موريتانيا تسعى لاستثمار مياهها (Getty)
+ الخط -
تعدّدت المبادرات الهادفة إلى استغلال خيرات أحد أهم أنهار غرب أفريقيا، نهر السنغال، الحاجز الطبيعي الذي يفصل بين موريتانيا والسنغال، ويمر من مالي قاطعا مسافة 1790 كلم من المنبع في غينيا إلى المصبّ في المحيط الأطلسي. 

وأقامت الدول التي يمر منها النهر عدة مشاريع ومنشآت حيوية تهتم بتوفير الطاقة وتحلية مياه النهر وتنمية الزراعة، من خلال نقل مياه الري واستصلاح الأراضي المجاورة لضفتي النهر، إضافة إلى تشجيع ودعم الصيد والنقل بين ضفتي النهر.

لكن هذه المشاريع لم ترقَ إلى طموح شعوب المنطقة ولا إمكانيات نهر السنغال الذي يحتل مرتبة مميزة في قائمة أطول الأنهار الأفريقية وأشهرها، وفي ظل استمرار معاناة الدول التي يمر منها النهر من الجفاف ونقص الطاقة الكهربائية وحاجتها الملحّة لدعم مشاريع الاستثمار في الزراعة والصيد، بدأت الدول خطة إقامة السدود على النهر واستغلال المياه التي تضيع في البحر، رغم تحفظ دول أخرى على إقامة السدود والتأثير على صب المياه بالنهر.

وتحاول منظمة "استثمار نهر السنغال" التي أنشئت من أجل تحقيق الاستغلال المشترك للنهر بين موريتانيا والسنغال ومالي وغينيا، تعزيز التعاون بين دول النهر وإقامة مشاريع سدود وخزانات للمياه متوافق عليها كسدي "دياما" و"مانتالي" اللذين أقيما على التوالي في السنغال ومالي.
وتقدر المساحة التي يسمح السد "دياما" بزراعتها بنحو 375 ألف هكتار، وهو سد مقاوم لملوحة المياه يهدف إلى استصلاح الأراضي الزراعية في المنطقة، فيما يتيح سد "منتالي" زراعة نحو 240 ألف هكتار، وتبلغ طاقته التخزينية 11.1 مليار متر مكعب، ويعمل على تعبئة الموارد لتوليد الطاقة، حيث تبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية 800 ميغاوات.

ويعتمد المزارعون في الدول الأربع على مياه النهر من أجل ري محاصيلهم على ضفتي نهر السنغال، ويشكل فيضان النهر نقطة تحوّل في نجاح مواسم زراعة الأرز والخضراوات والقمح، حيث يتمكن المزارعون بإمكانياتهم المحدودة من نقل المياه إلى الحقول البعيدة عن الصفتين وسقي الأراضي الخصبة، مما يحقق لهم وفرة كبيرة في الإنتاج.

ففي موريتانيا، انعكس فيضان النهر، العامين الماضيين، إيجابا على إنتاج الأرز الموريتاني الذي أصبح يغطي 76% من احتياجات السكان من الأرز.

وإضافة إلى المزارعين، يعتمد الصيادون والعاملون في العبارات النهرية وتجار الأسواق الحدودية على ضفتي النهر، في معيشتهم على الملاحة بين الدول لترويج بضائعهم وخدماتهم.

ورغم الأهمية الاقتصادية لنهر السنغال، سواء في تنمية اقتصاديات الدول أو في حياة التجمعات الواقعة على ضفتيه، فإن جهود تطوير وإنجاز المشاريع الزراعية والطاقية لم تحظ باهتمام حكومات الدول الأربع؛ موريتانيا والسنغال ومالي وغينيا.

ويقول الخبير الاقتصادي، لمين ولد الختاري، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم توافق الدول على استثمار النهر ظل حاجزا يمنع تطوير المشاريع والخطط الاستثمارية الخاصة بنهر السنغال. حيث اتفقت في البداية موريتانيا والسنغال ومالي على إنشاء "منظمة استثمار نهر السنغال"، في حين ظلت غينيا تعارض إنشاء هذه المنظمة إلى أن انضمت إليها لاحقا، حيث تم إنشاء الهياكل التابعة للمنظمة كالمفوضية السامية وشركة تسيير واستغلال سد مانانتالي، وشركة تسيير الملاحة".

ويضيف الختاري أن "غياب الإرادة السياسية والاستقرار في الدول الأربع أجهض مشاريع الهياكل التابعة للمنظمة وجعلها مجرد حبر على ورق، مثل غيرها من مشاريع التعاون المشتركة، خاصة القائمة بين الحدود في الدول الأفريقية".

ويدعو الخبير إلى ضخ استثمارات كبيرة لتطوير أداء منظمة استثمار نهر السنغال، خاصة في مجال تنمية الزراعة الحديثة وإنتاج الطاقة الكهربائية، وتعزيز قدرات التعاونيات الفلاحية وخلق نظام للتقوية الاقتصادية للتجمعات المحلية القائمة على ضفتي النهر".

ويشير إلى أن منظمة استثمار نهر السنغال تعمل حاليا على إقناع الدول بإقامة شركة تسيير الطاقة والمنشآت المائية في أعلى حوض نهر السنغال في غينيا، وتنفيذ مشروع الاستصلاح الهيدروكهربائي، وإيجاد تمويل لإنشاء جسر يربط بين موريتانيا والسنغال ويمتد فوق نهر "السنغال".

وتأمل التجمعات السكانية أن تساهم مشاريع تطوير النهر الرابط بين أربع دول غرب أفريقيا في دفع عجلة النشاط الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري بين ضفتي النهر اللتين تشهدان نشاطا تجاريا كبيرا من خلال عبارات وزوارق صغيرة ومتوسطة تقوم برحلات يومية عبر النهر.
المساهمون