البحرين تطلب مساعدات مالية عاجلة لإنقاذ الدينار من الانهيار

02 نوفمبر 2017
العاصمة البحرينية المنامة (العربي الجديد)
+ الخط -
تطرح وسط المستثمرين في السندات الخليجية في عواصم المال علامات استفهام حول مستقبل الاقتصاد البحريني في أعقاب التحذيرات الأخيرة الصادرة من صندوق النقد الدولي ووكالات تصنيف غربية، حيث دخلت البحرين في الآونة الأخيرة في ضائقة مالية حقيقية ربما تتفاعل إلى أزمة تضطرها إلى خفض سعر صرف الدينار خلال الأشهر المقبلة، إن لم تحصل على مساعدات عاجلة وكبيرة من دول الحصار، وتحديداً من السعودية والإمارات.

وحسب بيانات البنك المركزي البحريني الأخيرة، فإن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي والذهب انخفضت إلى 522 مليون دينار (حوالى 1.39 مليار دولار) في أغسطس/ آب الماضي. وهي احتياطات حرجة حيث لا تكفي لتغطية واردات البلاد لأكثر من شهر وبضعة أسابيع.

وحسب مجلة "إيكونومست" الاقتصادية البريطانية، فإن معدل الاحتياطات الأجنبية لأية دولة يجب أن لا تقل قيمته عن تغطية واردات 3 أشهر على الأقل. وحسب الأرقام الرسمية في البحرين، بلغت واردات البلاد غير النفطية في النصف الأول من العام الجاري 5.928 مليارات دولار.

وحسب البيانات الرسمية في البحرين، فإن البلاد استوردت سلعاً غير نفطية بلغت قيمتها نحو 428.375 مليون دينار، أي ما يعادل 1.139 مليار دولار، خلال يوليو/ تموز الماضي. وهذا الرصيد الأجنبي يضع البحرين في أزمة مالية حقيقية، إن لم تحصل على مساعدات عاجلة من السعودية كما جرت العادة أو من الإمارات.

يذكر أن البحرين عانت خلال العام الجاري من انخفاض أسعار النفط وتراجع معدل التدفقات الاستثمارية الأجنبية، كما عانت كذلك من أزمة حصار قطر، ويضاف إلى هذه العوامل أن مركز "أوفشور" المصرفي الذي كانت تعتمد عليه البلاد في جذب الاستثمارات قد ضعف في الآونة الأخيرة مع نمو مركز دبي المالي الذي انتقلت إليه العديد من المصارف الاستثمارية التي كانت تتخذ من البحرين مقراً لها.

وقالت وكالة بلومبيرغ الأميركية، مساء أمس الأول الأربعاء، إن البحرين بدون الحصول على مساعدات مالية عاجلة ربما تفشل في الحفاظ على سعر الدينار مقابل الدولار. ويذكر أن الدينار البحريني مرتبط بسعر ثابت مقابل الدولار. ويعادل الدينار 0.375 دولار.

ومن المتوقع أن يفاقم التوجه الأميركي الجاري نحو رفع سعر الفائدة، وبالتالي رفع سعر الدولار من أزمة الدينار. وحسب بلومبيرغ، فإن البحرين طلبت مساعدات من كل من السعودية والإمارات، ولكنها لم تحصل منهما حتى الآن على إجابة بخصوص هذه المساعدات.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد أطلقت جرس الإنذار وحذرت الحكومة البحرينية من تنامي العجز في الميزانية الذي بلغ 18%، ومن المتوقع أن يرتفع العجز أكثر خلال العام المقبل.

وحسب محللين دوليين فإن مشكلة البحرين تكمن في أنها ليست دولة نفطية مثل دول الخليج الأخرى، حيث لا يتجاوز إنتاجها اليومي 200 ألف برميل، حيث تنتج نحو 150 ألف برميل من حقل أبو سعفة المشترك مع السعودية، ونحو 50 ألف برميل من حقل البحرين. وبالتالي من غير المتوقع أن يسعفها ارتفاع أسعار النفط الأخير في حل ضائقتها المالية، حيث تجاوز سعر برنت 61 دولاراً للبرميل لأول مرة.

كما أن أزمة البحرين الأخرى تتمثل في ارتفاع الديون السيادية، حيث ظلت طوال العامين الماضيين تمول عجز الميزانية بالدين. ويفوق الدين البحريني حالياً 24 مليار دولار.

ومن المتوقع أن ترتفع خدمة الدين بالبلاد مع ارتفاع سعر صرف الدولار خلال الأشهر المقبلة، كما أنها ستجد صعوبة في إصدار سندات دولية مثل السعودية، لأنه ليست لديها موارد طبيعية تذكر، كما أن البحرين من الدول المستوردة للغاز الطبيعي.

يذكر أن بعثة صندوق النقد الدولي قد توقعت في مراجعتها التي أجرتها في أغسطس/ آب الماضي لاقتصاد البحرين، تراجع معدلات نمو الاقتصاد البحريني إلى 2.3% في 2017، و1.6% في 2018.

وحذرت بعثة الصندوق، التي زارت المنامة، من احتمال مواجهة البلاد صعوبة في المحافظة على سعر صرف الدينار مقابل الدولار وسط استمرار ضعف أوضاع المالية العامة في البحرين وتراجع ثقة المستثمرين هناك.

وأوضح الصندوق أن إجمالي الناتج المحلي في البحرين نما بنسبة 3% العام الماضي، مدعوماً بتنفيذ المشاريع الممولة من دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال التقرير، الذي جاء في أعقاب مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد، إنه رغم تنفيذ البحرين تعديلاً كبيراً في المالية العامة، فإن انخفاض أسعار النفط وصل بعجز الموازنة إلى 17.8% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما ارتفع الدين الحكومي إلى 82% من الناتج المحلي.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، خفضت موديز تصنيفها الائتماني لحكومة البحرين درجتين من "Ba2" إلى "B1"، فيما أبقت نظرتها المستقبلية بلا تغيير عند "سلبية".

وقالت موديز إن المحرك الرئيسي لخفض التصنيف الائتماني هو الاعتقاد بأن الوضع الائتماني للحكومة البحرينية سيستمر في الضعف على نحو ملموس في الأعوام المقبلة.

وأضافت أنه على الرغم من بعض مساعي الإصلاح المالي، إلا أنه لا توجد استراتيجية تعزيز ودمج "واضحة وشاملة" للبحرين.

وبلغ الدين البحريني 8.95 مليارات دينار (23.7 مليار دولار) في إبريل/ نيسان الماضي، وهو الأعلى في تاريخ البلاد، من 7.07 مليارات دينار (18.7 مليار دولار) في الفترة المناظرة من 2016، وفق بيانات البنك المركزي.
المساهمون