كورونا يحرم ثلث الصيادين الجزائريين من عملهم

30 مايو 2020
شكاوى الصيادين تتزايد (فرانس برس)
+ الخط -
يعيش صيادو الجزائر أسوأ مرحلة منذ سنوات طويلة، من جراء تقليص الحكومة لساعات الصيد البحري، وإخضاع تنقلهم لرخص إدارية، ضمن الإجراءات المتخذة للحد من تفشي جائحة كورونا.

وما زاد من معاناة "البَّحريين" كما يسمون في الجزائر، شح الكميات التي يصطادونها، ما دفع بالمئات منهم إلى ركن قواربهم في الموانئ لأكثر من شهر ونصف، كبحا لمصاريف الوقود والصيانة الدورية للقوارب.

في ميناء "رأس جنات" شرقي العاصمة الجزائرية، يجلس مقران سويات "رايس" (قائد قارب صيد) على الرصيف، ينظر إلى قاربه "الريان" المتوقف عن الحركة منذ 20 إبريل/نيسان، وعلامات القلق تغمر ملامح وجهه.

يشكو الصياد الجزائرى الذي ورث المهنة عن والده، قلة حيلته أمام "شبح كورونا" قائلا: "هذا الوباء للأسف انتقلت أضراره إلى البحر. وزارة الفلاحة والصيد البحري، قلصت ساعات الصيد إلى أربع ساعات، جل الصيادين لا يملكون رخص التنقل في الليل أثناء فترة منع التجول، ما يعني أنهم يخرجون للصيد بعد السابعة صباحا، وإذا حسبنا ساعات الصيد والعودة للميناء وبيع الكميات المصطادة، تكون الساعة الواحدة ظهراً، أي 4 ساعات قبل بداية منع التجول في المدن الكبرى، بائعو التجزئة لا تغريهم هذه الظروف لشراء السمك خوفا من عدم بيعه".

ويضيف لـ "العربي الجديد" أنه "اضطر لتوقيف العمل ودفع رواتب الشهر المنصرم لطاقمه المكون من 6 عمال، وذلك بعد ارتفاع مصاريف الصيد من وقود وصيانة للقارب وعتاد الصيد، مقابل تهاوي عائدات البيع بسبب قلة الكمية المصطادة من جراء تقليص ساعات الصيد".

وقررت وزارة الفلاحة والصيد البحري تقليص ساعات الصيد لأربع ساعات، مع تقليص عدد العمل ضمن إجراءات كبح تفشي وباء كورونا، وتتزامن هذه التدابير مع انطلاق موسم صيد سمك التونة وسمك السيف "swordfish" أو "ايسبادون" كما يعرف لدى الجزائريين، ما يرفع مبيعات تجار الصيد البحري.

ويقول رضوان صدِّيق، صياد بميناء "دلس" (100 كم شرق العاصمة)، إن "العديد من الصيادين صاروا يخرقون الإجراءات الحكومية، ويصطادون بطرق ملتوية مستغلين غياب الرقابة فترة الحجر الصحي، وذلك بسبب عجزهم عن إيجاد ما ينفقونه على عائلاتهم، ولا يمكن أن نترك فترة فتح موسم صيد التونة تمر من دون استغلالها لأن هذا الموسم يشكل 80 في المائة من العائدات السنوية للصيادين".

ويضيف الصياد الجزائري لـ "العربي الجديد" أن "جل الصيادين أرهقتهم المصاريف الشهرية للضمان الاجتماعي والصحي، والضرائب بالإضافة للديون البنكية، التي باتت تهددهم بالسجن وحجز القوارب بسبب تعثرهم في دفع أقساط 3 أشهر، من دون احتساب مصاريف الوقود التي أنهكت ميزانية الصيادين، كل هذا ولم تتكلم الوزارة بعد عن تعويضات".

ويبلغ عدد الصيادين في الجزائر نحو 65 ألف شخص، كلهم معنيّون بقضية القروض التي باتت تهدد القطاع كاملا، إذ كشفت أرقام رسمية صادرة عن وزارة العمل، أن الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب سمحت بتمويل 1143 مشروعا تخص قطاع الصيد البحري، ومكّنت من خلق 10 آلاف فرصة عمل، بمبلغ استثماري إجمالي ناهز 7 مليارات دينار جزائري، منها 1.7 مليار دينار منحت كقروض من دون فوائد.

ويقول رئيس نقابة الصيادين البحريين الجزائريين حسين بلوط إنّ "جائحة كورونا ألحقت ضرراً فادحاً بقطاع الصيد، وكبدت الصيادين خسائر كبيرة، نتيجة تقليص ساعات الصيد، وغلق الأسواق، من دون أن ننسى غلق المطاعم التي تمثل نصف زبائن الصيادين، كلها عوامل سرعت ببطالة ثلث الصيادين".

ويشرح رئيس النقابة أن "عدد المطالبين برد قروضهم هو 2500 من أصحاب القوارب الصغيرة و5500 من أصحاب القوارب الكبيرة، موزعين على المحافظات الساحلية الأربع عشرة، ما يعني إمكانية ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في قطاع الصيد البحري، فالديون باتت تثقل كاهل الصيادين، منهم من علّق عمله، ومنهم من باع مجوهرات عائلته حتى يدفع مستحقاته، ومنهم من بلغ به الأمر إلى حد إغراق قاربه هروبا من المتابعة القضائية".

ويطالب بلوط "بإعفاء الصيادين من دفع الضرائب والأقساط البنكية طيلة مدة الحجر الصحي، مع دراسة حجم التعويضات المالية التي ستعطى لملاك القوارب وعمالهم، لتفادي الكارثة التي تهدد القطاع".

وكان تقرير أعده الاتحاد الأوروبي، أقر بأن الجزائر تضيّع فرصة توفير أكثر من 500 ألف وظيفة في قطاع الصيد، بعدما فضّلت السلطات، بحسب التقرير، عدم الاستثمار في القطاع لأسباب مجهولة.
المساهمون