استمع إلى الملخص
- **تأثير سياسات ترامب على الأسواق المالية**: يتوقع المحللون تقلبات في سوق السندات الأميركية، تعزيز أسعار الأسهم، وارتفاع أسعار الذهب والعملات الرقمية. سياسات ترامب تجاه التجارة العالمية قد تزيد من النزاعات التجارية وتؤدي إلى ارتفاع العجز والتضخم.
- **العملات الرقمية ودعم ترامب لها**: أظهر ترامب دعماً قوياً للعملات الرقمية مثل البيتكوين، مما زاد من رهانات المتداولين على فوزه. حملة ترامب قبلت مدفوعات بالعملة المشفرة، مما يعزز الآمال في الابتعاد عن الحملة التنظيمية الأميركية على الصناعة.
تقترب الانتخابات الأميركية بسرعة، ومن المتوقع أن تكون المناظرة الثانية بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب سباقاً مثيراً نحو حسم تلك المعركة المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ويلاحظ أن محاولة اغتيال الرئيس السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب رفعت فرص انتخابه وزادت من الرهانات على فوزه. لكن ما هي السياسات الاقتصادية المتوقعة لترامب في حال فوزه بالرئاسة؟
يتوقع محللون أن تقود سياسات ترامب في حال فوزه إلى ارتفاع معدل التضخم والعائد على السندات، لكنها ربما تدفع الذهب والعملات الرقمية إلى مزيد من الارتفاع بسبب الاضطرابات الاقتصادية المتوقع أن تقود إليها سياسته الاقتصادية على صعيد التجارة العالمية، خاصة تجاه الصين.
ويرى مركز أبحاث السياسات الأوروبية "سي أي بي آر"، في تحليل أمس الثلاثاء، أن انتخاب ترامب سيزيد من التقلبات في سوق السندات الأميركية، ويعزز أسعار الأسهم الأميركية، لكنه على صعيد الطاقة سيخفض سعر النفط. وبالتالي، تتوقع الأسواق المالية أن تقود دورة ترامب المقبلة إلى تعزيز سعر الذهب وتخفض سعر صرف الدولار وتعيد التضخم إلى الارتفاع. ويتوقعون أن إدارة ترامب المقبلة ستكون أقل تركيزاً على المخاوف البيئية واستدامة الدين العام.
على صعيد السياسة الاقتصادية، يقول ترامب في حملته الانتخابية إنه يريد فرض تعريفات جمركية على الشركاء التجاريين تتراوح بين 10% على الواردات العالمية عدا الصين، و50 أو حتى 60% على السلع الصينية. كما يخطط لخفض ضريبة الدخل وترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة، وهو ما سيرفع كلَف الإنتاج على الشركات والأعمال التجارية التي تستفيد من العمال الرخيصة بسبب الأجور المتدنية التي تدفعها لهم. كما يرغب في خفض معدل الضريبة على الشركات. ويعد برنامج ترامب الانتخابي كذلك بضخ المزيد من النفط والغاز الطبيعي وحتى الفحم الحجري، وذلك وفقاً لتقرير أمس الثلاثاء بوكالة أسوشييتد برس.
يخطط ترامب لخفض ضريبة الدخل وترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة، وهو ما سيرفع كلَف الإنتاج على الشركات والأعمال التجارية
كما قال إنه سيعالج الهجرة غير الشرعية جزئيًا من خلال "أكبر برنامج ترحيل للمهاجرين في التاريخ الأميركي". كما سيقوم ترامب أيضًا بإلغاء سياسات الرئيس جو بايدن الخاصة بتطوير سوق السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة ومنحها 1.7 مليار دولار.
ويرى خبراء اقتصاديون أن سياسة ترامب الاقتصادية بشأن الجمارك ستقود إلى رفع أسعار السلع على المستهلكين، خاصة بالنسبة للسلع المستوردة، كما أن سياسة ترحيل المهاجرين ستزيد من كلَف الإنتاج. وبالتالي سترفع من معدل التضخم وربما تحد من قدرة البنك المركزي الأميركي على خفض الفائدة على الدولار. كما أن ترامب قال إنه لا يرغب في دولار قوي لأنه يضر بالتجارة الأميركية ويقلل من تنافسيتها عالمياً.
ويرى الخبير الاقتصادي جيف ستين، في تحليل نشره بصحيفة واشنطن بوست، في 7 يناير 2024، أن ترامب من المتوقع أن يعين رئيساً جديداً لمجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي" يكون متوافقاً مع رغباته الاقتصادية. ويتوقع الخبير ستين أن يعمل ترامب على خفض الفائدة على الدولار، وهي السياسة التي تتفق مع توجهات الفيدرالي الحالية مع تراجع معدل التضخم لنسبة 3%.
وحسب تحليل بناسداك في 14 يوليو/ تموز الجاري، يقول الاقتصادي مايكل مونتغمري، المحاضر بجامعة ميشيغان-ديربورن: "إن الرسوم الجمركية سيتم دفعها في نهاية المطاف من قبل المستهلكين، وليس المنتجين". ويرى أنها في الواقع، "ضريبة مبيعات سرية على المنتجات ذات المنشأ غير الأميركي".
أما عن توجهات أسعار المعادن النفيسة ومنها الذهب الذي يعد من معادن الملاذ الآمن التي عادة ما تستفيد من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والأزمات المالية، فإن سياسة ترامب الخاصة بالتعرفة الجمركية والمعادية لمنظمة التجارة العالمية من المتوقع أن تقود تلقائياً إلى نزاع تجاري مع كل من أوروبا والصين والعديد من الدول، وهو ما يزيد من الاضطرابات في الاقتصاد العالمي التي ستدفع المستثمرين إلى الهروب إلى شراء الذهب.
ويقول تحليل بموقع كيتكو المتخصص في المعادن الثمينة، نشر الأسبوع الماضي، إنه قد حظيت شهية الصين النهمة للذهب باهتمام كبير هذا العام، كما أن الطلب الهندي سيستمر في دعم الأسعار خلال النصف الثاني من العام.
سياسة ترامب الخاصة بالتعرفة الجمركية والمعادية لمنظمة التجارة العالمية من المتوقع أن تقود تلقائياً إلى نزاع تجاري مع كل من أوروبا والصين والعديد من الدول
وفي مذكرة نُشرت يوم الأحد، قال سوني كوماري، استراتيجي السلع، ودانيال هاينز، كبير استراتيجيي السلع في بنك ANZ الأسترالي، إنهما يتوقعان رؤية طلب قوي في الهند على الذهب هذا العام، حتى مع بقاء الأسعار مرتفعة. وتُعتبر الهند ثاني أكبر دولة مستهلكة للذهب في العالم، بعد الصين مباشرة. كما من المتوقع أن يساهم توجه مجموعة بريكس نحو عملتها المقترحة المدعومة بالذهب في زيادة احتياطات البنوك المركزية من الذهب لحماية تجارتها من الدولار. وبالتالي من المتوقع أن يواصل سعر الذهب ارتفاعه في حال فوز ترامب بدورة ثانية في البيت الأبيض.
وقال محللون في تقرير كيتكو، إنه على الرغم من ارتفاع سعر الذهب بأكثر من 10% في عام 2023، ظل الطلب الاستهلاكي على المعدن الأصفر مزدهرًا عند 760 طناً، بانخفاض هامشي بنسبة 2% فقط على أساس سنوي. وكان الطلب أيضًا متماشياً مع متوسط المدى الطويل (2013-2022) البالغ 755 طناً.
وقال بنك ANZ، حسب تقرير "كيتكو"، إنه في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، زادت واردات الذهب إلى الهند بنسبة 26% على أساس سنوي إلى 230 طناً حتى مع وصول الأسعار إلى مستوى قياسي فوق 2450 دولاراً للأوقية.
ويرى محللون أن الذهب سيستفيد من تقلبات السوق والمخاطر التي ستسببها سياسات ترامب الاقتصادية للنمو العالمي.
ووفق تقرير "كيتكوت"، يعتقد إيبيك أوزكاردسكايا، كبير المحللين في بنك سويس كوت، فإن الذهب سيكون من بين الأصول التي ستستفيد من توجه المستثمرين نحو الاحتفاظ بالأصول ذات الجودة على المدى القريب. وعلى مستوى العملات الرقمية، يلاحظ أن عملة البيتكوين ارتفعت أيام الأحد والاثنين والثلاثاء بعد محاولة اغتيال دونالد ترامب، إذ زاد المتداولون رهاناتهم على فوز الرئيس السابق في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وارتفع سعر عملة البيتكوين أكثر من 10% في الأيام الثلاثة إلى 63595 دولاراً. وواصلت أسعار العملات المشفرة ارتفاعها خلال تعاملات الثلاثاء، بدعم من تصاعد احتمالات فوز المرشح الجمهوري المعروف بتأييده للقطاع في انتخابات الرئاسة، فضلاً عن أنباء متداولة حول بدء تعاملات صناديق الإيثريوم المتداولة في السوق الأميركي الأسبوع المقبل.
وذكرت "رويترز" في تقرير نقلاً عن مصادر مطلعة، أن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية وافقت بشكل مبدئي على إطلاق 3 من شركات إدارة الأصول صناديق متداولة فورية لعملة الإيثريوم، وإتاحتها للتداول اعتباراً من الثلاثاء المقبل. ووافقت الهيئة على إطلاق 11 صندوقاً مماثلاً لعملة البيتكوين في يناير الماضي، الأمر الذي عزز من أداء العملة المشفرة الأكبر من حيث القيمة السوقية، بفضل توسعة قاعدة المستثمرين في السوق لتشمل المؤسسات المالية بجانب الأفراد.
أظهر ترامب دعماً قوياً لعملة بيتكوين في تصريحات أثناء حملته الانتخابية. ويُنظر المستثمرون إلى ترامب على أنه المرشح الأكثر تأييدًا للعملات المشفرة
وأظهر ترامب دعماً قوياً لعملة بيتكوين في تصريحات أثناء حملته الانتخابية. ويُنظر المستثمرون إلى ترامب على أنه المرشح الأكثر تأييدًا للعملات المشفرة، حيث استضاف المديرين التنفيذيين للصناعة في مارالاغو وأبدى حماسه لتعدين البيتكوين في الولايات المتحدة، وفق تقرير بصحيفة فايننشال تايمز" يوم الاثنين.
وقبلت حملة ترامب أيضاً مدفوعات بالعملة المشفرة، وهي الأولى من نوعها بالنسبة لحزب سياسي أميركي كبير، مما يزيد الآمال في الابتعاد عن الحملة التنظيمية الأميركية على الصناعة التي شوهدت في السنوات الأخيرة. ووفق "فايننشال تايمز"، قال غرزغورز دروزدز، محلل السوق في شركة العملات كونوتوكسيا: "لقد زاد احتمال فوز دونالد ترامب بشكل كبير"، مضيفاً أنّ رئاسة ترامب "ستؤثر بشكل إيجابي" على العملات المشفرة.
وبالنسبة لأدوات الدين الأميركية، يعتقد العديد من المستثمرين أن سياسات خفض الضرائب التي ينتهجها ترامب من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع العجز والتضخم، مما سيضر بسندات الخزانة الأميركية ويدفع العائدات إلى الارتفاع في نمط مماثل في أعقاب فوزه في الانتخابات في عام 2016.
وكان مؤشر الدولار، الذي يتتبع العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية أخرى، ثابتًا، بعدما ضعف في يوليو الماضي حيث رفع المتداولون رهاناتهم على خفض سعر الفائدة في سبتمبر/أيلول من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي. وارتفعت العائدات على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات بنسبة 0.04 نقطة مئوية إلى 4.22% مما يعكس انخفاضاً طفيفاً في الأسعار، وفقاً لبيانات "فاينانشال تايمز".
ووفق تحليل بوكالة بلومبيرغ، في 3 يوليو/ تموز الجاري، ترى المصارف الأميركية الكبرى وعلى رأسها مصرف غولدمان ساكس ومورغان ستانلي وباركليز بي إل سي، أن المناظرة الأخيرة بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري في سباق الانتخابات الأميركية أضرت بفرص الرئيس جو بايدن في الفوز بإعادة انتخابه، ويحث الاستراتيجيون في وول ستريت العملاء على الاستعداد للتضخم الثابت وعائدات السندات طويلة الأجل الأعلى.
وفي بنك مورغان ستانلي، قال الاستراتيجيون، في مذكرة نهاية الأسبوع: "الآن هو الوقت المناسب" للمراهنة على ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل نسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
ووفق "بلومبيرغ"، قال مورغان ستانلي إن صعود ترامب في استطلاعات الرأي منذ المناظرة الأخيرة يعني أنه يتعين على المستثمرين التفكير في سياسات اقتصادية يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة من مجلس الاحتياط الفيدرالي، إلى جانب اكتساح الجمهوريين الذي يؤدي إلى التوسع المالي ويضغط على عائدات السندات طويلة الأجل للارتفاع.