المضاربات تهدّد الريال السعودي

12 يناير 2016
السعودية تربط عملتها بالدولار الأميركي (Getty)
+ الخط -
تتمسك السعودية بسياستها المالية المتعلقة بربط عملتها المحلية بالدولار الأميركي، رغم تهاوي أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة في أكثر من عقد، فضلا عن تراجع قيمة الريال في العقود الآجلة.

وقال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، فهد المبارك، أمس الإثنين، إن المؤسسة تؤكد إبقاءها على سياسة ربط الريال السعودي عند 3.75 للدولار الأميركي.

وأضاف المبارك، في بيان صحافي نشر على الموقع الإلكتروني للمؤسسة، أن: "سياسة الربط مدعومة بمجموعة كاملة من أدوات السياسة النقدية، بما في ذلك احتياطياتها من النقد الأجنبي هي التي ساعدت في استقرار سعر صرف الريال".

ومنذ ربط الريال السعودي بالدولار عام 1986، لم تُغير المملكة سياسة ربط العملة، رغم مرور اقتصادها بفترات متباينة من حيث القوة والضعف، تماشيا مع تغيرات أسعار النفط في السوق الدولية.

وأقرت مؤسسة النقد السعودية، أنها "لاحظت في الآونة الأخيرة تذبذباً في السوق الآجلة للريال السعودي مقابل الدولار الأميركي والناتج عن التصورات غير الصحيحة لدى بعض المتعاملين في السوق عن الوضع الاقتصادي العام للسعودية".

وكانت وكالة "رويترز" قد قالت، في وقت سابق، إنه خلال الأشهر الماضية، نزل الريال السعودي في سوق العقود الآجلة إلى أدنى مستوياته منذ عام 1999، في ظل مخاوف من أن تضطر الرياض في النهاية إلى التخلي عن ربط العملة بسبب العجز الكبير في الموازنة السعودية الناجم عن هبوط أسعار النفط.

لكن مؤسسة النقد قالت أمس: "إن العوامل المؤثرة على السوق الآجلة لا تعدو عن كونها مجرد مضاربات مبنية على تكهنات غير واقعية".

وبحسب البيان فإن: "المؤشرات المالية والاقتصادية الأساسية للمملكة في حالة مستقرة"، موضحة أن استقرار المملكة المالي يعود إلى صافي وضعها الائتماني ونظامها المصرفي المرن والسليم.

واستبعد مصرفيون خليجيون، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، لجوء السعودية لخفض سعر صرف عملتها أمام الدولار الأميركي، مشددين على أن المكاسب التي تحققها المالية العامة السعودية من ارتفاع إيرادات النفط بعد تحويل تلك الإيرادات من الدولار إلى الريال سيقابلها في حال خفض قيمة الريال ارتفاع في تكاليف الاستيراد، وسيخلق حالة ذعر في السوق.

ويرى الخبير المالي علي الجعفري، أن الموقف الحالي للريال السعودي ليس جديدا، إذ سبق للعملة السعودية أن تعرضت لمضاربات حادة في سوق العملات، ولكنها نجحت في تجاوزه، مشددا على أن الاقتصاد السعودي لا يزال غير قادر على الصمود دون ربط الريال بالدولار، لكونه مرتبطا بشكل كبير بالنفط.

وقال الجعفري، لـ"العربي الجديد": "سبق أن حصلت مضاربات قوية على الريال السعودي، كانت أشدها في عام 1999، ولكن المالية السعودية تصدت له بدون ضرر كبير".

اقرأ أيضا: النفط الخفيف يهوي دون 31 دولارا للبرميل

وأضاف: "دائما ما تكون العملة السعودية ضحية المراهنات، وهي قادرة على حماية عملتها، ولكن لا يمكن مقارنة الطريقة التي يمكن أن تحمي بها السعودية عملتها بالطريقة التي حاولت بها مصر فعل ذلك، وبسببه أنفقت جل احتياطيها النقدي، فالجنية المصري كان معوما، على عكس الريال السعودي المرتبط بالدولار الأميركي، هذا يغير الكثير من الموقف".

وشدد الجعفري على أن ربط الريال بالدولار، مفيد جدا للعملة السعودية، حيث قال: "جميع الصادرات السعودية بالدولار، لهذا من الصعب فك الربط، وهناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تقوم بها لحماية عملتها، وهي خطوات اقتصادية بحتة، بعيدة عن الإنفاق، وهي تتم في البيع والشراء الآجل للعملات، ولكن إجمالا، التقديرات الاقتصادية على المدى المنظور جيدة، وكلها تصب في نطاق أهمية الإبقاء على ربط الريال بالدولار".

ورأى أن الحديث عن فك الارتباط بالدولار "أمر غير منطقي، فالسعودية مثل كل دول الخليج لا تملك اقتصادا منوعا، ولا تحقق نموا اقتصاديا كبيرا، فهي في الأساس، لا تملك سوى اقتصاد مبني على النفط فقط، وهذا النفط مسعر بالدولار، وهي لا تستطيع تعويم عملاتها، وحتى لو ربطتها بسلة عملات فسيكون 85% منها بالدولار، كما يحدث مع الكويت".

مخاوف كبيرة

يثير احتمال تراجع السيولة في النظام المصرفي السعودي مخاوف من أن يمتص الدين الحكومي هذه السيولة، غير أن الثقة ما زالت كبيرة في قدرة السعودية على الوفاء بالتزاماتها المالية.

وفي هذا السياق، أكد المحلل المالي، محمد الشمري، أن أغلب التقارير المالية الموثوقة تؤكد ذلك، وهي تقارير تتسق مع الموقف الرسمي.

ودافع المحلل المالي محمد الشمري، في اتصال مع "العربي الجديد" عن السياسة الرسمية للمملكة بشأن ربط الريال بالدولار، حيث قال إن "خفض العملة أمر مستبعد، لأن تخفيض العملة سيؤدي إلى التضخم، وهو أمر غير مرغوب فيه في الاقتصاد السعودي".

ويجني الاقتصاد السعودي، وفق الشمري، الكثير من الفوائد من عملية الربط، لكنه يعاني أيضا من بعض الأضرار.

وتابع: "الحل لن يكون بفك الربط، ولن تتحسن حينها أسعار النفط التي ترتبط بأسباب أخرى، إذ سيتسمر تسعير النفط بالدولار، وستواصل المملكة بيع النفط بالدولار حتى لو تم فك الربط"، منبها إلى أن: "هبوط النفط سيؤثر سلبا على اقتصاد السعودية، وعلى الأرجح سيكون هناك عجز أكبر من المتوقع في تقرير وزارة المالية، لكن بما أن أسعار النفط وكل المواد الخام يتم تسعيرها بالدولار، فسيكون ارتباط الريال بالدولار أمرا مجديا في ظل أيضا ارتفاع قيمة الدولار".

اقرأ أيضا: السعودية تؤكد استمرار ربط عملتها بالدولار

المساهمون