القروض الميسّرة تحفز الاقتصاد السعودي: تقليل هوامش الفائدة

15 يوليو 2024
حجم القروض العقارية للأفراد ارتفع بنسبة 15% (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحقيق حلم محمد السعدي وارتفاع القروض العقارية:** محمد السعدي تمكن من شراء منزل بعد تقليص هوامش الفائدة على القروض في السعودية، مما يعكس استفادة آلاف السعوديين. تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي أشار إلى ارتفاع القروض العقارية بنسبة 15% في الربع الأول من 2024.

- **إيجابيات وسلبيات تخفيض فائدة القروض:** تقليص هوامش الفائدة يقلل تكاليف الاقتراض ويزيد الطلب على القروض، مما يعزز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، يزيد من مخاطر القروض المتعثرة ويضع ضغطاً على ربحية البنوك.

- **ازدهار قطاع العقارات وتأثيرات اقتصادية أوسع:** تخفيض أسعار الفائدة يحفز الاقتصاد وقطاع العقارات، ويقلل من استيراد التضخم. الخبير مصطفى يوسف يدعو إلى تركيز السياسة الاقتصادية على العوامل الداخلية لتحقيق استقلالية اقتصادية.

 

تمكّن الموظف في شركة تقنية بمدينة الرياض، يدعى محمد السعدي، أخيراً من شراء منزل لعائلته الصغيرة، وذلك بعد سنوات من الانتظار، بعد اعتماد تقليص هوامش الفائدة على القروض المصرفية في السعودية.
كان السعدي يحلم منذ فترة بشراء منزل لعائلته الصغيرة، لكن أسعار الفائدة المرتفعة كانت تقف حائلاً دون تحقيق حلمه، في مشهد يعكس واقع آلاف السعوديين الذين قد يستفيدون من التغيير الجاري في السياسة المصرفية.
ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي في مايو/أيار 2024، فإن حجم القروض العقارية للأفراد قد ارتفع بنسبة 15% خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن قرار تقليص هوامش الفائدة جاء نتيجة سلسلة من المشاورات بين البنك المركزي السعودي وكبرى المؤسسات المالية في المملكة، وأشارت إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.

ولفتت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى أن هذا القرار يأتي متماشياً مع رؤية المملكة 2030 التي تستهدف رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن إلى 70% بحلول عام 2030.

وحسب إفادة خبيرين لـ"العربي الجديد"، فإن تقليص هوامش الفائدة سيكون له تأثير واسع النطاق على الاقتصاد السعودي، وهو ما أيدته دراسة نشرتها غرفة الرياض التجارية في يونيو/حزيران الماضي، مشيرة إلى أن خفض أسعار الفائدة بنسبة 1% يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.5% و1% خلال العام التالي.


إيجابيات وسلبيات تخفيض فائدة القروض

يؤكد الاستشاري الاقتصادي بمكتب استشارات في لندن، علي متولي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تقليص هوامش الفائدة يحمل في طياته آثاراً متعددة على الاقتصاد السعودي، حيث يؤدي إلى تخفيض تكاليف الاقتراض، ما يزيد الطلب على القروض ويجعلها في متناول شريحة أكبر من المقترضين.

ونتيجة لهذا التغيير، ترتفع احتمالية زيادة الاقتراض من الشركات والمستهلكين مع تقليص هوامش الفائدة، وفقاً لمتولي، مشيراً إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى منافسة أكبر بين البنوك للاستحواذ على حصة أكبر في السوق، من خلال تقديم شروط أفضل للمقترضين. وعلى المستوى الاقتصادي الأوسع، تعتبر الزيادة في الاقتراض من القطاع الخاص والمستهلكين في الغالب مؤشراً إيجابياً على مستوى الاقتصاد الكلي، بحسب متولي، الذي نوه بأن الشركات تقترض للتوسع والاستثمار في تطوير منتجاتها ما ينتج عنه نمو في الاقتصاد، كما أن اقتراض المستهلكين لشراء منازل أو سيارات يؤدي إلى زيادة النشاط التجاري والاقتصادي، مما يحفز النمو بشكل عام.
لكن رغم هذه الآثار الإيجابية، يشير متولي إلى وجود تحديات محتملة، فتقليص هوامش الفائدة يضع ضغطاً على ربحية البنوك السعودية، محذراً من زيادة في حجم القروض المتعثرة إذا لم تجر إدارة تقليص هامش الفائدة على الاقتراض بشكل جيد، وهو مؤشر سيء على الاستقرار المالي للبنوك حال حدوثه.

وفي ما يتعلق بالتأثير المباشر بالمواطنين السعوديين، يحدد متولي 3 تداعيات رئيسية، الأولى: زيادة في عدد السعوديين القادرين على تحمل تكلفة الاقتراض، والثانية: زيادة في الدخل بعد الضريبة، ما يساعد على زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والتكنولوجيا والإسكان، والثالثة: زيادة في القدرة على الالتزام بسداد الرهون العقارية لفترات أطول بسبب انخفاض التكلفة.

ومن شأن مجمل هذه التغييرات أن يؤدي إلى تحسن في مستوى المعيشة للمواطنين السعوديين، بحسب متولي، مؤكداً أن تداعيات كهذه تعكس الآثار الإيجابية لتقليص هوامش الفائدة على الاقتصاد السعودي ككل. ومع ذلك، يشدد متولي على ضرورة الانتباه للتحديات المحتملة في القطاع المصرفي السعودي، ما يستدعي إدارة حكيمة لهذه التغييرات، لضمان استدامة فوائدها على المدى الطويل.


ازدهار العقارات

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، مصطفى يوسف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن سياسة تخفيض أسعار الفائدة تؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل عام، مؤكداً أن قرار السعودية في هذا الشأن ينعكس إيجابياً على جميع شرائح مجتمع المملكة، سواء كانوا مواطنين أو مستهلكين أو أصحاب أعمال أو شركات بمختلف أحجامها.

وتتمثل أبرز نتائج انخفاض تكلفة الاقتراض في ازدهار قطاع العقارات، وتسهيل شراء السلع المعمرة والمكلفة بالتقسيط، حسب يوسف، مضيفاً أن هذا الإجراء يساعد في الحد من استيراد التضخم القادم من الولايات المتحدة الأميركية.

كما أن تنشيط السوق وتشجيع الاستهلاك يساهمان في زيادة الإنتاج وتحريك عجلة الاقتصاد بشكل أسرع، وفقاً لما يشير إليه يوسف، منوهاً بضرورة تركيز السياسة الاقتصادية على العوامل الداخلية التي تنعش الاقتصاد، دون الانصياع التام للسياسات الاقتصادية الأميركية؛ فربط عملات دول الخليج بالدولار يجعلها عرضة للتأثر المباشر بالدورات الاقتصادية وأسعار الفائدة والتضخم في الولايات المتحدة، حسبما يرى يوسف، معتبراً أن تحديد أسعار فائدة خاصة بالسوق المحلي هو خطوة إيجابية نحو الاستقلالية الاقتصادية.

ويدعو يوسف إلى تسعير النفط والغاز بعملة غير الدولار، واعتبر ذلك بمثابة "الخطوة التالية المهمة"، و"بداية للاستقلالية الحقيقية"، مشيراً إلى أن هذا التغيير سيساعد في التخلص من السياسات التوسعية الأميركية التي فرضت أجندتها الاقتصادية والجيوسياسية على المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي.

المساهمون