تونس..الأسعار والمواصفات تسبق توريد السيارات الصينية

15 نوفمبر 2015
مصنع سيارات صينية (Getty)
+ الخط -
وسط تشكيك في مواصفاتها الفنية أعلنت وزارة التجارة التونسية عن منح ترخيص لتوريد سيارات صينية من نوع "شيري" وهي المرة الأولى التي تمنح فيها السلطات التونسية ترخيصا لعلامة صينية في قطاع السيارات.
وأكدت المديرة العامة للتجارة الداخلية في وزارة التجارة فاتن بلهادي، في تصريحات إعلامية أن الأسواق التونسية ستستقبل في بداية 2016 سيارات صينية وأخرى إيرانية، حصلت على الموافقة المبدئية من وزارة التجارة حتى يتم توريد هذه السيارات التي تم التثبت من مطابقتها للمواصفات العالمية وتماشيها مع البنية التحتية في تونس.
وأضافت المسؤولة بالوزارة، أن العلامة الصينية قد خضعت لكل الفحوصات الفنية اللازمة، وأثبتت مطابقتها لكل المواصفات والمعايير المطلوبة، مشيرة إلى أن تونس منفتحة على كل الأسواق العالمية وستسمح بتوريد أي نوع من السيارات ما دام مطابقا للمواصفات اللازمة.
ورغم التطمينات التي منحتها الحكومة حول سلامة السيارات الصينية يواجه قرار منح رخصة التوريد لهذا الصنف من السيارات انتقادات عديدة من قبل التونسيين وخبراء الميكانيك، معتبرين أن منح هذا الترخيص جاء في إطار "ترضيات وصفقات مشبوهة لوكلاء بيع السيارات"، بخاصة أن السعر الذي تم الإعلان عنه سيكون في حدود 16 ألف دينار (8 آلاف دولار) في حين تُروّج هذه السيارات في بلدان الجوار بسعر لا يتجاوز 4 آلاف دولار.
ويشير المهتمون بسوق السيارات في تونس إلى أن أوروبا منعت دخول السيارات الصينية إلى أسواقها بعد إجراء اختيار الاصطدام الذي أثبت أن هذه السيارة قاتلة إذا تجاوزت سرعة 64 كلم في الساعة، وهو ما يثير العديد من التساؤلات على جدوى توريدها إلى السوق التونسية إذا لم يكن ذلك لأغراض ربحية بحتة لصالح الوكيل المورد ولو على حساب سلامة العملاء.
في المقابل، ينفي الناطق الرسمي باسم غرفة وكلاء موردي السيارات مهدي محجوب، كل ما يتردد حول سلامة السيارات الصينية، مشيرا إلى أن القانون التونسي متشدد جدا في مسألة السلامة ودقة المواصفات.
وأكد محجوب، لـ "العربي الجديد"، أن القانون التونسي لا يسمح بحصول أي علامة تجارية تفد إلى السوق التونسية إلا بعد المصادقة عليها في إحدى الدول الموقعة على اتفاقية جنيف المتعلقة بالمواصفات الفنية للسيارات.
وأضاف أنه ليس من مصلحة المورد الإضرار بسمعته والمجازفة بسلامة العملاء، لافتا إلى أن غرفة موردي السيارات لا تعارض دخول علامات جديدة إلى السوق سواء كانت صينية أو غيرها شرط إخضاعها لشروط السلامة التي تعتبر خطا أحمر، وفق قوله.

اقرأ أيضا: تونس تتوقع طفرة في الاستثمارات الأجنبية

وشدد محجوب على ضرورة التزام الوكيل المورد بتوفير قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع، مشيرا إلى أن هناك طرازات صينية دخلت إلى بلدان مجاورة ثم اختفت في وقت قصير نظرا لعدم قدرتها على توفير خدمات ما بعد البيع.
وتبرر وزارة التجارة إسنادها لرخص توريد علامات آسيوية في قطاع السيارات بالاستجابة لرغبة الوكلاء في تنويع العرض تماشيا مع القدرة الشرائية للتونسيين.
وشهدت أسعار السيارات خلال السنوات الأربعة الأخيرة ارتفاعا يقدر بحدود 20% بسبب تراجع سعر الدينار مقارنة بالعملات الأجنبية وهو ما ولد ضغطا كبيرا على السوق الموازية التي باتت تستأثر بنحو 60% من هذا النشاط.
ويطالب وكلاء بيع السيارات منذ سنوات بتحرير النشاط ورفع نظام الحصص الذي تفرضه الحكومة والسماح لهم بتوريد 60 ألف سيارة سنويا مقابل 45 ألف سيارة حاليا.
ومنذ توقيع اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي عام 1994 بخصوص تحرير المبادلات التجارية، كان هناك توجه سياسي واقتصادي لتحرير التجارة، لكن رغم ذلك بقيت بعض الواردات خاضعة لمراقبة الإدارة وتقنينها على غرار توريد السيارات.
وتتمثل رقابة الدولة في توريد السيارات في فرض حصول المورد على ترخيص مسبق من وزارة التجارة طبقا لشروط محددة، ثم توزع حصص توريد السيارات على أساس التعاون الصناعي لوكلاء السيارات، وهو ما جعل الحكومة تبقي إلى الآن، على مراقبتها على توريد السيارات حتى تحافظ على احتياطاتها من العملات الأجنبية، بخاصة في مثل هذا الوضع الاقتصادي الصعب.
وكان النظام ما قبل ثورة يناير/كانون الثاني 2011 يعتبر نشاط توريد السيارات امتيازا اقتصاديا، حيث تحتكر عائلة بن علي وأصهاره جزءا كبيرا من هذا النشاط، كما كان النظام يسند التراخيص الجديدة حسب درجة رضاه على رجال الأعمال في تلك الفترة على أساس "الأقربون أولى بالمعروف"، وفق ما يصف مراقبون.
ومنحت الحكومة مؤخرا، التونسيين المقيمين بالخارج امتيازا ضريبيا بالسماح لهم بتوريد سيارة ثانية تكون معفية من الرسوم الجمركية على أن يكون التوريد حصريا عبر الوكلاء المعتمدين، وذلك في محاولة للتقليص من نشاط السوق الموازية وتوفير مصادر جديدة من النقد الأجنبي.

اقرأ أيضا: تونس: أزمة الحزب الحاكم تعكّر مناخ الاستثمار
المساهمون