تونس تطارد الحسابات المصرفية المشبوهة

15 ديسمبر 2015
الإجراء يأتي في سياق التشديدات الأمنية لمكافحة الإرهاب (Getty)
+ الخط -



أقر محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري في تصريح إعلامي بوجود المئات من الحسابات المصرفية المشبوهة، حسب تقرير أعدته لجنة التحاليل المالية.

وقال المحافظ إن المصرف المركزي أذن للجنة التدقيق المالي بإجراء بحث فني مالي في مصادر تمويل الحسابات البنكية المشبوهة، على أن تتم إحالة الملفات إما على رئاسة الحكومة فيما يتعلق بالجمعيات أو على الجهة القضائي.

وأوضح العياري أنه تم إعلام البنك المركزي بوجود عمليات مالية مسترابة من طرف عدد من البنوك.

ونبهت العديد من المنظمات والأحزاب السياسية في مناسبات سابقة من خطورة التمويلات المشبوهة التي تحوّل لعدد من الجمعيات "الخيرية"، مؤكدة على أن هذه التحويلات مجهولة المصدر تستعمل في تمويل الإرهاب واستقطاب الشباب العاطل عن العمل بغاية إقناعهم بالجهاد في بؤر التوتر.

وأحصى مركز "إفادة" الخاص بالجمعيات، أن نحو 18143 جمعية تنشط في تونس، لا تملك الجهات الرسمية أي قاعدة بيانات لها، كما تجهل حجم الموارد التي تنتفع بها ومصادر التمويل.
 
وأوضح رئيس المركز نبيل عجرود في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات" أن ثمانية آلاف جمعية فقط تمتلك ملفا ضريبيا، حسب إحصائيات وزارة المالية في حين تفتقد أكثر من 10 آلاف جمعية لأية هوية أو ملف مالي أو جبائي.

ويعتبر رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، إبراهيم الميساوي، أن مراقبة الجمعيات عملية صعبة ومعقدة بل تكاد تكون مستحيلة في ظلّ العدد الكبير للجمعيات، لافتا إلى أن محدودية هياكل المراقبة يجعل هذه المهمة شبه مستحيلة.

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن أغلب الجمعيات التي تحوم حولها شبهات تتعلق بالإرهاب تتخذ من النشاط الخيري ذريعة لاستقطاب الشباب وممارسة التهريب، مشيرا إلى 69% من الأشخاص العاملين في التهريب تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة؛ وهو ما يجعلهم طُعما سهلا للأنشطة الإرهابية.

واعتبر الميساوي أن الخطير في عمل هذه الجمعيات أنها تتلقى أموالا طائلة، وأن مؤسسيها لديهم علاقة بالفكر الجهادي ولهم ميولات متطرفة بشكل واضح.

وبيّن أن جمعية الشفافية المالية التي يرأسها أحصت قرابة 250 جمعية قد تكون لها شبهات تتعلق بالإرهاب، مؤكدا أن الجمعيات الخارجة عن القانون موجودة وتنشط إلى حد اليوم.

ويترقب إبراهيم الميساوي توسيع دائرة التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني لاقتفاء أثر التمويلات المشبوهة التي تضخ في الجمعيات، داعيا إلى إيجاد آليات رقابية تتلاءم مع الزخم الكبير للجمعيات وحجم التجاوزات التي تقوم بها بعض الجمعيات الخارجة عن القانون المنظم لنشاط هذه الهياكل.

اقرأ أيضاً: تونس تستعيد جزءاً من أموالها المهربة في الخارج

وكانت حكومة الحبيب الصيد قد أعلنت في وقت سابق تعليق نشاط 80 جمعية والتنبيه على 83 جمعية أخرى بتسوية وضعياتها القانونية، إضافة إلى حل عدد آخر من الجمعيات بقرار قضائي بسبب تمويلاتها المشبوهة، في مسعى لسد المنافذ أمام أي تمويل للأنشطة الإرهابية.
 
ويأتي قرار إيقاف نشاط الجمعيات ضمن حزمة إجراءات أطلقتها الحكومة، بهدف تطويق الإرهاب ومصادر تمويله، وشكلت الحكومة لجنة تتولى التدقيق في عمليات التمويل الداخلي والخارجي لأكثر من 150 جمعية، ومدى احتمال ارتباطها بالإرهاب، كما أقرت التعليق الفوري لنشاط الجمعيات التي لها علاقة بالإرهاب.

وتتجه الحكومة نحو فتح تحقيق قضائي شمال حول المئات من الحسابات البنكية المفتوحة بعدد من البنوك الخاصة، والتي تتضمن شبهات حول تمويل الإرهاب وكذلك مجموعة من الجمعيات الخيرية والتعاونية المشبوه فيها.

وكشفت التحقيقات التي أجراها البنك المركزي عن حسابات بنكية مشبوهة تتضمن مبالغ مالية ضخمة، ممّا جعل الحكومة تقرر بحث آلية جديدة لغلق منافذ تمويل الاتجاه الدعوي المتطرف.

وأبرز المكلف بالإعلام في البنك المركزي، زياد الموحلي، أن المصارف تقوم بالإعلام عن الحسابات المشبوهة عند إيداع الأشخاص لمبالغ مالية ضخمة دون الكشف عن مصدرها، حيث يتولى للبنك المركزي فتح تحقيق في الغرض وإرسال الملفات إلى القضاء أو الى رئاسة الحكومة إذا تعلق الأمر بالجمعيات.

وأضاف الموحلي في تصريح لـ "العربي الجديد" أنه لا يمكن حصر عدد الحسابات البنكية المشبوهة المتعلقة بالإرهاب وغيره، حيث يتم جمعها وتقديمها إلى الجهة المعنية سواء كان قضاء أو رئاسة حكومة.

ونفت دائرة المحاسبات (هيكل قضائي يشرف على مراقبة التمويلات العمومية) امتلاك أي هيكل أو مؤسسة عمومية لبيانات دقيقة حول حجم التمويل العمومي أو عدد الجمعيات المتمتعة بالمال العام.

ويفرض القانون المنظم لنشاط الجمعيات والأحزاب السياسية (المرسوم رقم 88) على الجمعيات المستفيدة من المال العام رفع تقرير مفصل حول تصرفها في مواردها لدائرة المحاسبات، ومع ذلك لم تقم إلا 1500 جمعية من جملة أكثر 18 ألف جمعية بإيداع تقارير حول مداخيلها ومصاريفها خلال العام الماضي 2014.

ويحق للدولة بموجب الدستور والقانون مراقبة الجمعيات المشتبه فيها وتجميد نشاطها كما يجيز الدستور لرئيس الجمهورية اتخاذ تدابير استثنائية في حال وجود خطر داهم، كما يسمح قانون الإرهاب ومنع غسل الأموال ملاحقة الجمعيات المشتبه في تمويلها وحلّها ومعاقبتها.

 
اقرأ أيضاً:
صندوق النقد: الاقتصاد التونسي سينمو 5% في 2019
البنك الدولي يُقرض تونس 5 مليارات دولار

المساهمون