عودة الرقابة الفردية.. عنوان انتصار اليونايتد على أياكس في نهائي الدوري الأوروبي

25 مايو 2017
مانشستر يونايتد يتواجد بين الكبار الموسم المقبل (Getty)
+ الخط -

حقق مانشستر يونايتد بطولته الأهم هذا الموسم، وضرب عصفورين بحجر واحد، بعد عودته من جديد إلى منافسات الشامبيونزليغ، وانتصاره على أياكس في نهائي الدوري الأوروبي، ليحصل مورينيو على ثقة مضاعفة قبل العام الجديد، ويستعيد عشاق الفريق الإنكليزي جزءا من ذكريات حقبة فيرغسون الرائعة. ورغم أن النتيجة النهائية كانت متوقعة إلى حد كبير، إلا أن نادي أياكس يحق له هو الآخر الفخر بالشبان الصغار الذين وصلوا إلى المباراة الأخيرة، وحاولوا وفق قدراتهم حتى آخر دقيقة، لكن الخبرة انتصرت كالعادة في مثل هذه المواجهات.

دفاع اليونايتد
دخل أياكس المباراة بنظام اللعب التموضعي المعروف عن مدربه بيتر بوس، من خلال وضع لاعبيه في المكان المناسب، مع الاستحواذ والسيطرة لنقل الكرة من مكان لآخر، أملا في تحريك لاعبي الخصم وخلق الفراغ اللازم للتفوق النوعي في وبين الخطوط، لذلك بدأ الهولنديون بخطتهم المفضلة 4-3-3، بتمركز شوني أسفل دائرة المنتصف خلف كل من كلاسين وزياش، بينما حصل تراوري ويونس على الطرفين، برفقة كاسبر دولبرغ في عمق الهجوم على مشارف منطقة الجزاء.

تعامل مورينيو بحرص في النهائي وعاد إلى مناطقه الخلفية، ليستخدم أسلوبه الناجح في المباريات الكبيرة أخيرا، الخاص بنظام الرقابة الفردية: رجل لرجل في كل مكان بالملعب. ووضع البرتغالي بوغبا على مقربة من كلاسين في المنتصف، وفيلايني أمام لاعب الارتكاز شوني، وقام هيريرا بدوره المعهود في مراقبة أفضل لاعبي المنافس. فعلها الإسباني ضد هازارد في الدوري والكأس، وأعادها في النهائي الأوروبي ضد المغربي حكيم زياش، ليظهر كظله كلما حصل على الكرة، أي لعب اليونايتد بنظام 3 ضد 3 في الوسط.

لم يكتف البرتغالي بذلك ليأمر ثنائي الأجنحة بالعودة إلى منتصف ملعبهم، حتى يراقب ماتا ظهير أياكس الأيسر، ويقترب مخيتاريان من لاعب الرواق الأيمن، بالإضافة إلى إغلاق كافة الطرق أمام ثنائي الأجنحة بتواجد فالنسيا ودارميان أمام يونس وتراوري، كل هذا لفصل لاعبي الوسط والهجوم عن حامل الكرة في الدفاع، وعزل المهاجم دولبرغ بتواجده بين بليند وسمولينغ بعيدا عن مرمى الحارس روميرو، أي خلق موقف 2 ضد 1 في الدفاع، والاكتفاء براشفورد أمام دفاعات أياكس بعيدا عن مراكز الخطورة.

استحواذ سلبي
استحوذ الفريق الهولندي على الكرة في معظم فترات اللعب، وسدد كرات أكثر في الشوطين، لكنه خسر في النهاية بهدفين ولم يصنع فرصا كثيرة مقارنة بسيطرته، نتيجة صعوبة الاختراق من الخلف، وتفوق أظهرة اليونايتد بالأخص في التقليل من خطورة أصحاب المهارة كيونس وتراوري على الخط، مع هيريرا الذي قلل كثيرا من قدرات زياش كلما استلم الكرة. إنها اللعبة التي أجبرت بيتر بوس على الاكتفاء بالتمركز في الوسط والهجوم، ومحاولة بدء الهجمة بقلبي الدفاع.

صعد دي ليخت بالكرة كثيرا، وحاول سانشيز بناء اللعب من الخلف بانطلاقه إلى منتصف ملعب مانشستر، ومحاولته البحث عن زملائه في أماكن خطيرة. وبالعودة إلى مباريات أياكس السابقة، حدث ذلك في قمة الدوري ضد فينورد، بلعب تمريرة طولية من الدفاع إلى دولبرغ مباشرة، الذي يحولها سريعا بلمسة واحدة إلى لاعب الوسط المنطلق بين الخطوط، لكن هذا لم يتكرر في النهائي نتيجة ابتعاد المهاجم الدنماركي عن الأحداث، ووجوده دائما بين ثنائي دفاعي صريح وليس مدافعا واحدا.

يظل المدافع سانشيز مميزا بسرعته وجرأته، لكنه افتقد إلى صناعة القرار في اللحظة المناسبة، لتصبح معظم تمريراته عادية ومتوقعة. كذلك لم يحاول أياكس الاختراق بواسطة الجناحين، عن طريق دخول يونس وتراوري إلى العمق لخلق الزيادة العددية خلف بوغبا وهيريرا، ما جعل طريقة هجوم أياكس بطيئة، بتضييق الخناق على ثلاثية دولبرغ، كلاسين، وزياش في المنتصف، لدرجة أن هجمة الفريق الوحيدة خلال الشوط الأول جاءت بعد تحول تراوري من اليمين إلى اليسار، واستلامه الكرة في مكان مميز بعد لعب تمريرة مزدوجة برفقة يونس بين وسط اليونايتد ودفاعه.

طريقة الحسم
تظهر الاختلافات بين جودة الفرق في المباريات النهائية، فاليونايتد لم يلعب بشكل مميز في معظم جولات البطولة، لكنه يملك المجموعة التي تساعده على الحسم، عكس الفريق الهولندي الذي يشارك بمتوسط أعمار صغير للغاية، لذلك نجح مانشستر في التفوق سريعا بفضل بول بوغبا، الفرنسي الذي يتحرك بشكل مثالي في منتصف ملعب المنافس، ويبحث دائما عن الفراغ المطلوب من أجل استلام الكرة بعيدا عن الرقابة، ما يساعده على التسديد بأريحية في الوقت المناسب كما حدث في لقطة الهدف الأول.

ربما كانت التسديدة في متناول الحارس الكاميروني، لكنها اصطدمت بقدم مدافع أياكس لتسكن الشباك، وبالتالي يبقى العنصر الأهم في الضغط على حامل الكرة، وكسر هجمة أياكس قبل المرور إلى المنتصف، ومن ثم قلب اللعب بأقصر وسيلة ممكنة، عن طريق التمريرة العرضية من اليمين إلى اليسار مرورا بالمنتصف، ليحصل بوغبا على الكرة ويجد نفسه في وضعية رائعة لافتتاح النتيجة، هكذا يُصنع الفارق في النهائي.

ومع بداية الشوط الثاني، توقع المتابعون عودة قوية لفريق أمستردام، وكان هذا الأمر ممكنا بشدة لكن جاءت الضربة القاضية من الكرات الثابتة، فاليونايتد يتفوق على أياكس في ألعاب الهواء بسبب طول بوغبا وفيلايني وسمولينغ، وبالتالي وجد مخيتاريان نفسه على بعد خطوة من مرمى أونانا، ليضع الكرة بسهولة ويسر داخل الشباك معلنا نهاية المباراة قبل حتى أن تدخل المباراة في تفاصيل حسابات الدقائق الأخيرة.

مصيدة الضغط
تفكر الفرق الهجومية في توفير أكثر من طريقة للاختراق أمام الدفاع المتكتل، بدعوة الخصم وإجباره على الخروج من مناطقه طلبا للكرة، بلعب بعض التمريرات القصيرة والسهلة حتى يحاول لاعب الوسط المقابل قطعها، ما يجعله بعيدا عن مركزه ويخلق فراغا متاحا خلفه، ليدخل سريعا لاعب الجناح إلى العمق ويصنع ثنائية سريعة مع زميله بالوسط، حتى تنتقل الهجمة من الدفاع إلى الهجوم عن طريق لاعبي المنتصف، وهذا ما لم ينجح فيه أياكس طوال التسعين دقيقة.

حاول بوس تغيير قواعد المباراة بإضافة البرازيلي سيرني على اليمين، ودخول تراوري في العمق كمهاجم صريح، لكن بقيت المشكلة كما هي دون تغيير، بسبب ضعف عدد العناصر في خط المنتصف، ليبقى بوغبا وهيريرا في مركزيهما بالقرب من فيلايني، ليظل أياكس بثلاثة لاعبين فقط في المنتصف، وتستمر الأزمة حتى نهاية اللقاء، بصعوبة الاختراق من العمق وبقاء لاعبي الأطراف على الخط الجانبي بعيدا عن مراكز اللعب خلف خطوط الضغط، ليخسر الفريق الهولندي بسبب عدم تمكنه من صناعة "مصيدة الضغط" لكسر دفاعات مورينيو المتكتلة.

في النهاية حقق جوزيه ما أراد، ونجح في الهروب من الضغوطات الكبيرة التي لازمته هذا الموسم، ليحقق الدوري الأوروبي ويصعد إلى رابطة الأبطال، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تقوية الفريق بأسماء جديدة في الميركاتو الصيفي. يتحدث الكل في مانشستر عن غريزمان ورودريغز وأسماء أخرى، كل هذا من أجل مزاحمة كبار القارة العجوز في أقرب وقت، ليبدأ الاختبار الحقيقي في العام القادم.

(العربي الجديد)
المساهمون