اللقاء الأخير في بطولة الظل.. بوس تلميذ كرويف يتحدى مورينيو رجل النهائيات

23 مايو 2017
نهائي مرتقب بين مانشستر يونايتد وأياكس (Getty)
+ الخط -


التعامل مع الشباب ليس بالأمر السهل، يجب أن تؤمن بقدرتهم على التغيير، وتنقل هذا الشعور إلى كل لاعب. يخبر بوس فريقه بأن كل لاعب يجب أن يثق بنفسه حتى يثق فيه الغير. عندما يفقد أياكس الكرة، هناك حل سهل بعودة اللاعبين على الفور إلى ملعبهم للدفاع، ولكن ما يحدث الآن على النقيض تماما، ينطلق الجميع نحو حامل الكرة للحصول عليها في أسرع وقت ممكن، هذه هي طريقة بيتر بوس التي أوجدها داخل عقول وقلوب مجموعته منذ اليوم الأول له في أمستردام.

5 ثوان
في تقرير أفردته الغارديان الإنكليزية عن جيل التلامذة الجديد في أياكس، أفردت الصحيفة جانبا خاصا بالمدير الفني بيتر بوس، الرجل الذي لعب طوال مسيرته كلاعب ارتكاز دفاعي صريح، يقطع الكرات على الطريقة الكلاسيكية ولا يصعد أبدا للأمام. يقول القائد عن نفسه: "عندما أشاهد الآن ما كنت أقوم به في الملعب، لا أستمتع أبدا. هذه الكرة لا تروقني الآن. لا أفضّل أن يلعب فريقي بهذه الطريقة أمام الخصوم. أفضل الاستمتاع بكل كبيرة وصغيرة في الكرة، وكما أحب ذلك لنفسي أحبه للجمهور والمشاهدين بالمدرجات".

بيتر من المعجبين بأفكار بيب غوارديولا ومدرسته، يفضل الاستحواذ والضغط العالي طلبا للكرة، لكنه لا يطبق قاعدة الثلاث ثواني التي اشتهر بها برشلونة، لأنه وفق منظوره لا يملك الجودة مثل نجوم الكامب نو، لذلك أعطى لاعبيه ثانيتين إضافيتين، أي أن أياكس يحاول قطع الكرة في نصف ملعب المنافس خلال خمس ثوان بعد فقدان الهجمة.

يحتاج الفريق الآخر إلى وقت مناسب للتفكير في تنفيذ الهجمة المرتدة، الخصم يحتاج أكثر أو أقل من خمس ثوان للحصول على المواقف الصحيحة على مستوى التمركز. ويتحدث بوس عن فلسفته الهجومية مشيرا إلى تفضيله المغامرة على التحفظ، حتى لو اضطر في بعض الأحيان لدفع الثمن، فالثبات على المبدأ من الأساسيات التي يسير عليها المدرب منذ أيامه الأولى حينما تولى القيادة الفنية لفريق أغوف المتواضع.

المثل الأعلى
في عام 1968، كان كرويف لاعبا صاعدا في أياكس، وله شخصية كبيرة رغم صغر سنه. وقتها كانت هناك دردشة بين بعض اللاعبين، ليدخل يوهان في الحديث ويقول: سنصبح أفضل كرة ممكنة في العالم، وسيسير على خطانا الكثير بعد ذلك. وقبل أن يسخر منه أحد، قال: إن ما يميزنا الآن ونحن في طور البدايات، أننا نملك الرؤية ونعرف أهدافنا، ولنا ما نعمل من أجله بالثبات والتخيل. نحن نواصل على طريقتنا، سواء خسرنا أو فزنا، لا تخدعنا لغة النهايات، ولا نحب جمهور النتائج.

يتذكر كرويف مع الحضور مباراة أياكس وليفربول سنة 66، بداية الثورة الهولندية، فاز أياكس يومها 5-1. ويكمل حديثه: فقط عندما فزنا عليهم بالخمسة، بدأوا يفكرون في مسار جديد. لكن أياكس يلعب بنفس طريقته، سواء خسر أو فاز، لأننا نعرف ما نريد، ونهتم بالعملية لا النتيجة النهائية.

يعرف كل المتعصبين لمدرسة أياكس هذه القصة ويحفظونها عن ظهر قلب، قالها بيتر بوس للاعبيه في بداية الموسم. ويفخر المدرب في كل مناسبة بأنه تلميذ نجيب ليوهان كرويف. هكذا قال المدرب بالنص في حواره مع غارديان: "كان لدي معشوق واحد فقط، كنت أحلم بأن أكون مدربا منذ صغري، لذلك جمعت كل شيء عنه سواء مقالات أو مراجع أو محاضرات، مع تقسيم كل جزء، هذا للدفاع وهذا للهجوم بينما هذا الجزء تكتيكي بحت".

يراهن أياكس على خطة لعب 4-3-3، رباعي دفاعي مع ثلاثي وسط وثلاثي هجومي على الطريقة الهولندية، ويدور كل شيء حول خط الوسط، لاعب ارتكاز وحيد أسفل دائرة المنتصف وأمامه ثنائي متحرك في المركز 8، كلاسين وحكيم زياش هما العقل المدبر للتشكيلة، مع خلطة شبابية بالثلث الأخير، مع كل من يونس وتراوري ودولبيرغ، برفقة البديل الرائع جاستين كلايفرت.

الاستثنائي
مورينيو أيضا مدين بالكثير لمدرب هولندي آخر، إنه لويس فان غال، بالإضافة إلى شيخ المدربين الإنكليز بوبي روبسون، لذلك عندما سئل عن الفرق بين الاثنين، تحدث جوزيه باستفاضة عبر حوار قديم مؤكدا: "بدأت مع بوبي كمترجم، ثم زاد دوري حتى أصبحت أدرس المنافسين وأقدم التقارير الخاصة للمدير الفني، وجمعت بين وظيفة المترجم والمساعد في آن واحد، وبعد رحيل روبسون، التحقت بطاقم فان غال كأحد مساعديه، وكنت الوحيد من فريق المدرب الإنكليزي، الذي استمر في صفوف النادي الكتالوني".

هناك اختلافات بين الثنائي، وكنت محظوظا للغاية بالتعلم من مدرستين مختلفتين في أشياء عديدة. روبسون قائد بالفطرة، لا يحتاج إلى فعل شيء من أجل التأكيد على أنه الرجل الكبير، له كاريزما خاصة، والكل يحبه ويحترمه، وأينما يذهب تلاحقه الكاميرات وطلبات المشجعين، سواء الكبار أو الصغار.

بينما لويس غريب بعض الشيء، غير قريب من اللاعبين، ولا يهتم بالعلاقات الجانبية، لكنه صاحب شخصية قوية للغاية، وعاشق للصدامات مع الآخرين. لذلك - والكلام ما زال لمورينيو- تعلمت الكثير من الشخصين، ومزجت صفات من هنا وهناك في قالب واحد. يجب عليك أن تكون لك قواعدك الخاصة، وقوانينك التي يسير عليها الجميع، لكن عليك وضع شخصية كل لاعب بالحسبان.

جوزيه بارع في النواحي الخططية، يغلق مناطقه جيدا ويقلل الفراغات في دفاعه، ويعتمد كثيرا على الخطف بالمرتدات أو الكرات الثابتة. وفي ولايته الأولى مع مانشستر، يتعرف على اللاعبين بالتدريج، وينقل خبراته أولا إلى المجموعة بالكامل، ليظهر الفريق بشكل صلب في أكثر من مباراة، ورغم عدم تحقيقه انتصارات متتالية، إلا أنه أيضا لم يتعرض لهزائم كبيرة بعد السقوط ضد تشيلسي في ستامفورد بريدج بالأربعة.

شخصية البطل
قدم اليونايتد مباراة سيئة للغاية أمام ساوثهامبتون في نهائي كأس رابطة المحترفين، لكنه حقق الفوز واللقب في النهاية، لأن مورينيو يلعب النهائيات من أجل الفوز لا الأداء. وتعتبر عودة مانشستر يونايتد إلى منصات التتويج من جديد بمثابة المهمة الأولى التي جاء البرتغالي من أجلها إلى الأولد ترافورد، لذلك يضع مُلّاك النادي اهتماما مضاعفا بنهائي الدوري الأوروبي، لاستعادة أمجاد السير أليكس فيرغسون، ووضع النادي من جديد بين الكبار.

حسم السويدي إبراهيموفيتش مباريات عديدة للشياطين الحمر، لكن مع غيابه سيعتمد الطاقم الفني على راشفورد كرأس حربة متحرك، يتحول للجناح ويستلم الكرة خلف الظهيرين المتقدمين، برفقة الثنائي المساعد مخيتاريان ومارسيال، بينما لا خلاف على الثلاثي فيلايني وهيريرا وبوغبا في المنتصف، لكي يكسب الفريق الصراع البدني ضد لاعبي أياكس، ويحصل الفرنسي على الحرية اللازمة لصعوده إلى الهجوم وصناعته الفرص تجاه الثلث الأخير.

يحتاج الفريق الإنكليزي إلى البطولة أكثر من منافسه، ليس فقط للتتويج بالكأس ولكن للوصول إلى عصبة الأبطال، بعد خروجه من المراكز المؤهلة للشامبيونزليغ في البريمرليغ. كذلك يعرف مورينيو جيدا أن الخطوة الأولى لصناعة فريق تنافسي كبير يجب أن ترتبط بتحقيق بطولة أخرى هذا الموسم، وبالتالي سيلعب اليونايتد وفق فلسفة مديره الفني، الفوز أولا وثانيا وثالثا أمام مدرسة الكرة الجميلة في أوروبا على مر التاريخ.

المساهمون