سلّط موقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الأنظار على سيرة أحد أساطير التدريب في كرة القدم العراقية والخليجية والآسيوية، وهو الراحل عمو بابا، المدرب الذي صنع تاريخاً كروياً زاهراً لبلاده، وقدّم إضافة من نوع آخر للعبة التي ارتبط بها منذ نعومة أظفاره وحتى أنفاسه الأخيرة. ونشر الموقع تقريراً خاصاً عن "أيقونة الكرة العراقية".
عمانويل بابا داود، وهو الاسم الحقيقي للمدرب العراقي الراحل الشهير عمو بابا، وُلد في العاصمة العراقية بغداد، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1934. كانت بدايته في عالم الرياضة من خلال ألعاب القوى التي عرف من خلالها معنى تحقيق الألقاب، بتتويجه بطلاً للعراق في سباق 400 متر موانع، ليساهم ذلك كثيراً في صناعة عقلية رياضية لا تعرف سوى البطولات طموحاً لها.
وعلى الرغم من أن مسيرته الكروية كلاعب لم تحظ بالإنجازات الكبيرة، إلا أنه كتب التاريخ على طريقته الخاصة عندما سجل أول أهداف المنتخب العراقي على الصعيد الدولي، وكان ذلك في شباك المنتخب المغربي خلال دورة الألعاب الرياضية العربية التي أقيمت في لبنان عام 1957.
كما يُحسب لعمو بابا كلاعب أنه أول من يسجل هدفاً للمنتخب العراقي الأولمبي، وكان ذلك في شباك منتخب لبنان الأولمبي، ضمن التصفيات المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية في روما عام 1960، لتجبره الإصابة على ترك ميادين كرة القدم عام 1966 بعد أن مثّل خلال مسيرته صفوف فريقي القوة الجوية وأمانة بغداد.
وبقي عمو بابا مخلصاً لمعشوقته كرة القدم وانتقل بعدها مباشرة إلى عالم التدريب، الذي صال وجال فيه من خلال الكثير من الإنجازات التي حققها، مثل لقب بطولة العالم مع المنتخب العسكري 1979، وقيادته المنتخب الأولمبي في دورة الألعاب الأولمبية ثلاث مرات أعوام 1980 في موسكو و1984 في لوس أنجليس و1988 في سيول، وفوزه بذهبية دورة الألعاب الآسيوية عام 1982 في الهند.
وظلت الهيمنة الكويتية على ألقاب كأس الخليج منذ تأسيسها عام 1970 ولأربع بطولات متتالية، حتى جاء عمو بابا وقاد المنتخب العراقي لكسر الاحتكار الكويتي، محرزاً اللقب الأول في المسابقة التي جرت في العراق عام 1979، لتبدأ مسيرة ناصعة للمدرب مع ذلك الحدث الكروي.
أعاد المنتخب الكويتي "صاحب الرقم القياسي بعدد الألقاب" الكأس إلى خزائنه في الدورة السادسة، لكن "شيخ المدربين العراقيين" قاد كتيبة منتخب بلاده إلى الفوز مرة أخرى في النسخة السابعة التي جرت في سلطنة عمان في عام 1984.
واستمرت لعبة الكراسي الموسيقية بين الكويت والعراق على لقب كأس الخليج، ونجح الأزرق في الفوز بالبطولة الثامنة، ليقود الراحل عمو بابا العراق إلى اللقب الثالث في تاريخه خلال البطولة التاسعة التي جرت في السعودية عام 1988، لينفرد بالرقم القياسي كأكثر المدربين تحقيقاً للألقاب في تاريخ البطولة حيث ظل رقمه صامداً حتى الآن.
صائد البطولات قاد في العام ذاته المنتخب العراقي إلى الفوز ببطولة كأس العرب، التي أقيمت في العاصمة الأردنية عمّان، كما قاد عدة أندية كبرى في بلاده لتحقيق إنجازات محلية، وهي الزوراء والرشيد "سابقاً" والقوة الجوية والطلبة.
ويعود الفضل لعمو بابا في اكتشاف الكثير من المواهب الكروية التي باتت أسماء لامعة وأساطير للعبة مثل حسين سعيد، وفلاح حسن، وأحمد راضي، وعدنان درجال، ووراضي شنيشل، وليث حسين، وحبيب جعفر وغيرهم من اللاعبين الذين سطروا ذكريات تاريخية كروية للعراق في فترة الثمانينيات التي شهدت التأهل الأول والأخير للعراق إلى كأس العالم في المكسيك عام 1986، وكان للمدرب العراقي لمسة مؤقتة في مشوار المنتخب في التصفيات.
وغابت شمس أيقونة التدريب العراقية، في 27 مايو/أيار في عام 2009 بأحد المستشفيات العراقية ودُفن في قبر صُمم خصيصاً بناء على وصيته بالقرب من ملعب الشعب الدولي الشهير، الذي كان شاهد عيان على مسيرة مميزة لأبرز المدربين في منطقة غرب آسيا.
Facebook Post |