البحث عن إنيستا.. طوق النجاة لمغامرة إنريكي مع برشلونة

07 أكتوبر 2016
الرسام أفضل حلول إنريكي لاكتمال اللوحة (Getty)
+ الخط -

فقد برشلونة نقاطا عديدة هذا الموسم، رغم أننا لا زلنا في البدايات، من الهزيمة أمام الصاعد ألافيس إلى التعادل مع أتليتكو مدريد، ثم الهزيمة المتوقعة كلما كان الخصم هو سيلتا فيغو، ليبتعد حامل اللقب عن الصدارة، ويضع لويس إنريكي نفسه تحت الضغط، خصوصا مع كثرة التغييرات التي أفقدت الفريق رونقه طوال الفترة الأخيرة.

بارسا لوتشو
يتحدث سامباولي في حوار سابق عن الفرق بين بارسا غوارديولا وبارسا إنريكي، ليقول مدرب إشبيلية الحالي إن فريق البيب كان أكثر جماعية، ومع لغة الأرقام، هو حقا فريق من الصعب جدا منافسته حاليا أو تاريخيا. بينما بارسا لوتشو وجد نوعية هجومية رائعة، مع لاعب بقيمة إنيستا في الوسط، لتحدث نسبة أهداف أسطورية، لأن الثلاثي الأمامي وصل إلى درجة تعاون غير عادية.

هناك فروقات بين الجانبين، فبارسا إنريكي أكثر قوة هجومية، لكن بارسا بيب الأكثر توازنا واتساقا كأسلوب أداء. ويعتبر الفريق الحالي للمدرب أقل جماعية من نسخة بيب، لأنه خرج بعض الشيء عن قواعد اللعب الموضعي، وزادت صبغة اللعب المباشر أثناء التحولات من الدفاع إلى الهجوم.

أيام بيب، كان الثلاثي الهجومي يتحرك باستمرار في أنصاف المسافات، في الخطوط وبينها، لفتح الفراغات اللازمة لاستلام كل من ميسي، إنيستا، تشافي الكرات، ووقتها قل على المنافس السلام. لكن في الفترة الحالية وظيفة لاعبي الوسط هي التوازن، أما الهجوم فدوره أكبر من التسجيل، يخلق الفرص ويفعل كل شيء بالثلث الأخير.

وبالتالي نستطيع القول إن كتيبة إنريكي فردية أكثر من سابقه، ولا يجد المدرب أي مشكلة في ذلك، لأنه يعرف جيدا أنه يملك مهارات خاصة ومختلفة، لكن أحيانا ينقلب السحر على الساحر، حينما يتعرض أحد أعضاء مثلث الرعب إلى الإصابة أو الغياب، فيظهر الخلل واضحا وجليا أمام كل المنافسين، الضعيف منهم والقوي.

المداورة
يستخدم لويس إنريكي أسلوب المداورة كثيرا، لدرجة أنه يستخدم تشكيلات عديدة ولا يعيد أي تشكيلة إلا في أضيق الظروف. وتطور الأمر بوضوح هذا الموسم بعد التدعيمات الأخيرة، ليضع كامل ثقته في كل أعضاء الفريق الأول باستثناء أليكس فيدال تقريبا، ويدخل البارسا في كل مباراة بمجموعة مغايرة وخطة مختلفة، لكن النتائج لم تكن في الموعد حتى الآن.

تؤدي كثرة المداورة إلى غياب التفاهم والتجانس داخل المجموعة، بمعنى عدم الثبات على تشكيلة واحدة خلال فترة زمينة معينة، ليصبح كل لاعب غريبا عن الآخر، وتتحول المباريات إلى ما يشبه التدريب، من خلال استحالة اللعب بمعدل ثابت من مباراة إلى أخرى، مع حاجة النجوم أنفسهم إلى مزيد من الوقت للتعرف على شكل الخطة الجديدة، ومدى قدرتهم على مواجهة كل منافس.

ومن الناحية البدنية، يقول رايموند فيرهيغن، أحد خبراء هذا المجال، إن لعبة المداورة تضعف من وحدة تجانس الفريق، ليس فقط على الصعيد الفني بل أيضا في ما يخص الشق البدني، لأن عدم حصول اللاعب على وحدات ثابتة قبل وبعد كل مباراة، يجعله عرضة للإصابة والتقلصات العضلية.

ومع اللعب بأكثر من تشكيلة، تقل وحدات الاتصال بين المجموعة الواحدة، ويصبح اللعب بمستوى شبه ثابت أمرا مستحيلا في النطاق القريب، وهذا ما يفسر باختصار شديد أسباب ضياع بعض النقاط السهلة من برشلونة في نسخة الليغا الحالية.

السلاح المضاد
رغم كل عيوب فكرة المداورة، إلا أنها مفيدة على الصعيد المستقبلي، من خلال الوصول إلى مراحل الحسم بأقدام ثابتة وفريق بعيد كل البعد عن الإرهاق. وبالعودة إلى الموسم الأول لإنريكي، سنجد أن برشلونة استفاد كثيرا من هذه اللعبة في النهاية، عكس ريال مدريد تحت قيادة أنشيلوتي، فريق النجوم الذي لعب بالتشكيلة نفسها حتى أضاع كل شيء في الأمتار الأخيرة.

ويعرف الجهاز الفني لبرشلونة هذه المزايا والعيوب جيدا، لأنه من طلب عدة صفقات بالميركاتو الصيفي، ما يعني وجود خيارات عديدة على الدكة، وبالطبع تؤدي كثرة النجوم إلى استخدام العديد من التشكيلات، لأن الكل يريد اللعب، ويستحق ذلك في النهاية. لكن من أجل الاستفادة القصوى من هذا السلاح الفني، يجب كسب النقاط دون مشاكل في المباريات السهلة، ومحاولة اللعب "على المضمون" خلال المواجهات المعقدة.

وفي الموسم الحالي، لم ينجح لويس إنريكي بعد في إيجاد الصيغة المناسبة لتحقيق هذه الأمور، فالمدرب جانبه الصواب في بعض الرهانات، كإراحة بعض الأسماء الكبيرة، كإنيستا وراكيتيتش أمام سيلتا فيغو، الفريق المعروف بالضغط العالي، والذي يحتاج إلى نوعية خاصة في المنتصف، تجيد الاحتفاظ بالكرة ونقلها سريعا من الخلف إلى الأمام، إما بالتحرك دون الكرة أو بالمراوغة على طريقة الرسام صاحب القميص رقم 8، لذلك كان الأداء أفضل بعد مشاركة القائد في الشوط الثاني.

البحث عن إنيستا
عرف لوتشو جيدا أن فكرة المداورة بثنائي من الـMSN أمر غير ناجح، حدث ذلك أمام ريال سوسيداد في الموسم الأول، ثم تكرر ضد ألافيس منذ فترة قريبة. ويعود السبب إلى اعتماد برشلونة على فرديات مثلث الهجوم، ولمواصلة الضرب بالطريقة نفسها، يفضّل إراحة لاعب واحد منهم أمام الفرق التي تدافع بشكل متأخر من الخلف.
وإذا كان لاعبو الهجوم هم الأساس في طريقة لعب برشلونة، فإن لاعبا بقيمة إنيستا غير قابل أبدا للمس، رغم تعاقد البارسا مع كل من أندريا جوميز، دينيس سواريز، ومن قبلهم أردا توران. ومع كامل الاحترام لكل هؤلاء، إلا أن وجود أندريس يبقى إضافة أخرى. فالبرتغالي مميز بالاحتفاظ بالكرة لكنه بطيء بعض الشيء، أما دينيس فلاعب يجيد التحولات، وتوران لاعب مهاجم أكثر منه وسط صريح.

وبالعودة إلى كبر سن إنيستا وكثرة إصاباته، من الصعب بل المستحيل اللعب به في كافة المواجهات، وبالتالي يحتاج لوتشو ورفاقه إلى استغلال جاهزيته قدر المستطاع، بإراحته أمام الفرق المتوسطة والسهلة في كامب نو، لكن أمام فريق يشبه سيلتا، يضغط ويهاجم ولا يهاب أحد، فإن وجود الكابتن ضروري، حتى قبل سواريز ونيمار، لأنه الوحيد الذي يكسر مصيدة الضغط بجوار بوسكيتس، نتيجة تحركاته في الخطوط وبينها، وسلاسته في نقل الهجمة إلى الثلث الأخير دون مشاكل.

بكل تأكيد هذه الحلول تعتبر مؤقتة وغير شاملة، لأن إنريكي عليه البحث في دفاتره القديمة، ربما زيادة تجانس جوميز أمر يجعله أقرب لملء فراغ إنيستا، لكن يجب ألا ننسى ميسي في النهاية، فالأرجنتيني يمكنه لعب دور إنيستا بكل سهولة، بوضعه كلاعب وسط إضافي في المركز 8 بالملعب، والرهان على رافينيا أو توران برفقة لاعبي الهجوم، كلها أمور تحتاج الصبر والانتظار، حتى نعرف مصير سفينة الكتلان في هذا الموسم الصعب من بدايته.

المساهمون