حرية الإعلام... أكثر ما يخيف الدول المحاصرة لقطر

24 يونيو 2017
(أرابيان بي/Getty)
+ الخط -
أخيراً، وبعد انتظار ثلاثة أسابيع، ووسط استغراب دولي، سلّمت دول الحصار العربيّ، ورقة مطالبها إلى قطر، مشترطة تنفيذها خلال عشرة أيام وإلا اعتبرت لاغية. لم تأت ورقة الشروط هذه إلا لتؤكّد المعروف مسبقاً، عن سعي السعودية ومعها الإمارات والبحرين، إلى فرض الوصاية على دولة قطر، بعيداً عن كل الشعارات الرنانة التي رفعت مع انطلاق الحملة، مثل "محاربة الإرهاب"، و"إعادة قطر إلى الحضن الخليجي".
بندان من أصل 13 بنداً أثارت جدلاً واسعاً بين المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام، وهما البند السادس، والبند رقم 11، بسبب تأكيدهما على عقلية دول الحصار، الرافضة للرأي الآخر، والساعية لإسكات اي صوت يغرّد خارج السرب. البند السادس نصّ على "إغلاق قنوات الجزيرة والقنوات التابعة لها"، بينما نصّ البند رقم 11 على "إغلاق كافة وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر (على سبيل المثال مواقع عربي 21، رصد، العربي الجديد، مكملين... وذلك على سبيل المثال لا الحصر)".
لكنْ هذان المطلبان لا يبدوان مفاجئين. بل إن حملة إسكات الإعلام الرافض للحملة على قطر، بدأت منذ اليوم الأول للحملة، بل أكثر منذ ما قبل اختراق وكالة الأنباء القطرية (قنا) قبل أكثر من شهر. إذ بدأ حجب المواقع تدريجياً، ثمّ قطع بثّ قناة "الجزيرة" في دول الحصار، لتصل الأمور إلى قمتها، مع محاولة اختراق حسابات الشبكة الأسبوع الماضي، ثمّ سيل التبليغات ضدّ حسابها على "تويتر" ما أدى إلى تعطيل الحساب لساعات. وترافق كل ذلك مع استخدام الإعلام السعودي والإماراتي والمصري للتحريض على وسائل إعلام قطرية أو ترفض الحملة على قطر، والتحريض كذلك على إعلاميين زملاء، بينهم صحافيون في قناة "الجزيرة".

مقال نيويورك تايمز

هذان المطلبان أثارا ردود فعل مختلفة، على مواقع التواصل الاجتماعي، كما في وسائل الإعلام العالمية. ولعلّ أبرز المقالات هو ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. المقال الذي وقّع بإسم هيئة التحرير حمل عنوان "هجمات مضللة على قناة الجزيرة" نشرته الصحيفة قبل ثلاثة أيام، أي قبل قائمة المطالب لدول الحصار، لكنّها أتت تعليقا على اتجاه هذه الدول لقمع حرية التعبير. وجاء في المقال "في الحقيقة، إنّ السعودية وجيرانها يحاولون القضاء على صوت يمكن أن يقود المواطنين إلى مساءلة حكّامهم. "الجزيرة" كانت المصدر الرئيسي للأخبار عندما ضرب الربيع العربي الشرق الأوسط عام 2011". وأشارت إلى أن الثورات قادت إلى الإطاحة بالديكتاتور المدعوم من الجيش حسني مبارك، وأدت إلى أول انتخابات حرّة في مصر، والتي أتت بالإخوان المسلمين إلى السلطة، شبكة سياسية فضفاضة أُسست في مصر عام 1928، كما نبذت العنف. لكنّ السبب الحقيقي لتصنيفها إرهابيّة، هو اعتبارها تهديداً شعبياً من قبل الأنظمة الديكتاتوريّة، بحسب "نيويورك تايمز".
أما وسائل الإعلام الغربية الأخرى، فوضعت إقفال "الجزيرة" ووسائل الإعلام الأخرى، كعنوان رئيسي للمقالات حول الشروط التي أعلنتها السعودية والإمارات والبحرين. ومن بينها مثلاً نذكر "ذا غارديان"، "ذا إندبندنت"، "ديلي تيليغراف"، "سي أن أن"، "واشنطن بوست"، مجلة "تايم"... وغيرها من المؤسسات الإعلامية الشهيرة.
كذلك كان لافتاً المقال الذي نشرته صحيفة "إيفنينغ ستاندارد" المحلية البريطانية وحمل عنوان "هل هذه نهاية الجزيرة"؟. في المقال يستعرض الكاتب جون أرليدج زيارته لمكاتب القناة في لندن، ثم يستعيد زيارته للشبكة في الدوحة، معدداً الإنجازات التي حققتها الشبكة في عالم التلفزيون العربي عموما، وأهميتها في نقل التغطيات الإخبارية إلى مستوى جديد تماماً. لكن الكاتب لا يجيب عن السؤال ـ العنوان في نصه، إلا مع نهاية المقال حين يستعيد ما قاله السفير القطري في الولايات المتحدة "إن كانوا يعتبرون نفسهم مهددين بقناة الجزيرة... فهل حرية التعبير والإعلام الحرّ يخيفهم"؟ ليختم قائلاً إن نهاية الجزيرة ليست بالوشيكة إطلاقاً.

مواقع التواصل

على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر كثيرون عن تضامنهم مع وسائل الإعلام المستهدفة. وكان لافتاً حجم التضامن من قبل مغردين غربيين مع وسائل الإعلام. فكتب البريطاني ميكو توامي "الصحافة لا يمكن أن تكون جيدة إلا إن أغضبت أحداً. يبدو أن وسائل الإعلام هذه تقوم بعمل ممتاز". بينما اعتبر نيكولاس ماكغيهان أن ما يحصل هو خير دليل على "نفاق دول الحصار التي لا تريد سوى فرض هيمنتها على قطر وعلى القطريين من خلال منع الصوت الآخر".
وفي العالم العربي شغل هذا الملف المغردين يوم أمس فكتب عماد "من يخشَ صوت الحق يطالب بقمع الإعلام". بينما تساءل أحمد: "هل حقاً يريدون إقفال الإعلام أم يريدون فرض الوصاية على قطر وجعلها دولة تابعة"؟ كذلك عبّر المغردون القطريون عن رفضهم للمطالب الـ13، مشجعين حكومتهم على رفضها كلها والصمود أمام الحصار، من خلال وسم "#القايمه_مرفوضه" و"#القائمة_مرفوضة". وهو الوسم الذي تصدر قائمة الأكثر تداولاً من قطر، والكويت وغيرها من الدول العربية.





المساهمون