الصحف السعوديّة تواجه فترة حرجة: الأزمة المالية خانقة

10 أكتوبر 2016
تباع الصحف بربع سعر تكلفتها (Getty)
+ الخط -
تواجه الصحف السعوديّة صراع وجود يتمثّل في التمويل والأزمة المالية التي تطاول صحفاً حول العالم. وتلقت الصحف السعوديّة العاملة في البلاد صفعةً قاسية بعد أن قررت وزارة المالية إيقاف نشر الإعلانات الحكومية فيها، في قرار تزامن مع إيقاف الخطوط الجوية السعوديّة توزيع الصحف السعودية على متن رحلاتها، والقرار هو الثالث الموجع، بعد أن قررت وزارة التجارة في وقت سابق وقف إعلان ميزانيات الشركات على صفحاتها الأمر الذي حرمها دخلاً كبيرًا يتجاوز الثلاثة ملايين دولار سنوياً، خصوصاً مع مزاحمة المواقع الإلكترونيّة للصحف الورقيّة.

كلفة كبيرة وأزمة مالية

وتسبب هذا الإجراء في سلب الصحف السعوديّة أهم مواردها الماليّة الثابتة، والتي كانت تعتبر دعمًا حكوميًا غير مباشر لها. كما كانت تعول عليه في ظلّ تراجع مبيعات معظم الصحف، وتراجع مساحات الإعلان بشكل مطرد منذ أربع سنوات، في أغلبها عدا الأربع الكبرى منها التي تستحوذ على نسبة 48 بالمئة من تلك الإعلانات، إضافةً لارتفاع تكاليف الطباعة والورق والشحن الجوي، وتعثّر الجهات الحكوميّة عن سداد مديونياتها، وتحجيم الاشتراكات الحكومية.
وبدأت الأزمة المالية تخنق المؤسسات الصحافيّة السعودية، وتكبدها خسائر ماليّة متزايدة، والتي باتت تهدد قدرتها على الاستمرار، كما تسبب ذلك في عجزها عن سداد رواتب موظفيها وكتابها.
ولم يَعُد سرًا أنّ صحف "الشرق" و"مكة" و"الوطن" و"المدينة" و"البلاد"، تعاني من أزمة مديونيّات كبيرة، تهدّد استمراريّتها. وبعضها، مثل "الشرق"، لم يسدّد رواتب العاملين فيها منذ أربعة أشهر.
وأمام ذلك تفكر صحف، مثل "مكة"، في التحوّل لصحف إلكترونيّة لتجنّب دفع تكاليف الطباعة والورق، والتوزيع، خصوصاً وأنّ الطباعة والتوزيع تبلغ نحو 2.1 دولار للصحيفة، فيما تباع الواحدة بمبلغ 53 سنتًا أميركيًا فقط.

بين الإعلان والمواقع الإلكترونية

فيما تتواجد 12 صحيفة سعوديّة ورقيّة، هي على الترتيب بحسب التوزيع، "الشرق الأوسط" و"الاقتصادية" و"الحياة" ثم "الرياض" و"عكاظ" و"الجزيرة" و"الوطن" و"اليوم"، و"مكة" و"الشرق" و"المدينة" و"البلاد"، يوجد أكثر من ألفيّ موقع إلكتروني إخباري مصرحٌ له من وزارة الإعلام، إضافةً إلى أكثر من عشرة آلاف موقع غير مصرح له.
ويعترف رئيس تحرير جريدة "الرياض" سليمان العصيمي بأنّ إيقاف نشر الإعلانات الحكوميّة فيها، وعدم توزيعها على متن رحلات الخطوط السعوديّة ضربةٌ قويّة للصحف الورقيّة. ويقول: "هناك توجُّهٌ بإلغاء الإعلانات الحكوميّة في الصحف المحليّة، وهذه ضربة للصحف، كما أنّ الخطوط الجويّة السعوديّة لن توزع الصحف على ضيوفها".
ويشدد رئيس تحرير الصحيفة الكبرى في السعودية على أنّ مشكلة تراجع مبيعاتها يعود لسطو المواقع الإخباريّة الإلكترونيّة على موادها. ويضيف: "70 بالمئة من أعمال الصحف الإلكترونية مبنيّة على منتج الصحف الورقيّة؛ ونحن نبحث حاليًا لإيجاد آلية لحماية حقوقنا لمنع السطو على مقالات كتّابنا وأخبارنا المهمة وتقاريرنا وتحقيقاتنا"، كاشفًا عن أنّ الأزمات الماليّة التي يعانون منها تسببت في تسريح الكثير من الموظفين والكتاب".
وأمام ذلك، يؤكد أستاذ الإعلام محمد البشري أنّ الإشكاليّة الكبيرة التي تواجه الصحف السعودية، وتسببت في تراجع مبيعاتها بشكل يهدد استمراريتها من دون الدعم الحكومي هو أنّ تلك الصحف لا تقدم مادة تفيد القارئ.
ويقول البشري في حديث لـ "العربي الجديد": "الصحف الورقية تواجه أزمة بقاء ما لم تطوّر ما تقدمه لكي يكون جذابًا. فللأسف، غالبيّة الصحف المحليّة لا تقدِّم قراءةً عميقة للأحداث، ولو كان هناك محتوى جيّد لاستطاعت مقاومة الأزمة الاقتصادية".
من جهته، يؤكد رئيس تحرير صحيفة "الوطن" الأسبق طلال آل الشيخ على أنه "ما لم تغيّر الصحف السعوديّة الورقيّة من سياستها الإعلامية فستتلاشى خلال سنوات قليلة، ولن تستطيع الصمود إلا بدعم مباشر من الدولة". ويقول: "هي تعاني ماديًا منذ سنوات بسبب ضعف المبيعات والدخل من الإعلانات"، مضيفاً أنّه "لو استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فلا أعتقد أنه في غضون ثلاث أو أربع سنوات سنجد صحيفةً إلا إذا كانت مدعومة، كما سيكون تأثيرها ضعيفاً جداً".





المساهمون