الإعلام التونسي والقضاة: ممنوع الاقتراب؟

16 يناير 2020
من حلقة القاضي زعطوطة (يوتيوب)
+ الخط -

هل بات الحديث عن القضاة التونسيين مدعاة للمحاكمة والمحاسبة؟ يطرح الوسط الإعلامي في تونس منذ مدة هذا السؤال، لكنّ حدته زادت، مساء أمس الأربعاء، بعد إعلان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) تلقيها شكاوى من عدد من القضاة، حول برنامج هزلي يبث على قناة "التاسعة" الخاصة بعنوان "القاضي زعطوطة" وهي فقرة تبث في برنامج "عبدلي شوتايم"، يتمّ فيها تقديم يوميات فنية حول عمل القضاة.

وقالت "الهايكا" على موقعها الإلكتروني، أمس الأربعاء، إنّ القضاة اعتبروا أنّ ما تضمنته تلك اليوميات "إساءة إلى سمعتهم واعتبارهم لدى العموم وزعزعة لثقة المتقاضين في القضاء"، خاصة بعد إعادة بثها عديد المرات بشكل متواتر ومكثف. 

وتعهدت "الهايكا" بالنظر في الموضوع وإصدار حكمها فيه بعد دراسته، وقالت إنّه "في انتظار متابعة هذا الملف من قبل مجلس الهيئة، وإذ تعول الهيئة على دور المجتمع في الرقي  بمضامين المشهد السمعي البصري عن طريق آلية التشكي التي تعتبر إحدى أهم آليات التعديل، فإنّها تذكر بأنها تضع على ذمة المواطنين والمواطنات تقديم الشكايات بخصوص المضامين الإعلامية سمعية كانت أو بصرية".


في المقابل، انتقد كثيرون القضاة الذين يرفضون أن يتمّ التعرض لهم بأي شكل ممن أشكال النقد، أو حتى تقديم برامج هزلية حول عملهم مثلما تقدم حول عديد المهن. وقد اعتبر عدد من الإعلاميين والفنانين ومنهم الممثل صابر الذي يقوم بدور القاضي في البرنامج، أنه لا يحق لأي كان منعه من ممارسة عمله الفني، وأنه تعلم أن لا قداسة لأحد من البشر في الفن. وأكد أنه سيواصل تقديم السلسلة دون أن يدخل عليها أي تغيير.


من ناحيته، أكد الإعلامي بوبكر بن عكاشة، اليوم الخميس، في برنامجه الإذاعي الصباحي الذي يبث على إذاعة "موازييك أف أم"، أن لا سلطة على الفن، وأن نقد أي طرف بشكل ساخر حق يكفله الدستور التونسي، خاصة أن ما يقدم هو عمل فني بحت.

ردة الفعل هذه الصادرة من القضاة في تونس، ليست الأولى من نوعها. حيث سبق للإعلامي حمزة البلومي منتج ومقدم برنامج "الحقائق الأربعة" الذي يبث على قناة "الحوار التونسي"، أن تعرض للمساءلة القانونية بعد عرضه لريبورتاج مصور لقاض تونسي مرتش في محافظة صفاقس، حيث تمّ تصويره وهو بصدد تلقي الرشوة من مواطن.

ورغم وضوح الصورة والتسجيل الصوتي، تمّت دعوة البلومي للمثول أمام القضاء بعد بث الحلقة، إذ اعتبر ما قدمه إساءة للقضاة التونسيين، وهو ما رأى فيه البعض مبالغة من القضاة في استعمال سلطتهم، معتبرين أن لا سلطة تعلو على النقد المدعم بالحجج والبراهين مهما علا شأنها، في حين يتحجج القضاة بأنهم لا يرفضون النقد، لكنهم يدعون لمراعاة صورتهم الاعتبارية، فأي مس بهم هو مس لهيبة القضاء، كما يقولون.