"موجو"... العمل الإعلامي من خلال الهواتف الذكية

16 يونيو 2018
مؤسس "موجو فيست" غلين مولكهاي (العربي الجديد)
+ الخط -
ليس صدفةً أن يكون الإيرلندي غلين مولكاهي، رئيس قسم الابتكار السابق في "آر تيه تيك"، ومؤسس "تيتانيوم ميديا" (شركة تدريب واستشارات إعلامية) و"موجوكون". فقبل نحو أربع سنوات، رأى في الهاتف الذكي عيناً قادرة على سرد قصص الناس بمهنية وجودة عالية.

آمن مولكاهي بأنّه يمكن للصحافيين اليوم إعداد تقارير وقصص من خلال الهاتف الذكي. هو عنيد. هكذا يصف نفسه. ومع الوقت، برهن أن الأمر ممكن. مرة أخرى، أطلق "موجو فيست" في غالاوي في إيرلندا قبل أسبوعين، وتحديداً في 29 و30 و31 مايو/ أيار الماضي.

لكن، ما هو "موجو فيست"؟ يقول مولكاهي لـ"العربي الجديد" إنّه "مجتمع ومكان يجمع الناس ويتيح لهم تبادل الأفكار والخبرات والقصص. هو مكان يتيح للمشاركين التعلّم. كما أن سماع قصص آخرين قد يكون ملهماً بالنسبة إليهم. وبعد المؤتمر، قد يصيرون قادرين وراغبين في خلق قصص من خلال هواتفهم".

يبحث مولكاهي عن محتوى مختلف. "حين بدأت هذا العمل في عام 2015، كان الناس يخلقون المحتوى بشكل عفوي، لكن لم يكونوا واعين بالضرورة لجودة الإنتاج المحتملة. بين عامي 2013 و2015، كنّا سباقين في الإنتاج من خلال الهاتف، وبرهنّا أنه يمكن استخدام الهاتف لإنتاج محتوى بثّ عبر وسائل الإعلام المختلفة. نعم، كان الناس يصوّرون أموراً مختلفة، لكن الصحافيّين لم يستخدموا هواتفهم كجهاز لخلق مواد إعلامية".

يذكر تقريراً أعدّته قناة "الجزيرة" عام 2015 حول سورية. في ذلك الوقت، استخدم الصحافي الذي كان موجوداً في مدينة حلب هاتفه الذكي لأنه لم يكن يحمل كاميرا. "اللافت في التقرير أنه كان نابعاً من الداخل، بينما كان المراسلون الآخرون يرتدون بزاتهم الصحافية عند الخطوط الأمامية. كان هذا أول تقرير أشاهده وقد صُوّر بالكامل من خلال الهاتف الذكي، وبرهن أن الهاتف يمكن أن يؤدي إلى إعداد قصص ناجحة ومؤثرة، في حال استخدم بشكل جيد".



لماذا الهاتف الذكي؟ يعترف مولكاهي بوجود إيجابيات وسلبيات. الإيجابيات هي أن الهواتف الذكية سهلة الاستخدام بشكل عام، كما أنها في متناول معظم الناس. صحيح أنها لا تستخدم لإنتاج القصص، لكن ذلك بدأ يتغير. التحدي مستمرّ لإقناع الناس باستخدام هواتفهم. وحين تبدأ قناة مثل "بي بي سي" بتبني الأمر، فإن ذلك يزيد من مصداقيته ويشجع الناس على استخدامه.

كما أن هذه الأجهزة أكثر قدرة على الاندماج مع عامة الناس. من الأسهل أن يصور الصحافي جمهوراً ما من دون أن يكون مرتدياً بزة صحافي. بل يمكن أن يشكل الهاتف حماية للصحافي، لكن من جهة أخرى، قد يخلق تحدياً في ظل الأخبار المزيفة. لذلك، الموجو هو هذا الجهاز في أيدي صحافيين كفوئين.

أما عن السلبيات، فيقول مولكاهي إن هذه الأجهزة لم تصمّم مثل الكاميرات المهنية، وهناك مشكلة في صلاحية البطارية مثلاً. يضيف أن شركة "آبل" تفكّر في ثلاثة مليارات مستخدم، وليس بمجموعة من الصحافيين. وهذا مؤسف، لكن أعتقد أن شركات أخرى بدأت تلاحظ هذا النقص.

جمهور مولكاهي الأساسي هو الصحافيّون. لكن في الوقت نفسه، وفي ما يتعلق بإنتاج المحتوى من خلال الهاتف، يدرّب أشخاصاً ومؤسسات في مجالات مختلفة، منها مصارف ومحال تجارية. "في حال كان الهاتف موجوداً بين الأيدي الصحيحة، والتي تملك المهارات الأساسية، يمكن استخدامه في أي مكان. هنا تكمن أهمية الموجو".

ويقول إنه أطلق عدداً من التدريبات في الشرق الأوسط، منها مع قناة "الجزيرة" خلال السنوات الست الأخيرة، إضافة إلى صحيفة "العربي الجديد" في لندن. "أحبّ العمل في قطر، وقد تعرفت إلى عدد كبير من الصحافيين في قناة الجزيرة، وإن كانت مشكلة اللغة عائقاً في بعض الأحيان". يرفض المقارنة بين أوروبا والشرق الأوسط، قبل أن يضيف: "أعتقد أن أوروبا سباقة في هذا المجال. في الشرق الأوسط، عدد كبير من الناس يستخدمون هواتفهم لتصوير أمور شخصية. إلا أن شركات الإنتاج الكبيرة والغنيّة، لا تحتاج إلى اتخاذ تدابير لتوفير المال بل زيادة أرباحها، وهذا ما تفعله. لذلك، تحرص دائماً على امتلاك أفضل الأجهزة، علماً أن هناك مساحة لكلّ شيء".

وعن صدارة أوروبا، يقول: "لن أتكلّم عن نفسي هنا، لكنّني بدأت أتحدّث إلى المحطة التي كنت أعمل فيها في عام 2012 عن الهاتف الذكي. وقبل ذلك، وتحديداً في عام 2008، كنت قد بدأت مشروعاً في هذا الإطار. ربّما نرغب كأوروبيّين في المجازفة". يرى مولكاهي أن "العمل الإعلامي من خلال استخدام الهواتف الذكية لم يصل إلى الذروة بعد. ونسعى إلى إدخالها إلى وسائل الإعلام التقليدية، وإظهار مدى أهميتها. من هنا، أدرّب الصحف ومحطات التلفزة والإذاعات حول كيفية استخدام الموجو".

يسعى مولكاهي إلى وضع "الموجو" على الطريق ونشره حول العالم، ويقول: "أود نقل التجربة إلى الكويت وتايلاند وكندا وغيرها".

المساهمون