موريتانيا: انقسام الآراء حول قضية كاتب محكوم بالإعدام

29 نوفمبر 2016
من الاعتصامات المطالبة بإعدام امخيطير (فيسبوك)
+ الخط -
انقسمت آراء الموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع حول قضيّة الكاتب الموريتاني محمد الشيخ ولد امخيطير، المتهم بالإساءة للرسول، بين متعاطف مع الكاتب الذي أعلن عن توبته وقدم اعتذاره عما كتب، وبين مطالب بإعدامه.

وبدأت قضية مصير ولد امخيطير تأخذ أبعادًا جديدة، بعد خروج مظاهرات حاشدة في الأيام الأخيرة، تطالب بتطبيق الحدّ على الكاتب، وإعدامه.

وبدت أوساط النخبة أكثر تعاطفاً مع الكاتب والمدون ولد امخيطير، إذ أعلن عدد من المثقفين والحقوقيين عن تعاطفهم معه، بعد أن أمضى أكثر من عامين رهن الاعتقال والمحاكمة. ودعا هؤلاء إلى عدم التأثير على قضية ما زالت معروضة على القضاء. في المقابل، آثر بعض المثقفين الصمت، خشية أن تؤثر آراؤهم حول القضية على شعبيتهم، رغم أنّ البعض فسّر صمته بأنّه دعم للكاتب أكثر مما هو انتقاد له.

وظهرت اتجاهات جديدة في القضية، بعد الحديث عن إمكانية العفو عن الكاتب، ومحاصرة المتظاهرين لمبنى التلفزيون أثناء استضافة محامي المتهم. وأرغم المتظاهرون إدارة التلفزيون على وقف البرنامج المباشر، وانتهى المشهد بتدخل قوات الأمن لتأمين خروج المحامي محمد ولد الأمين من مبنى تلفزيون "الوطنية" الرسمي.

ومع قرب إصدار حكم نهائي في قضية ولد امخيطير بعد الحكم الابتدائي الذي قضى بإعدامه عام 2014 بتهمة الردة والإساءة إلى رسول الإسلام، بعدما كتب مقالات عن الإسلام والتمييز، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بسبب اختلاف المدونين حول القضية.

ولم يعد حكم الإعدام ينفذ في موريتانيا منذ عام 1987، ويقضي المتهم بالإعدام عقوبة السجن

المؤبد بدلاً منه.

ورغم تراجع ولد امخيطير عمّا كتب، وتأكيده أنّ مقالاته أسيء فهمها، إلّا أن ذلك لم يحصد له تعاطف الكثير من الموريتانيين. وخرج علماء دين لحثّ السلطات على إعدام الكاتب. وطالب العلماء بتطبيق القانون وعدم التساهل مع الكاتب، معتبرين أن توبته لا تدرأ عنه القتل، فيما أصدر منتدى الأئمة والعلماء في موريتانيا فتوى تدعو إلى قتل ولد امخيطير.

إلى ذلك، نشر مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي نص المادة 306 من القانون الموريتاني التي قد تنقذ الكاتب ولد امخيطير. وجاء في المادة "كل مسلم ارتد عن الإسلام صراحة، أو أنكر ما عُلم من الدين ضرورة، أو استهزأ بالله أو ملائكته أو كتبه أو أنبيائه، يحبس ثلاثة أيام، يستتاب أثناءها، فإن لم يتب حكم عليه بالقتل كفرا وآل ماله إلى بيت مال المسلمين، وإن تاب قبل تنفيذ الحكم عليه رفعت قضيته بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة العليا".

وكتب المدون محمد الأمين ولد الناجي على "فيسبوك": "من الواضح للأسف أن القانون الحالي المطبق، يدعم مرافعة محامي المسيء أكثر مما يطابق فتاوى العلماء وتكييفات المحامين".

وقال المدون الشيخ سعد بوه: "المحامي ولد امين يرتكز في دفاعه على لعبة قانونية ماكرة وهي

تحويل الاساءة من الزندقة إلى الردة، فالزندقة في القانون الموريتاني هي سرية الكفر وإظهار الإسلام ولا يستتاب الزنديق، والمسيء جاهر بكفره فهو مرتد يستتاب".

وكتب المدون محمد الأمين: "محامي المتهم ذكي ويستخدم الإعلام لتمرير خطابه ودفع الرأي العام للتسليم بأقواله، واعتبار المادة 306 هي قانون الدولة ولا رأي ولا فتوى معها، ومن يرى خلاف ذلك عليه أن يطلب من البرلمان تعديل القانون".

وقال المدون مولاي مسعود: "أعجبني موقف المحامي محمد ولد أمين الذي ساند ولد امخيطير، يقارع الحجة بالحجة، لينتزع له حقه في الحياة... ﻻ ينبغي الحجر على الناس واتهامهم في دينهم لمجرد أنهم خالفوك الرأي في ما ذهبت إليه! إن حكمت المحكمة العليا بإعدام المسيء إلى نفسه ولد امخيطير، أو بقبول توبته، في كلتا الحالتين يجب احترام القانون ونظام التقاضي في البلد والذي يكفل للمتهم توكيل محام معتمد للمرافعة عنه مهما كانت جريمته".

وقال محمد أحمد: "لو قامت الجماهير هنا وفي الميادين بما يكفي لكان صوت الشريعة أقوى من صوت هذا القانون الخداع للأسف". وعلّق المدون الشيخ ولد أحمدو على الموضوع: "غريب في هذا القانون عدم تقنين الرأي الفقهي السائد الذي يقول بإعدام المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما أنه قنن الردة والزندقة، بل إنه أبعد من ذلك اعتبر الإساءة للنبي ردة يستتاب صاحبها".

وعلق المدون سيدي المختار: "لم أفهم بعد الهدف من مسيرات وحشد لقضية أمام العدالة.. هل هو الضغط على قاض من أجل أن يصدر قرارا بالإعدام... أم على السلطة التنفيذية من أجل الضغط على الأول". وقال: "أثمّن موقف المحامي محمد ولد أمين في دفاعه عن ولد امخيطير، كما أني أدين موقف الذين يطالبون بإعدام ولد امخيطير، فهو ضحية للكتب الصفراء وقضيته بين مطرقة التسيس وسندال الانتقام.. وكان على العلماء أن يكونوا أكثر وعيا وإرشادا من الغوغائيين الدمويين".

وكتب مدون آخر: "هذه المحاكمة سياسية في موريتانيا التي تشهد انقسامات اجتماعية وعنصرية وتحكمها انقسامات المجتمع القبلي.. فالكاتب ينتمي لفئة اجتماعية تعاني التمييز".

المساهمون