أخيراً، أصدرت فرقة The Chainsmokers الثنائية، ألبوماً جديداً يحمل عنوان So Far So Good، وهو الإصدار السادس في مسيرة الثنائي الأميركي، الذي ساهم في تطوير موسيقى البوب الإلكترونية في العقد الأخير.
حاولت فرقة The Chainsmokers، منذ تأسيسها، أن ترسم لنفسها ملامح الكيانات الموسيقية البديلة والمستقلة، فكان الثنائي، آندرو تاغارت وأليكس بال، يظهران دائماً في هوامش الأغاني التي يصنعانها، وفي ظلال شركائهم، وكأن هوس أضواء الشهرة لم يصيبهما أبداً.
رغم ذلك، كانت الأغاني التي يصنعانها، دائماً ما تسير على الطريق الصحيح تجاه النشاط التجاري الفاضح لأغاني البوب فائقة الضخامة؛ لتسجل بعض أغاني The Chainsmokers أرقاماً قياسية في أعداد المشاهدات على المنصات الرقمية، وخصوصاً أغنية Closer، التي رافقت الثنائي بها نجمة البوب هالزي، وأغنية Something Just Like This التي تشاركت بها مع فرقة "كولد بلاي".
هذه الصورة غير النمطية لفرقة The Chainsmokers، التي تجمع بين معايير الأغنية التجارية الناجحة، وبين شكل العلاقات السائد في أوساط الفن البديل، وما يرافقها من تصريحات متوافقة معها، رُكّبت بسبب خصال خاصة موجودة بإنتاجات الفرقة الموسيقية؛ فالثنائي، تاغارت وبال، يعتمدان على أنماط موسيقية حداثوية، تتلاشى عندها الفوارق بين الموسيقى التجارية السائدة والموسيقى البديلة، مثل موسيقى "البوب بانك" و"الإيمو" وغيرها.
كما أن الكلمات والمواضيع التي تتناولها الفرقة، يمكن استيعابها ضمن ماكينات الإنتاج التجارية، فالثنائي لا يكتب عن مذهب المتعة المحبب في أغاني البوب في الألفية الثالثة، وما يرتبط به من التغني بالاحتفالات طوال الليل. ولكنهما لا يكتبان أيضاً عن أمور غير مبهجة قد تتعارض معها، ولا ينقلان بأغنيهما ما يحدث في الشوارع الخلفية الفقيرة في المدينة التي ينتميان إليها؛ فالمشاعر التي تسيطر على أغاني The Chainsmokers، تنتمي لرقعة وسطية متوازنة بين أوساط الإنتاج الموسيقي؛ توازن ساهمت بإنجاحه الشراكات الفنية العديدة التي بنت The Chainsmokers مكانتها عليها.
في الألبوم الجديد، So Far So Good، تتخلى الفرقة عن ميزتها الرئيسية؛ فيظهر الثنائي وحدهما، من دون أي شراكات تساهم في المحافظة على الصورة المتوازنة التي تتحلى بها The Chainsmokers. هذا الظهور المنفرد، بدا أشبه بِرهان تعيشه الفرقة يصعب التنبؤ بنتيجته، فلا يمكن ضمان النجاح التجاري بعد أن تخلت The Chainsmokers عن كل الشركاء من الأصدقاء المشاهير الذين كان لهم فضل في إيصال موسيقى The Chainsmokers إلى العالمية.
لكن هذا الرهان يبدو أنه يستحق المتابعة، ولا سيما أن هذه الخطوة رافقتها العديد من الإجراءات واللمسات الفنية التي تستحق الوقوف عندها؛ فهذه المرة الأولى التي نشعر فيها أن The Chainsmokers يقف خارج روح العصر، إذ إنهما لم يربطا الموسيقى بأي اتجاه سائد في موسيقى البوب المعترف بها في الوقت الحالي، ليكون خيارهما هو التعمق هذه المرة بصوتهم الخاص المعزول تماماً عن كل العناصر الداعمة، التي كان الثنائي يتعكز عليها للوقوف في المكانة الوسطية التي ابتكرها.
يتكون الألبوم الجديد من 13 أغنية، تشكل موسيقى الـ"سينث بوب" العصب الرئيسي في الألبوم، الذي يبدو حماسياً ومناسباً كموسيقى خلفية للاحتفالات الكبيرة.ولا تخترق هذه المساحة العامة نحو الموسيقى الحميمية الخصوصية، سوى الأغاني التي تتباطأ بها ضربات الإيقاع، مثل Riptide وMaradona، التي تبدو أعلى مكانة شعرية تصل إليها الفرقة في الألبوم. يرد فيها: "أنا ذاهب إلى إيطاليا، لأبحث عن طاقتي في مارادونا. أنا أبني عقلي، وأعتقد أنني أريد تحريف حبكة حكايتي هذه المرة. لا أحد هنا، لذلك ألعب دور الإله. وإذا كانت حياتي خيالاً، سأبني عالماً لا تحكمه التناقضات".