"نافالني" يوحد موسكو وكييف ضد جوائز هوليوود المسيَّسة

18 مارس 2023
الفيلم من إخراج الكندي دانيال روهر (IMDb)
+ الخط -

 

أثار منح فيلم "نافالني"، للمخرج الكندي دانيال روهر، جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي سجالاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي حدث نادر منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، تراجع السجال بين الرئاستين الروسية والأوكرانية اللتين أجمعتا، لأسباب مختلفة، على أن جائزة أوسكار "مسيَّسة".

تجاهلت وسائل الإعلام الفيدرالية الروسية حفل توزيع جوائز أوسكار. وعرض "كينو بويسك"، أكبر موقع روسي للبحث عن الأفلام ومشاهدتها، مقطع فيديو لتسليم جميع الجوائز، باستثناء تلك التي حازها "نافالني".

وتعليقاً على منح الفيلم جائزة أوسكار، ورغم إشارته إلى أنه لم يشاهد الفيلم، قال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: "يمكنني بالطبع الافتراض أن هناك جانباً معيناً من التسييس في الموضوع. وهوليوود معتادة على السياسة".

من جانبه، انتقد مستشار مكتب الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولاك، قرار لجنة تحكيم أكاديمية السينما الأميركية منح جائزة أوسكار للفيلم الوثائقي حول تسميم السياسي الروسي أليكسي نافالني. وذكر في تغريدة: "إذا كانت أوسكار خارج السياسة، فكيف نفهم الوثائقي نافالني، حيث تفيض السياسة المحلية الروسية؟ إذا كانت أوسكار خارج سياق الحرب في أوكرانيا والإبادة الجماعية للأوكرانيين، فلماذا نتحدث باستمرار عن الإنسانية والعدالة؟".

ومعلوم أن أكاديمية السينما الأميركية رفضت إلقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة في حفل توزيع الجوائز، ما أثار حفيظة الجانب الأوكراني الذي سعى منذ بداية الحرب لاستغلال كل حدث عالمي لتسليط الضوء على معاناة الأوكرانيين، بغضّ النظر عمّا إذا كان الحدث سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً، وحتى رياضياً.

يوثق "نافالني" الأحداث المتعلقة بتسميم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني بغاز نوفوتشوك في أغسطس/ آب 2020، والتحقيق اللاحق في حادثة التسمّم. ويعرض مقاطع فيديو صورت بهواتف بعض المقربين من نافالني في مطار ومشفى مدينة تومسك شرق سيبيريا، وهو في حالة خطرة، ونقله لاحقاً إلى مستشفى شاريتيه المعروف في برلين للعلاج والنقاهة، حيث أكدت عدة مخابر معتمدة من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تعرّضه للتسميم بغاز نوفوتشوك للأعصاب. لاحقاً، يعرض الفيلم تعافي نافالني وفترة النقاهة في ألمانيا. ويوثق المخرج بعدسته عودة نافالني إلى موسكو في الطائرة من برلين، ووصوله في يناير/ كانون الثاني 2021، ولحظة اعتقاله في المطار. يشير الفيلم إلى كيفية كشف الصحافي كريستو غروزيف، وماريا بيفشيخ التي شاركت نافالني في معظم تحقيقاته وأفلامه الاستقصائية ضمن نشاطات مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد، تفاصيل عمليّة التسميم ومعلومات إضافيّة كشفَت تورط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأجهزة الدولة الروسيّة.

تركزت معظم الانتقادات التي وُجّهت إلى الأكاديمية حول منح الجائزة لفيلم روسي على حساب آخر أوكراني في مقاربة أقرب إلى السطحية، نظراً إلى أن الفيلمين، وإن تحدثا عن قضايا في البلدين، إلا أنهما من إخراج وإنتاج غربي. ورأى كثير من المعلقين أن الأولوية حالياً للتركيز على معاناة الأوكرانيين بسبب الحرب على أوكرانيا، وهو ما عرض جزءاً منها فيلم "بيت مصنوع من الشظايا".

يتحدث "بيت مصنوع من الشظايا"، لمخرجه الدنماركي سيمون ليرينغ فولمنت، عن الخسائر الفادحة التي سبّبتها الحرب في دونباس منذ عام 2014، وتأثيراتها على العائلات الفقيرة التي تعيش قرب خطوط التماس بين الانفصاليين المدعومين من روسيا والجيش الأوكراني. ويعرض الفيلم قصص أطفال من دار أيتام خاصة في مدينة ليتسيشانسك الأوكرانية، قبل احتلالها من قبل روسيا الصيف الماضي، وكيف يعمل المشرفون الاجتماعيون على تخفيف آثار فقدان الأطفال آباءهم في الحرب، في ظل ظروف القتال المتواصل منذ 2014، ويواصلون العمل رغم المخاطر على حياتهم وعلى حياة الأطفال، بانتظار بتّ المحاكم والسلطات في مصير الأطفال اليتامى. وعرض الفيلم، المموَّل من حكومات الدنمارك والسويد وفنلندا، بدعم من وكالة الأفلام الأوكرانية، للمرة الأولى في يناير/كانون الثاني 2022، في مهرجان صندانس السينمائي 2022، وفاز حينها بجائزة أفضل مخرج في قسم الأفلام الوثائقية.

المساهمون