مهندس سابق في "ميتا": الشركة منحازة ضد المحتوى الفلسطيني

05 يونيو 2024
متظاهرة متضامنة مع الفلسطينيين في جامعة مالقة الإسبانية، مايو 2024 (خيسوس ميريدا/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فراس حمد، المهندس الفلسطيني-الأمريكي السابق في "ميتا"، رفع دعوى قضائية ضد الشركة متهمًا إياها بالتحيز ضد الفلسطينيين وفصله بشكل غير قانوني لمحاولته تصحيح أخطاء تسببت في حجب منشورات فلسطينية.
- الانتقادات تتزايد ضد "ميتا" بشأن إدارتها للمحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية، مع توثيق منظمات حقوقية لتضييق الشركة على المحتوى الداعم للفلسطينيين والسماح بمحتوى تحريضي ضدهم.
- مجلس الرقابة في "ميتا" يدعو لإعادة النظر في سياسات الشركة المتعلقة بالمحتوى والتمييز بناءً على الخلفية الجغرافية أو السياسية، مؤكدًا على الحاجة الملحة لتعديل السياسات لضمان العدالة والشفافية.

اتهم مهندس سابق في "ميتا" الشركة بالتحيز في أسلوب تعاملها مع المحتوى المتعلق بحرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك في دعوى قضائية اتهمها فيها بفصله بسبب محاولته المساعدة في إصلاح الأخطاء التي تسببت في حجب منشورات فلسطينية على منصة إنستغرام التي تملكها.

ورفع المهندس الفلسطيني ــ الأميركي فراس حمد، الذي كان عضواً في فريق التعلم الآلي في شركة ميتا منذ عام 2021، دعوى قضائية ضد عملاق وسائل التواصل الاجتماعي في محكمة في ولاية كاليفورنيا، بتهمة التمييز وإنهاء خدمته من دون سند من القانون ومخالفات أخرى بسبب فصله في فبراير/شباط الماضي، وفقاً لما كشفته وكالة رويترز اليوم الأربعاء.

وفي الدعوى، اتهم حمد شركة ميتا بانتهاج نمط من التحيز ضد الفلسطينيين، وقال إنها حذفت اتصالات الموظفين الداخلية التي تطرقت لاستشهاد أقارب لهم في غزة، وأجرت تحقيقات في استخدامهم صوراً رمزية للعلم الفلسطيني. وجاء في الدعوى أن الشركة لم تجرِ مثل هذه التحقيقات مع موظفين نشروا صوراً تعبيرية للعلم الإسرائيلي أو الأوكراني في سياقات مماثلة.

وقال حمد إن إقالته سببها على ما يبدو واقعة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تتعلق بإجراء طارئ مصمم لاستكشاف المشكلات الخطيرة في منصات الشركة وإصلاحها. وأشارت الدعوى إلى أنه لاحظ وجود مخالفات إجرائية تتعلق بالقيود المفروضة على المحتوى الذي تنشره شخصيات فلسطينية على منصة إنستغرام التي منعت المنشورات من الظهور في عمليات البحث والخلاصات.‭ ‬

وفي إحدى الحالات، ذهبت الدعوى إلى أن حمد وجد أن مقطعاً مصوراً نشره المصور الصحافي الفلسطيني معتز عزايزة قد صُنف بشكل خاطئ على أنه إباحي، على الرغم من أنه يظهر مبنى مدمراً في غزة. وقال حمد إنه تلقى توجيهات متضاربة من موظفين آخرين عن مشكلات من هذا القبيل، وما إذا كان مخولاً بالمساعدة في حلها، على الرغم من أنه عمل على حل مشكلات حساسة مماثلة من قبل، بما في ذلك تلك المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي وغزة وأوكرانيا.

وقال إن مديره أكد في وقت لاحق كتابياً أن حل هذه المشكلات جزء من وظيفته. وفي الشهر التالي، وبعدما أخبره أحد ممثلي شركة ميتا بأنه يخضع لتحقيق، قدم حمد شكوى داخلية بشأن التمييز قبل فصله بأيام. وقال حمد إن "ميتا" أخبرته بأنه طُرد بسبب انتهاك سياسة تمنع الموظفين من العمل على قضايا تتعلق بحسابات أشخاص يعرفونهم شخصياً، في إشارة إلى المصور الصحافي معتز عزايزة. وأكد حمد أنه ليست لديه أي صلة شخصية به.

ولم ترد "ميتا" على طلب وكالة رويترز للتعليق على اتهامات حمد.

"ميتا" تقمع الأصوات الفلسطينية

تأتي هذه الدعوى القضائية بعد انتقادات طويلة الأمد من جماعات حقوقية لأداء "ميتا" في الإشراف على المحتوى المنشور على منصاتها في كل ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي. وأثار نحو مائتي موظف في "ميتا" مخاوف مماثلة في رسالة مفتوحة إلى الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ ومسؤولين آخرين هذا العام.

فمنذ بدء حرب الإبادة في غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واجهت الشركة اتهامات بأنها تقمع مظاهر الدعم للفلسطينيين الذين يعيشون وسط الحرب، وقد وثّقت أكثر من منظمة حقوقية دولية ومحلية التضييق والقمع للمحتوى المتضامن مع الفلسطينيين، مقابل السماح بمحتوى تحريضي باللغة العبرية وضد الفلسطينيين، خصوصاً في قطاع غزة.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، في ديسمبر الماضي، أنّ "سياسات ميتا وممارساتها تعمل على إسكات الأصوات الداعمة لفلسطين وحقوق الإنسان الفلسطيني على "إنستغرام" و"فيسبوك"، في موجة من الرقابة المشددة على وسائل التواصل الاجتماعي". وأدانت المنظمة "الرقابة المنهجية على الإنترنت"، بعدما راجعت أكثر من 1050 "عملية إزالة وغيرها من أشكال قمع المحتوى" على "إنستغرام" و"فيسبوك" من أكثر من 60 دولة، خلال أكتوبر ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين. واعتبرت حينها المديرة بالإنابة لقسم التكنولوجيا وحقوق الإنسان في المنظمة، ديبورا براون، أن "الرقابة التي تفرضها شركة ميتا على المحتوى الداعم لفلسطين تزيد الطين بلة، في وقت تخنق فيه أصلاً الفظائع والقمع الذي يفوق الوصف قدرة الفلسطينيين على التعبير".

انتقاد إسرائيل ممنوع

في فبراير/ شباط الماضي، طالب تحالف يضم 73 منظمة دولية شركة ميتا بالامتناع عن فرض رقابة على انتقاد الصهيونية على منصاتها. وتوجّهت الرسالة، التي نشرها موقع ذا واير، إلى زوكربيرغ، وجاء فيها: "نحن نشعر بقلق عميق إزاء المراجعة التي اقترحتها شركة ميتا لسياسة خطاب الكراهية الخاصة بها في ما يتعلق بمصطلح الصهيوني، وإمكانية التعامل معه باعتباره مرادفاً لليهود و/أو الإسرائيليين، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى فرض قيود شديدة على الخطاب والنقاش السياسي المشروع".

وذكّرت الرسالة بأنه "لا يمكن فصل الصهيونية عن الأيديولوجيا السياسية للصهيونية، وكلا المصطلحين مختلف عن الهويات اليهودية و/أو الإسرائيلية". وأشارت إلى أنه "من شأن السياسة المقترحة أن تسيء وصف المحادثات حول الصهاينة، ومن ثم الصهيونية، على أنها معادية للسامية بطبيعتها، ما يضرّ بمستخدمي ميتا ويقوّض الجهود المبذولة لتفكيك معاداة السامية الحقيقية وجميع أشكال العنصرية والتطرف والقمع". وأكّدت أن هذا التوجه "سيشجع أيضاً على الخلط غير الصحيح والضار بين انتقاد أفعال دولة إسرائيل ومعاداة السامية".

وفي السياق نفسه، دعا مجلس الرقابة في "ميتا"، في مارس/آذار الماضي، الشركة إلى إنهاء الحظر الشامل على الكلمة العربية "شهيد"، بعد مراجعة استمرت عاماً، وخلصت إلى أن نهج الشركة المالكة لمنصة فيسبوك كان "مبالغاً فيه" وحجب من دون داعٍ كلام ملايين المستخدمين. وقال المجلس، الذي تموّله "ميتا"، ولكنه يعمل بشكل مستقل، إن شركة التواصل الاجتماعي العملاقة ينبغي أن تزيل المنشورات التي تحتوي على كلمة "شهيد" فقط عندما تكون مرتبطة بعلامات واضحة على العنف، أو إذا كانت تنتهك بشكل منفصل قواعد أخرى.

ويأتي القرار بعد سنوات من الانتقادات لتعامل الشركة مع المحتوى الذي يتعلق بالمنطقة، بما في ذلك في دراسة أجريت عام 2021 بتكليف من شركة ميتا نفسها، التي وجدت أن نهجها كان له "تأثير سلبي في حقوق الإنسان" بالنسبة إلى الفلسطينيين وغيرهم من مستخدمي خدماتها من الناطقين باللغة العربية. ووجد مجلس الرقابة في "ميتا" أن قواعد الشركة بشأن كلمة "شهيد" أخفقت في مراعاة تنوع معاني الكلمة، وأدت إلى إزالة المحتوى الذي لا يهدف إلى الإشادة بـ"أعمال العنف".

وقالت الرئيسة المشاركة لمجلس الرقابة، هيلي ثورنينث شميدت، في بيان: "كانت ميتا تعمل على افتراض أن الرقابة يمكن أن تحسّن السلامة، لكن الأدلة تشير إلى أن الرقابة يمكن أن تهمّش مجموعات سكانية بأكملها، بينما لا تحسن السلامة على الإطلاق".

وتزيل "ميتا" في الوقت الراهن أي منشورات تستخدم كلمة "شهيد"، في الإشارة إلى المدرجين في قائمتها "للمنظمات والأفراد الخطرين"، والتي تشمل "أعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة وعصابات المخدرات والمنظمات التي تناصر تفوّق العرق الأبيض". ووفقاً للتقرير، تقول الشركة إن الكلمة تشكل مديحاً لتلك الكيانات التي تحظرها. وأفاد المجلس بأن الشركة طلبت المشورة بشأن هذا الموضوع العام الماضي، بعد البدء بإعادة تقييم السياسة في عام 2020، لكنها فشلت في التوصل إلى توافق في الآراء داخلياً.

المساهمون