مهرجان كانّ... أناس من العالم يحتشدون في عشرة أيام

17 مايو 2022
هناك من يتسلّى بالتجوّل بين فنادق ومطاعم وأمكنة سهرٍ (فرانسوا دوراند / Getty)
+ الخط -

يبقى مهرجان كانّ السينمائيّ مَعبراً لأفلامٍ كثيرة إلى العالم. اختيار فيلمٍ لعرضه في المسابقة الرسمية، أو في أقسام وبرامج ومسابقات أخرى، كافٍ بالنسبة إلى مخرجه/مخرجته والعاملين/العاملات فيه. وَسْمُ فيلمٍ آخر بـ"الاختيار الرسمي" رغبةٌ تُلحّ على صنّاع الفيلم أيضاً. أيّ لمسة من المهرجان تمنح الفيلم وفريق العمل، برمّته، مكانةً ثابتة في تاريخهما. الجوائز هدفٌ، إذْ إنّها تُشكِّل إضافةً أساسية للأفلام وفرق العمل فيها، وتُساعد على انتشارٍ دولي أوسع وأهمّ، وتُخفِّف- ولو قليلاً- من عوائق، تحول عادةً دون حصولٍ سهل على إنتاجاتٍ مختلفة. لكنّ فائزين/فائزات بها حاضرون بقوّة في المشهد السينمائي الدولي، وغير محتاجين إلى دفعٍ إضافي لتسهيل بلوغهم إلى جهة إنتاجية. الجائزة تُسهِّل طرق الإنتاج أمام سينمائيين/سينمائيات جدد، تحديداً.
رغم ارتباكات عدّة، يُعانيها في فترات مختلفة من سيرته المديدة، في اختيار أفلامٍ وتشكيل لجان تحكيم وتوزيع جوائز، يُثير مهرجان كانّ حماسة كثيرين/كثيرات للحضور فيه: مشاركة أو متابعة أو حشرية. هناك من ينتظر ساعاتٍ للحصول على بطاقة تُتيح له مشاهدة فيلمٍ، في عرضٍ دولي أول له، وبعض هؤلاء غير مُتردِّد عن "تسوّل" بطاقة دخول من أناسٍ يخرجون من "قصر المهرجانات والمؤتمرات" المقرّ الرئيسي لـكانّ السينمائيّ (ولنشاطات ثقافية وفنية أخرى). فالأساس، بالنسبة إلى هذا البعض، كامنٌ في المُشاهدة.
هناك من يتسلّى بالتجوّل بين فنادق ومطاعم وأمكنة سهرٍ وصالات عرض، كي يُلقي نظرةً، ولو عابرة، على نجم/نجمة، إنْ يكن يحبّهما أم لا، فالحشرية مُسلّية أيضاً، أو كي يجهد في الحصول على توقيعٍ أو صورة، وهذان غير سَهلَين دائماً.

سينما ودراما
التحديثات الحية

في كانّ السينمائيّ، هناك مسائل غير مرتبطة بالسينما، مُشاهدةً ونقاشاتٍ وتوزيعاً ومشاريع. ما يدور حول هذا كلّه يجذب كثيرين/كثيرات إلى معاينته مباشرة، إنْ يتمكّن أحدهم من ذلك. الشاطئ مليء بأمكنةٍ، يرتادها نجوم الفنّ السابع في حفلات ليلية، وبعض الأمكنة مُخصَّص لعروضٍ تُقام في منتصف الليل. المطاعم الفخمة تمتلئ بأناسٍ معروفين، وبمتلصّصين يريدون نظرة أو توقيعاً أو صورة. الطرقات الأساسية تغصّ أحياناً بأناسٍ، يأتون إلى المدينة الجنوبية في فرنسا، من مدن أوروبية متفرّقة، لسياحةٍ تترافق وأضواء المشاهير واستعراضاتهم. الشحّاذون مختلفون، هم أيضاً، بكيفية طلب المال، ومنهم من يوهم المارّة بأنّه يبيع أشياء ثمينة. بعضهم يبغي فرجةً من خلف قناع الشحّاذ، فلعلّ هذه متعة خاصة به. يُقال إنّ عاملات الجنس يزداد عددهنّ، فالأيام الـ10 في كلّ دورة تحشد أناساً من العالم، تحتاج غالبيتهم الساحقة إلى هذا النوع من السهرات، التي يتردّد أنّ صخبها عظيمٌ، إلى درجةٍ، يصعب وصف بعضها، على الأقلّ.
في الصالات، الموزّعة في أحياء عدّة في المدينة، تُروى حكاية أخرى. الصالة الكبرى في "قصر المهرجانات والمؤتمرات"، التي تحتوي على 2300 مقعد، واسمها "صالة لوميير"، تشهد -صباح كلّ يوم- عرضين لفيلمين يُشاركان في المسابقة الرسمية. أحياناً، يأتي أعضاء من لجنة التحكيم للمُشاهدة مع نقّاد وصحافيين سينمائيين، تمتلئ الصالة بهم/بهنّ، لكنّ الصمت يحلّ مع إطفاء الأضواء، وفتح الستارة، وبثّ إشارة المهرجان.
التجربة رائعة: مُشاهدةُ جديدِ السينما في أول عرضٍ دولي له. تجربة، يُظَنّ أنّها ستنتهي في مشاركات لاحقة. لعلّ هذا صحيح. لكنّ المُتابع السنوي للمهرجان يحتفظ، ولو بعد أعوامٍ طويلة من المشاركة السنوية، بكثيرٍ من هيبة اللحظة، وجمال الحضور، ومتعة المُشاهدة. أمّا النقد والتحليل والنقاش، فتحدث كلّها لاحقاً: في مقهى قريبٍ لاستراحةٍ سريعة، أو في مطعمٍ لتناول الطعام، أو في سهرةٍ لن تكون صاخبةً إلّا بكلامٍ يبدأ من السينما، قبل أنْ يبلغ مرتبة النمائم والنكات والمقالب بين أصدقاء ومعارف.

يحصل هذا في مهرجانات أخرى أيضاً، كما في برلين وفينيسيا، المُصنَّفَين مع كانّ في الفئة الأولى؛ وفي مهرجانات أخرى، عربية وأجنبية. لكنْ، لمهرجان كانّ سحرٌ غريبٌ، تصنعه الـ"كروازيت"، بشاطئها ومرفئها وناسها وطقسها الجميل في مايو/أيار، وإنْ يتساقط مطرٌ قليلٌ أحياناً.

المساهمون