عبر حسابها على "إنستغرام"، تنقل الإعلامية الفلسطينية الشابة، منى الكرد، ما يحصل في حيّ الشيخ جراح، لحظةً بلحظة. فلسطينيون يغنّون ويهتفون رفضاً لإخلائهم الإجباري من منازلهم، يهتفون للمتضامنين معهم، للأقصى، للقدس، للنضال، للمقاومة والصمود. يفطرون معاً في الحيّ، يحيّون المتضامنين معهم الممنوعين من الدخول، فيما يسرح المستوطنون ويمرحون. تأتي فيديوهات القمع الإسرائيلي لهم واضحةً، وتظهر عبر حسابها وحشيّة الاحتلال وجنوده: بالعشرات يهجمون على مدنيين عزّل يجلسون على الطريق في حيّهم، يضربونهم، ويعتقلونهم. نساء ورجال يقاومون، يبتسمون رغم الاعتقال، وحدهم يدافعون عن أرضهم.
ساهمت منى الكرد في نقل قضية حيّ الشيخ جراح إلى العالم، فزاد عدد متابعيها من 13 ألفاً فقط إلى أكثر من 300 ألف. تخصّص حساباتها لتنقل الواقع الفلسطيني، فيما تتآمر مواقع التواصل الاجتماعي مع الاحتلال لتحذف منشورات من "إنستغرام" وتحجب وسوماً من "تويتر" وتغلق حسابات من "فيسبوك".
درست الكرد الإعلام في جامعة بيرزيت، وهي التي تبلغ 23 عاماً فقط، باتت مراسلةً ميدانية في ظلّ الظروف الحالية، فهي من تكتب البيانات وتنشرها وتختار الصورة والشعار والحملة والعنوان، ولها قدر كبير في نشر الوعي ورفعه لهذه القضية.
"العربي الجديد" التقى منى في منزلها، حيث تحدثت عن حملة "#انقذوا_حي_الشيخ_الجراح" التي تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام، ودورها فيها. وقالت: "فعلاً دوري كإعلامية في الحيّ مسؤولية كبيرة، لأن أهل الحيّ كانوا يقولون إنّ منى هي الإعلامية في الحيّ التي نريدها أن تكتب لنا الخبر وتنشر هذا الموضوع وتضع هذه الصورة، لكني لا أستطيع أن أقول إنّ هذا العمل كله لي وحدي. جهود الناشطين من القدس وخارج القدس وخارج فلسطين حتى والتجاوب مع هذه الحملة الإعلامية، وجهد أهل الحيّ كان مهم جداً وكان له دور كبير في أن تشتهر قضية حيّ الشيخ جراح في الإعلام وخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي. فقد أطلقتُ هذا الوسم مع إعلاميين وناشطين في القدس وخارجها".
وعن التضامن والمساندة من جميع أنحاء الوطن والصمود في الشيخ جراح، قالت: "الناس يأتون من كل مكان في فلسطين للمساندة والتضامن من القدس والداخل والضفة الغربية ما عدا غزة، لأنهم محرومون زيارتنا. أغلب الفلسطينيين يستطيعون أن يزورونا، وشعروا بأن هذا البيت وهذا الحيّ بيتهم وحيّهم. لكن ما نراه على شبكات التواصل الاجتماعي لا شيء مقارنةً بالواقع وما نراه بعيوننا". وأضافت: "المستوطن يدخل معنا إلى ذات المدخل وهو يحمل على خصره سلاحاً".
إقامة الفطور يومياً خلال شهر رمضان في حيّ الشيخ جراح هو مقاومة، حسبما أكدت الكرد، مضيفةً: "بالنسبة إلينا فطورنا تحدٍّ لأن المستوطنين في بيتي وأمامنا، ومتمركزون في بؤرهم الاستيطانية، وفي كل المنازل التي تم الاستيلاء عليها في الحيّ. بالنسبة إليهم، وجود شخص واحد ضيف يغيظهم جداً، ووجود أهالي الحيّ أمام منازلهم في الشارع يغيظهم جداً. ففعلاً فطورنا في حيّ الشيخ جراح فطور تحدٍّ وإصرار على وجودنا في هذه الأرض وأحقيتنا فيها".
وأشارت إلى أنّه بالرغم من الإغلاقات على كل مداخل الحيّ، إلا أن الناس وأهالي الحيّ الذين استطاعوا أن يصلوا، فرشوا سفرة الإفطار والتقطوا الصور التي انتشرت في العالم. واعتبرت أنّ فيها رسالة تقول: "مهما فعلتم، فنحن باقون أمام منازلنا للأبد حتى لا يتم هدم البيوت على رؤوسنا. فعلاً، وجودنا وإفطارنا هو تحدٍّ". وتضيف: "هذه رسالة كل الحيّ بالرغم من كل الاعتداءات والانتهاكات وسيارة المياه العادمة التي ترش علينا يومياً، والاعتقالات والقمع بالصواعق الكهربائية وقنابل الصوت والضرب. نؤكد صمودنا وبقاءنا في هذا الحيّ".