- تشابه في الفكرة الرئيسية بين المسلسل والرواية يثير الجدل، مع وجود اختلافات في المحتوى وطريقة التوظيف، مما يجعل القضية معقدة وتحتاج إلى تحليل أعمق.
- الناقد رياض حمادي يشير إلى غياب محكمة متخصصة في اليمن لحل مثل هذه النزاعات، مما يتطلب لجنة متخصصة ومحايدة للفصل في الأمر، في ظل رفض فريق عمل المسلسل الخوض في تفاصيل الاتهامات.
ربما لم يسبق للدراما اليمنية أن عاشت موسماً ساخناً كما هي حال موسمها الرمضاني الحالي. فقد فجّر الكاتب نجيب عبد الحميد إشكالاً؛ عندما أعلن على صفحته في "فيسبوك" أن مسلسل "ماء الذهب" المعروض حالياً مأخوذ عن روايته "العرش". ورفضت الشركة المُنتجة للمسلسل، "دوت نيشون"، ما ادعاه الكاتب جملة وتفصيلاً.
أثار الاتهام اهتماماً واسعاً بين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي. لم يكتفِ بوضع علامات الاستفهام والتفاعل مع موضوع الاشتباه، ليأخذ شكلاً من السجال، انقسمت حوله المواقف، ما بين مدافع عن المسلسل محملاً الكاتب تبعات تشهيره، وبين مؤيد ومتضامن مع الكاتب. وتجاوزت ردود الفعل الموقف، لتصبح مجالاً خصباً لوصم طرفي القضية.
تدور قصة المسلسل حول مجموعة مسافرين يحاولون العثور على كنز قديم يعود إلى ملوك حِمير اليمنيين. لكنهم وجدوا أنفسهم وسط قرية مسكونة اختفى سكانها، ليُفاجأوا بظواهر غير طبيعية ومخيفة. وفي نفس الوقت، عجزوا عن إيجاد طريق للخروج من تلك القرية. يعتقد نجيب عبد الحميد، وفقاً لمنشوراته، أن قصة مسلسل "ماء الذهب" مأخوذة عن روايته. وتتحدث الرواية عن قيام بعثة آثار أجنبية بزيارة قرية العرش، الواقعة جنوب تعز، للعثور على عرش الملكة بلقيس. لكنهم يُفاجأون بأن القرية مسكونة بعد حدوث ظواهر غير طبيعية لهم، وأن سكانها ماتوا منذ مدة طويلة في ظروف غامضة.
رفض فريق عمل المسلسل الخوض في أي حديث رسمي حول الاتهامات التي وجهها الكاتب، وذلك رغم الضجة التي أعقبت الاتهامات، مثيرة اهتماماً واسعاً على الساحة اليمنية، بما في ذلك متابعة المسلسل أو قراءة العمل.
وفي هذا السياق، أشار مخرج "ماء الذهب" هاشم محمد هاشم، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى عدم وجود تعليق من ناحيته، لعدم وجود معلومات مؤكدة حول مصادر الاتهامات، مضيفاً أن القضية مُحاطة بكثير من عدم اليقين. وعزا ذلك إلى أن الأخبار المتداولة عن القضية جاءت من مصادر غير رسمية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط، من دون التوجه إلى أي جهة رسمية، موضحاً أن بعض الكتّاب قرأوا الرواية ولم يجدوا تشابهاً بينها وبين المسلسل.
وكانت جزئية وجود تشابه من عدمه محل خلاف أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي بين اليمنيين. بعضهم، وفقاً للكاتب والناقد رياض حمادي، اتخذ ما يشبه التكتلات الحزبية أو القبلية؛ إذ تضامن بعضهم، مع أحد طرفي القضية من دون مشاهدة المسلسل أو قراءة الرواية.
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أقر حمادي بأن هناك تشابهاً في الفكرة الرئيسية بين الرواية والمسلسل، إضافة إلى تشابه في عناصر أخرى مثل الجبل والبئر. وأضاف أن الرواية تتحدث عن عرش تحرسه كائنات أرجوانية غريبة وغامضة، بينما المسلسل، يتحدث عن مجموعة مسافرين وصلوا، عن طريق الصدفة، إلى قرية لم يتمكنوا من الخروج منها، ويكتشفون وجود كنز، هو المقابل لـ"العرش" في الرواية. لكنه أضاف أن الزعم حول وجود سطو على فكرة الرواية مسألة مختلفة. وتساءل: "هل كانت فكرة الرواية مبتكرة، وحق أصيل للمؤلف؟ أم أنها شائعة في قصص أخرى"؟ وأشار أيضاً إلى مسألة مهمة تتعلق بـ "الفارق بين الفكرة والمحتوى وطريقة التوظيف".
في هذا السياق، رأى حمادي أن المحتوى القصصي والفكري مختلف في كلا العملين، إذ أن هناك صراعاً بين العلم من جهة والخرافة من جهة أخرى في الرواية. وهذا ما لا نجده في مسلسل "ماء الذهب".
وعلى الرغم من أن الرواية لم تصدر في كتاب، فإن المؤلف أكد أنها مسجلة وموثقة في جهة سودانية، كحق فكري له عام 2018. عدا ذلك، أكد في أحاديثه أنه وزعها على مجموعة من أصدقائه، معتقداً أنها تسربت. كما سبق له أن شارك في جائزة السرد اليمنية "حزاوي" لعام 2022. وكان الكاتب نجيب عبد الحميد لمّح إلى لجنة الجائزة، مشيراً بأصبع الاتهام نحو الكاتب والروائي وجدي الأهدل. وهذا الأخير يُعد مشاركاً في فريق كتابة التأليف والسيناريو "ماء الذهب". على أن الأهدل ليست له علاقة بجائزة التحكيم الأدبية "حزاوي".
وفي حديث لـ "العربي الجديد"، أكد الأهدل أن شركة الإنتاج طلبت كتابة مسلسل فكرته الرئيسية "مجموعة مسافرين تتعطل بهم الحافلة، ويذهبون إلى مكان مجهول تعيش فيه كائنات مرعبة"، لافتاً إلى أنه كما يبدو تلك الفكرة شائعة في الأفلام الأجنبية، وليست جديدة. كما صرح الأهدل بأنه عام 2017 نشر مجموعة قصصية عنوانها "وادي الضجوج" مكونة من 12 قصة، مؤكداً أن جميعها تدور في الريف اليمني وتتحدث عن الجن والبحث عن الكنوز والعيش في عوالمهم.
وأوضح أن معظم القصص كتبها في مدينة آن آربور عندما حصل على منحة إقامة إبداعية في الولايات المتحدة الأميركية عام 2012، مؤكداً أنه لم يزعم يوماً أن مواضيع الجن والخرائب والقُرى "مُلك لي وحدي ولا يجوز لأحد غيره تناولها بعدي".
قال الأهدل إن دافعه لكتابة تلك المواضيع، ذات الصلة بالموروث الشعبي، هو اكتشاف "أنني ككاتب شرقي ليس لي ما أقدمه في القصة الحداثية"، لافتاً إلى أن عودته إلى الجذور كانت بمثابة حل فني اهتدى إليه. وبصورة مقتضبة، علق على الاتهامات التي وجهها صاحب رواية "العرش" بأن "الكلمة الفصل هي القضاء".
وفي هذا السياق، لفت حمادي إلى أن القضاء هو الجهة المخولة لحل مثل تلك النزاعات. لكن لا يوجد في اليمن محكمة متخصصة في حل هذا النوع من النزاعات. واستدرك بأن وجود لجنة متخصصة ومحايدة هي من يمكنها الفصل في الإقرار حول تلك المسألة.