أبعدتهم ظروف الحرب السورية الدائرة عن بلادهم، وجمعهم المسرح. هم شبان وشابات، يتقاسمون الشغف بالمسرح والتمثيل، منهم من درس هذا الفن في الأكاديميات المختصة، ومنهم من قادته الهواية إلى الاحتراف.
اتفقوا جميعاً، بعد التقائهم في تركيا، على تأسيس "مسرح الشنطة"، وبدأوا فعلياً بتقديم العروض، والتحضير لغيرها. يقولون إن "مسرح الشنطة" هو مساحة للمسرحيات والمسرحيين المقيمين خارج سورية، للتعبير عن المشاكل التي تواجه المجتمعات السورية اللاجئة حول العالم، والتي بدأت بالتشكّل منذ عام 2011، حيث تأسس المسرح منتصف العام الماضي في تركيا، ويطمح إلى إنتاج العديد من العروض المسرحية وورشات العمل التي تعزز قيم الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان.
بحسب القائمين عليه، يلتقطُ مسرح الشنطة ديناميّاته الدرامية الأساسية من لحظة اللجوء والتماس بين المجتمعات اللاجئة والمستضيفة، والتي تجتذبُ العديد من الصور المسبقة عن الآخر، إذ يرى هذا المسرح تلك الصور على أنها مؤقتة بقدر ما هي راهنة ومُتحكمة ومؤثرة في آنٍ واحد. وينطلق كذلك من أن لحظة اللجوء السورية هي جزء من التاريخ الإنساني العام الحافل بالجماعات اللاجئة والمهاجرة، وبالتالي فإن العلاقة بين المجتمعات المستضيفة واللاجئة، ليست أكثر من تبادلٍ مستمر للأدوار، ما يجعل السوريين فيه اليوم يحملون عن الإنسانية عبء الدور الأقسى.
وهذا ما يشير إليه اسم "مسرح شنطة"؛ فالحقيبة هنا تُشير إلى حالة الهجرة واللجوء، وما يحمله فيها الإنسان السوري من ذكريات وحاضر، وربّما طموح إلى مستقبل أفضل، بعيداً عن الحرب التي تسبّبت في إخراجه من بلده، ولم تترك له شيئاً سوى بيوت مهدّمة، ومستقبل مجهول.
يتبنى مسرح الشنطة اللغة العربية، إذ إن جميع العروض تستهدف المجتمعات المتحدثة باللغة العربية في تركيا، وسيُعمل لاحقاً على إيجاد صيغ للترجمة، بالتوازي مع الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي.
نشط المسرح خلال العام المنصرم، بإنتاج عرضين مسرحيين للأطفال، يندرج العرض الأول ضمن مسرح خيال الظل، بينما يعتمد الثاني مسرح الدمى، بالتوازي مع إقامة ثلاث ورشات حول صناعة الدمى وأساليب خلق الحكاية وتكثيفها بالاتكاء على شخوصٍ وأحداثٍ ومفرداتٍ درامية من عوالم الأطفال اللاجئين.
الآن، يحضّر المسرح لعرض للأطفال عنوانه "شاطئ الحكايا"، بالاعتماد على مسرح الدمى؛ إذ سيكون له عروض حية، فيما سيصور عرض خاص لبث على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الظروف التي يفرضها انتشار فيروس كورونا، من عدم إمكانية تقديم الكثير من العروض الحية.
ويشار إلى أن مسرح الشنطة تأسس بمبادرة من المسرح العربي في السويد "أربيسكا تياترن"، وبالتعاون مع المعهد السويدي للمسرح، وشركة "باب الشمس" للإنتاج الفني في تركيا، ويتكون الفريق حالياً من ثمانية أفراد منهم أكاديميون مختصون، وآخرين ذوي خبرة في العمل المسرحي.