05 سبتمبر 2022
+ الخط -

تشهد أفريقيا ظاهرة متكررة من قطع الإنترنت المتعمد. وتحت مبررات مختلفة تتكرّر هذه الخطوة التي غالباً ما تقف خلفها السلطات السياسية. إذ عادةً ما ينقطع الإنترنت بشكل شبه كامل، أثناء العمليات السياسية مثل الانتخابات الرئاسية أو الاحتجاجات الشعبية أو الامتحانات المدرسية الرسمية، وفق ما جاء في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي حمل عنوان "حجب الإنترنت: الاتجاهات والأسباب والتداعيات القانونية والتأثيرات التي تمس بمجموعة من حقوق الإنسان".

بالأرقام

  • عام 2020، عرف العالم 155 انقطاعاً لشبكة الإنترنت في 29 دولة مختلفة، بينها 10 دول أفريقية مثل بوروندي، وتشاد، وإثيوبيا، وغينيا، وكينيا، والسودان، وأوغندا. وعام 2021، حصل 50 انقطاعاً للشبكة في 21 دولة حول العالم بينها دول في القارة الأفريقية مثل النيجر، والكونغو، وتشاد.
  • عام 2018، سجلت المنظمات المعنية بمراقبة حركة الإنترنت حول العالم 17 انقطاعاً في أفريقيا مقابل 25 على الأقل في عام 2019، في دول مثل الجزائر، وبنين، والكاميرون، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا.
  • في نظرة أكثر تفصيلاً على هذه الأرقام، يظهر أن أغلب عمليات قطع الإنترنت المسجلة بين عامي 2016 و2021 حصلت أثناء احتجاجات شعبية أو في خضم الأزمات السياسية التي تعرفها دول أفريقية بشكل متكرر. إذ سُجل 225 قطعاً للشبكة خلال تظاهرات عامة في هذه الدول.
  • أثّر قطع الإنترنت على 52 انتخابات محلية في دول أفريقية على الأقل بين عامي 2016 و2021. في عام 2019 وحده، عطلت 14 دولة أفريقية الوصول إلى الإنترنت أثناء الانتخابات. من بين المبررات لذاك الحاجة إلى "الحفاظ على سلام وأمن الأشخاص والممتلكات، ومكافحة المعلومات الكاذبة، وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، والاحتيال في الامتحانات".

الحقوق والحريات

في تعليق على تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كتب المسؤول عن قضايا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وحقوق الإنسان في أفريقيا داخل مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، عليو ضيوف، أن الإنترنت والشبكات الاجتماعية تعزّز الديمقراطية وتضمن حرية التعبير والوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت، وأيضاً ممارسة الحقوق الأخرى، لا سيما الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح في مقال نشرته مجلة جون أفريك، أنّه خلال فترة الانتخابات يمكن أن يؤدي قطع الإنترنت إلى "حرمان المواطنين من حقهم في المشاركة في النقاش العام واتخاذ قرار مستنير". ومن دون الإنترنت، لا يمكن للصحافيين إعلام المواطنين بما يحصل حقيقة على أرض الواقع، ولا يمكن للمراقبين متابعة العملية الانتخابية بشكل فعال. وهو ما يعزز التعتيم والتلاعب بالمعلومات من قبل السلطات. لذلك، هناك روابط وثيقة بين الوصول إلى المعلومات والانتخابات الديمقراطية والشفافة، بحسب تحليل ضيوف".
ومن خلال قطع الإنترنت في اللحظات الحرجة على الصعيد الوطني، فإنّ بعض الأنظمة السياسية تؤكد حقيقة أنّها لا تهتم كثيراً بالديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية وتتلاعب بالمعلومات كما يحلو لها.
ويؤثر حجب الشبكة كذلك على الحق في التعليم والصحة، كما أشار الخبراء والناشطون. كما أنّ له عواقب اقتصادية واجتماعية عدة. على سبيل المثال تقدر التكلفة الإجمالية لانقطاع الإنترنت في العالم في عام 2020، بأكثر من 4 مليارات دولار، بما في ذلك أكثر من 200 مليون لأفريقيا وتحديداً جنوب الصحراء الكبرى وحدها.

من يقطع الإنترنت؟

في كثير من الأحيان، تكون أوامر حجب الإنترنت مبهمة المصدر ونادراً ما تسعى شركات الاتصالات لمنعها، أما السلطات السياسية فلا تعطي أي معلومات حول القرار، حتى أنها في أغلب الأحيان تتنصل منه. فبين عامي 2016 و2021، لم تعرف من هي السلطات أو الجهات التي أمرت بقطع الإنترنت في 55 دولة.
في يونيو/حزيران 2016، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يدين قطع الإنترنت والقيود المتعمدة الأخرى التي تمنع المواطنين من الوصول إلى الشبكة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أصدرت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بياناً قالت فيه إن قطع الإنترنت ليس له ما يبرره في القانون الدولي.
انطلاقاً مما سبق، تتوجه أصابع الاتهام كذلك إلى شركات الاتصال ومزودي خدمات الإنترنت الذين غالباً ما يتواطأون مع السلطات السياسية من دون أي امتثال لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.

المساهمون