استمع إلى الملخص
- وول ستريت جورنال ومنظمة مراسلون بلا حدود نددتا بالحكم، والرئيس الأميركي بايدن أكد العمل للإفراج عنه، بينما طالبت الأمم المتحدة بالإفراج عن جميع الصحافيين المعتقلين في روسيا.
- اعتقال غيرشكوفيتش يعكس توتر العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة منذ الحرب في أوكرانيا، ويُعتبر أول صحافي غربي يُتهم بالتجسس في روسيا بعد الحقبة السوفييتية.
أصدرت محكمة إيكاترينبورغ الروسية، الجمعة، حكماً بسجن الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش 16 عاماً، في ختام محاكمة مغلقة سريعة بتهمة تجسس لم تقدم روسيا تفاصيل عنها. وأمر قاضي المحكمة أندريه مينييف بأن يقضي الصحافي البالغ من العمر 32 عاماً عقوبته في سجن يخضع "لنظام صارم"، وفق مراسلة وكالة فرانس برس، ما يعني أن ظروف احتجازه ستكون قاسية.
وكانت النيابة العامة الروسية قد طالبت في الجلسة الختامية، التي عُقدت صباح الجمعة، بسجن مراسل صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية 18 عاماً، يقضيها في ظل "إجراءات مشددة". مع العلم أنّ إدانته كانت شبه مؤكدة، خاصة أنّها بمثابة شرط مسبق لتبادل محتمل للسجناء مع واشنطن، فموسكو لا تبادل المحتجزين إلا في حالة إدانتهم.
ونددت صحيفة وول ستريت جورنال بإدانة مراسلها "الفاضحة" في روسيا. واعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود الحكم على الصحافي الأميركي في روسيا بمثابة "احتجاز رهينة".
من جهته، أكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن الولايات المتحدة تعمل "بلا كلل" لضمان الإفراج عن إيفان غيرشكوفيتش. وقال بايدن في بيان إن غيرشكوفيتش "استهدفته السلطات الروسية لأنه صحافي وأميركي. نعمل بلا كلل للإفراج عن إيفان، وسنواصل القيام بذلك".
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، إن غيرشكوفيتش ضحية "محاكمة صورية ذات دوافع سياسية... هذا الحكم بالسجن لمدة 16 عاماً هو نقيض العدالة". وأضافت أن "الصحافة ليست جريمة. يجب إطلاق سراح إيفان فوراً". وكتب مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على منصة إكس أن "روسيا تستخدم نظاماً قضائياً مسيّساً لمعاقبة الصحافي"، وشدد على أن "الاتحاد الأوروبي يطالب بالإفراج عن إيفان وعن جميع السجناء السياسيين الآخرين".
وصرح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، بأن مكتب حقوق الإنسان في المنظمة الأممية يرى أن الحكم "يثير قلقاً كبيراً يتصل بحقه في حرية التعبير بوصفه صحافياً. يجب أن يتمكن الصحافيون من ممارسة مهنتهم الأساسية ضمن بيئة آمنة ومن دون خوف من العقاب"، وأضاف أن الأمم المتحدة تدعو إلى الإفراج عن "جميع الصحافيين المعتقلين في روسيا لسبب بسيط هو قيامهم بعملهم".
احتُجز إيفان غيرشكوفيتش في نهاية مارس/آذار 2023، أثناء عمله في إيكاترينبورغ في الأورال، بتهمة "التجسس"، من دون تقديم أي أدلة، في ظل رفض الصحافي وعائلته والبيت الأبيض الاتهام.
لم تستغرق محاكمته، بعد 16 شهراً من الاحتجاز، سوى مدة قصيرة عقدت خلالها جلسة استماع في 26 يونيو/حزيران الماضي، ثم جلسة أخرى يوم الخميس، وأخيراً الجمعة. وفُرضت السرية على كامل الإجراءات ولم يتسرب أي شيء من الجلسات المغلقة. ومن ثم فإنها إجراءات سريعة، علماً أن المحاكمات بتهم مماثلة تستمر عادةً في روسيا عدة أسابيع أو حتى أشهراً.
وسبق لمراسل صحيفة وول ستريت جورنال، الذي عمل أيضاً مع مكتب وكالة فرانس برس في موسكو، أن أكّد براءته مراراً. كما قالت عائلته والحكومة الأميركية إن روسيا لم تقدم أي دليل على التهمة الموجهة إليه.
تبادل محتمل
ترى واشنطن أن الهدف من اعتقاله قبل كل شيء مبادلته بمعتقلين روس، في حين تشهد العلاقات توتراً بين البلدين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. وأقرت موسكو بأنها تفاوضت على إطلاق سراحه، وتطرّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه إلى قضية فاديم كراسيكوف، المسجون في ألمانيا في قضية اغتيال نُسبت إلى الأجهزة الخاصة الروسية.
إيفان غيرشكوفيتش هو أول صحافي غربي يُتهم بالتجسس في روسيا بعد الحقبة السوفييتية، وأثار سجنه موجة واسعة من التضامن في وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية. في نهاية يونيو، ندّد البيت الأبيض بما وصفه بأنه محاكمة "صورية"، مكررًا أن غيرشكوفيتش "لم يعمل قط لصالح الحكومة الأميركية".
وفي اليوم الأول من محاكمته في 26 يونيو، ظهر الصحافي حليق الرأس، وهي قصة شعر مفروضة على السجناء، لكنه حافظ على ابتسامته في الصندوق الزجاجي المخصص للمتهمين. ولأنه لم يكن بإمكانه الإدلاء بأية أقوال، برزت عنه إشارة إلى أشخاص يعرفهم.
إيفان غيرشكوفيتش "ضحية احتجاز تعسفي"
يتواصل الصحافي مع عائلته وأصدقائه عبر رسائل تقرأها وتراقبها إدارة السجن. في هذه الرسائل، التي كتبها بلهجة مازحة، يقول إن معنوياته مرتفعة وينتظر عقوبته، ويرغب في أن يرى السماء مرات أكثر.
إيفان غيرشكوفيتش هو ابن لمهاجرين فرا من الاتحاد السوفييتي إلى الولايات المتحدة، واستقر في روسيا في عام 2017.
في أوائل يوليو الحالي، قضت لجنة خبراء عينتهم الأمم المتحدة بأن احتجازه "تعسفي"، وأنه يجب إطلاق سراحه "دون تأخير". فيما يتهم المحققون الروس الصحافي الذي عمل مع وكالة فرانس برس في موسكو بجمع معلومات حساسة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن شركة أورالفاغونزافود، إحدى كبرى الشركات الروسية المصنعة للأسلحة، والتي تنتج بشكل خاص دبابات تي-90 المستخدمة في أوكرانيا، ودبابات أرماتا من الجيل الجديد، وكذلك عربات شحن.
تحتجز روسيا عدة أميركيين آخرين، من بينهم الصحافية الروسية الأميركية ألسو كورماشيفا التي اعتقلت عام 2023 بتهمة انتهاك قانون "العملاء الأجانب"، والجندي السابق في البحرية بول ويلان الذي يقضي حكما بالسجن 16 عاماً بتهمة التجسس التي ينفيها. كما حُكم على أميركي آخر هو مايكل ترافيس ليك، الخميس، في موسكو، بالسجن 13 عاما بتهمة تهريب المخدرات. إضافة إلى محاكمة المواطنة الروسية الأميركية كسينيا كاريلينا منذ 20 يونيو الماضي في إيكاترينبورغ أيضاً، بتهمة الخيانة العظمى عن طريق التبرع بالمال لجمعية تدعم أوكرانيا.
(فرانس برس، العربي الجديد)