بين أزقة الحي القديم في بلدة كفر ياسيف الفلسطينية في الجليل الغربي المحتل، تتابع فنانة الخزف منال مرقس (51 عاماً) عملها في استديو "قهوة وعتبة" منذ أكثر من 20 عاماً. لسنوات طويلة عرفت هذه الفنانة الفلسطينية كيف تمزج بين فنها اليدوي وقضايا المرأة، لترتبط أعمالها بالظلم اللاحق بالنساء العربيات.
في لقاء مع "العربي الجديد" تستعيد مرقس تفاصيل حياتها التي جعلت منها ما هي عليه اليوم، فتقول "وأنا طفلة كنت ألعب كثيراً بالتراب، فأنا أحب الأرض كثيراً، وأحبّ زراعة الحدائق والورود في بيت والدي".
في سنوات الدراسة الابتدائية تعرفت إلى الصلصال خلال حصص الفنون، وبدأت علاقتها بهذه المادة. هكذا عرفت منال مرقس أنها تهوى الأعمال والفنون اليدوية، لتفتتح بعد سنوات الاستديو الخاص بها حيث تعلّم فن الخزف لمجموعات عدة، وتعمل على إنتاج أعمالها الفنية.
وعن اختيارها للصلصال، تقول مرقس "هذه المادة الأولى التي صنع بها الإنسان أدوات الطعام، هي مادة من الأرض، وأنا أعمل في الأرض. صناعة الخزف موجودة منذ بدء التاريخ، وتراجع هذا الاستخدام بعد اكتشاف الزجاج". وتشير إلى أن الدول المستعمرة جلبت معها صناعات البلاستيك وغيره إلى مستعمراتها الجديدة، وهو ما جعل سكان الدول يبتعدون عن الصلصال وعن صناعته واستخدامه في حياتهم اليومية.
اليوم عادت هذه المادة إلى واجهة الفنون والأشغال اليدوية، وهو ما جعل مرقس تنظّم ورشات تعليمية لاستخدامها وصناعتها "لديّ طلاب من متخلف الأعمار، بينهم الكبار، وبينهم الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة".
وتستفيض بشرح أبعاد العمل بالصلصال "التعامل مع هذه المادة فيه جانب مريح، ويأسر العاملين بها، وهي عموماً واحدة من المواد الأساسية التي تستخدم للعلاج بالفن. هناك بعض المشاركين في الدورات التعليمية الذين يلجأون إلى هذا الفن للهروب من ضغوطات الحياة والاسترخاء. ويوجد آخرون يأتون ويتعلمون تفاصيل صناعة الخزف لاهتمامهم بالفن بحد ذاته".
وتضيف بشغف "الصلصال يمثل علاقتي مع الأرض، لأنه جزء منها، وهو جزء من جسمي. هي علاقتي مع الأم الأولى... عندما أمسك مادة الصلصال وأعمل بها أشعر أنني حية".
وترى مرقس أن قضايا النساء محرك وحافز في أعمالها الفنية. وعن عملها الأخير الذي صور جسد امرأة تشرح " يوجد أعمال فنية كثيرة تجسد النساء وتتحدث عن حياتهن. هذه امرأة تحاول التحليق، لكنها عالقة تحت، بسبب ثقل ما تحمله وتعانيه.
شاركت مرقس في معارض عدة محلية في البلاد وفي خارج البلاد، وشاركت في بينالي للخزف في فرنسا. وعرضت أعمالها في باريس والدنمارك.