"حرارة" مايكل مان مُجدّداً: تحية لـ"عرّاب" كوبولا

14 يونيو 2024
مايكل مان بين روبرت دي نيرو وآل باتشينو: "حرارة" لا مثيل لها سينمائياً (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فيلم "حرارة" لمايكل مان يجذب الانتباه مجددًا، مع تركيز خاص على اللقاء المشهور بين آل باتشينو وروبرت دي نيرو في مطعم كايت مانتيليني، ولقطات لآخر عملية سرقة بنك ينفذها الثنائي مع الفريق.
- الفيلم يُعيد إلى الأذهان جمالية الأداء والحوار العميق بين محقق ولص مصارف، مع تسليط الضوء على البوح الخفي والتقدير المتبادل بين الشخصيتين الرئيسيتين.
- مايكل مان يكشف عن تقنية تصوير فريدة تحية لـ"العرّاب 2"، حيث تم تصوير اللقاء بين باتشينو ودي نيرو بكاميرا تركز على واحد دون الآخر، مما يضيف طبقة أخرى من العمق للمشهد.

في الآونة الأخيرة، تتكاثر تعليقات أجنبية وعربية في فيسبوك، تتناول "حرارة (Heat)" لمايكل مان (1995). تُنشَر لقطات قليلة منه أيضاً، معظمها مرتبطٌ باللقاء المشهور بين الخصمين، الملازم فانسنت هانا (آل باتشينو) ونيل ماك كولي (روبرت دي نيرو)، في مطعم "كايت مانتيليني" (1987 ـ 2014)، في بيفرلي هيلز (لوس أنجليس). لقطات أخرى، أبرزها خروج ماك كولي وكريس شيهرْليس (فال كيلمر) من آخر مصرف يسرقانه، مع صديقيهما مايكل شيريتّو (الراحل توم سيزيمور)، المنتظر إياهما في سيارة الهروب، غير الظاهرة في الصورة تلك.

هذا غير مرتبط بذكرى مرور 30 عاماً على إنجازه. لكنّ الفيلم، المعروض حالياً في شاشات تلفزيونية، مُثير لمتعة مُشاهدة وتحليل وتعليق، ومشهد اللقاء لحظة درامية تمتلك جمالية بصرية، وعمقاً في حوار بين محقِّقٍ ولصّ مصارف، يجهد في عدم القتل. لقاء يكشف شيئاً من ذات كلّ منهما، ومن تفكيره ومشاغله وانفعالاته، بصدقٍ وشفافية، يُضيف الأداء إليهما جمالاً ومهارةً وعفوية وبراعة، كأنّ كلّ واحدٍ منهما يرى في الآخر، ضمناً، كاهن اعتراف له، فكلّ واحد يحتاج، وإنْ خفية، إلى بَوح.

هانا مُعجبٌ بماك كولي، وهذا يُثير ابتسامةً غير مفهومة للأخير (أتكون خجولة أم ساخرة؟ تصعب معرفة ذلك. لكنّ تباهياً بالذات يتّضح بفضل جمالية أداء دي نيرو). البوح، مبطّناً أو مفتوحاً على ما يختزل ثقلاً مزمناً فيهما، يتحوّل إلى مرايا ذات وروح وتفكير وشعور، إذْ يبقى اللقاء وحيداً، واللاحق عليه مسارٌ إلى خاتمةٍ غير متوقّعة، ففي تعابيرهما شيءٌ من غموض مسار ومصير. مُشاهدات لاحقة للفيلم لن تحول دون متعة تأمّل في تفاصيله وحميميته وبوحه.

رغم هذا، تغيب حقيقة، يعترف بها مايكل مان بقوله إنّه قاصدٌ تصوير اللقاء بالطريقة الظاهر فيها: كاميرا تُصوّر واحداً منهما من دون الآخر، ما يعني أنّ الدقائق كلّها للّقاء ـ المشهد غير ملتقطةٍ إياهما معاً، ولو لثوانٍ. سبب ذلك؟ تحية لـ"العرّاب 2" (1974) لفرنسيس فورد كوبولا، الذي يُشاركان فيه من دون لقطة واحدة تجمعهما معاً، لاستحالة ذلك: فدي نيرو يؤدّي دور فيتو كورليوني في بدايات هجرته إلى أميركا وتأسيسه العائلة المافياوية، وباتشينو سيكون مايكل، ابنه في أعوام قيادته إياها.

تحية رائعة مشغولة بحِرفية وبهاء سينمائيين أروع.

المساهمون