انقراض طائر الكروان طويل المنقار... تفكير في طبيعة العالم

27 نوفمبر 2024
شوهد آخر مرة في المغرب (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وصفت منظمة غرينبيس قمة المناخ COP 29 في أذربيجان بأنها "احتيال مناخي"، مشيرة إلى عدم تلبيتها للاحتياجات الضرورية واستغلالها للدول النامية عبر تقديم قروض بدلاً من منح.
- تزامنت القمة مع إعلان انقراض طائر الكروان طويل المنقار، مما يبرز فشل الدول الغنية في حماية الأنواع المهددة ويدعو لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة التغير المناخي.
- تزايد أعداد الحيوانات المهددة بالانقراض، مثل الزرافات، يعكس فشل البشرية في الحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث أصبحت محاولات الإنقاذ مجرد محتوى إعلامي.

وصفت منظمة غرينبيس الاتفاقية التي نتجت عن قمة المناخ COP 29 التي استضافتها أذربيجان بـ"احتيال مناخي"، كونها لا تلبي الحاجات الضرورية لإنقاذ الكوكب، وتستغل الدول النامية عبر "قروض" وليس "منحاً"، إلى جانب ذلك، طاولت القمة انتقادات كثيرة؛ إذ عُقدت بينما يمارس الاحتلال الإسرائيلي إبادة جماعية في قطاع غزة.
تزامن انعقاد القمة مع خبر انقراض طائر الكروان طويل المنقار، إذ أعلنت دراسة تشرف عليها الجمعية الملكية لحماية الطيور في بريطانيا، أن الطائر المهاجر شوهد آخر مرة في المغرب عام 1995، ليأتي خبر انقراضه بوصفه "أول انقراض عالمي معروف للطيور في البر الرئيسي لأوروبا وشمال أفريقيا وغرب آسيا".
قالت مسؤولة السياسات في الجمعية الملكية لحماية الطيور، نيكولا كروكفورد: "كيف يمكننا أن نتوقع من الدول خارج أوروبا أن تتخذ خطوات لحماية أنواعها بينما فشلت دولنا الغنية نسبياً؟"، في إشارة إلى أن هذا الانقراض إنذار بضرورة "اتخاذ إجراءات لمكافحة التغير المناخي". ويضاف طائر الكروان طويل المنقار إلى 610 أنواع من الطيور سبّب الإنسان انقراضَها.
صور الطائر التي انتشرت بوصفها علامة على تردي مقومات الحياة على كوكبنا، ترافقت مع خبر آخر؛ إذ أعلنت الولايات المتحدة أنها ستصنف خمس فصائل من الزرافات مهددة بالانقراض، في محاولة للحد من صيدها لأغراض تجارية. في الوقت نفسه الذي تجتمع فيه الدول لإنقاذ الكوكب، الكائنات تُهدّد بالانقراض تدريجياً، والبشر يبادون جماعياً عبر ماكينات عسكريّة تدار بالذكاء الاصطناعيّ، وكأن شرط الحياة في كوكبنا لم يعد ملائماً للبشر ولا للحيوان، لتنتصر سطوة رأس المال والجشع والسياسة على ما يجمعنا مع كل الكائنات، ألا وهو الحق في الحياة.
تأتي أخبار الانقراض هذه خارج سياق الأخبار السياسيّة، وتصنّف أنباءً علميّة، لكن قراءة معمقة لها تكشف أثر الحروب والصناعات وتلويث الكوكب على شرط الحياة، أي نحن لسنا أمام أخبار علميّة بحتة، بل نتائج سنين من الجهد البشري الذي حول الحياة إلى مسابقة للنجاة بين الأشد قدرةً "مالياً" على تحمل التخريب البشريّ.
هناك مفارقة قاسية حين نقرأ أن الطائر المنقرض (الكروان) مهاجر، أي حياته قائمة على التنقل فوق الحدود السياسية، متجاوزاً سطوة البشر والأيديولوجيا. وانقراضه يدفعنا إلى التفكير في طبيعة العالم الذي نعيشه وترسيخ مفهوم "المحميات" بوصف "الأرض" لم تعد صالحة للحياة، بل لا بد من مساحات معزولة ومحمية ومسوّرة لضمان استمرار نسل سلالة ما. بصورة أخرى، استعمار البشر للأرض خربها إلى حد الحاجة إلى مساحات اصطناعية توفر شروط الحياة ضمن أسوار، إذ أفاد الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أن هناك 41 ألف نوع من الحيوانات مهددة بالانقراض، وانخفضت نسبة الحياة البرية بمعدل 69% منذ عام 1970.
المفارقة أننا عوضاً عن مهاجمة وانتقاد وسن قوانين تقف في وجه الانقراض، تحولت حياة الحيوانات المهددة بالانقراض إلى فرجة في الأقفاص، كحال دب الباندا الذي أصبحت محاولات "إجباره" على التكاثر ترند في وسائل التواصل الاجتماعي، أي تحول جهد النجاة إلى منتج للاستهلاك ضمن الخوارزميات، والاختبارات العلمية.
في هذا السياق، انتشر عام 2021 خبر عن "دب الأنابيب" في سنغافورة. هكذا، تحولت الحيوانات المهددة بالانقراض إلى معالم شبه سياحيّة، تلاحق أخبارها من أجل تبييض ضمائر الحكومات وجعلنا نشعر بالرضا حيال أنفسنا، من دون أثر حقيقي على نظام حياتها المهدد.

يبقى في الذاكرة دوماً طائر الدودو، العاجز عن الطيران، بمنقاره الضخم، علامة على أثر البشر على الكوكب، وفشلهم في الحفاظ على شروط الحياة، وتقديم نسخة ما بعد حداثية "حلّاً" لمشكلة الانقراض تتمثل في محاولات استنساخ الطائر، وبعثه إلى الحياة بعد أكثر من 300 سنة على انقراضه. لكن، هل هذا التدخل البشري/العلمي ذو نتائج مرضية أم سيخلق مشكلات جديدة قد تودي بسلالات بأكملها؟

المساهمون