الموضة الذكية: كيف يغير الذكاء الاصطناعي عالم الأزياء؟

26 ابريل 2023
من التصاميم المشاركة في العرض (تويتر)
+ الخط -

عاد عالم صناعة الأزياء إلى ما كان عليه قبل الجائحة. فيوم الإثنين الماضي أعلنت دار الأزياء الإيطالية الشهيرة فالنتينو عن زيادة 18 في المائة في الأرباح الأساسية لعام 2022 مع ارتفاع المبيعات عشرة في المائة بالأسعار الثابتة للعملات، مدعومة بالمتاجر التي تديرها بشكل مباشر، على الرغم من ضعف السوق الصينية.
وأعلنت الدار، التي تمتلكها شركة ميهوله للاستثمار القطرية، عن إيرادات أولية بلغت 1.42 مليار يورو (1.56 مليار دولار) العام الماضي.
كذلك، في الشهر المقبل تعود دار شانيل لتقديم عرض الرحلات البحرية في لوس أنجليس، وبينما تكشف دار لويس فويتون النقاب عن مجموعتها الخاصة في إيطاليا الشهر المقبل أيضاً، كما تعرض "غوتشي" مجموعة موسم ما قبل الخريف في سيول يوم 16 مايو/أيار.
كلّ ما سبق مؤشرات إلى تعافي القطاع الذي كان، إلى جانب قطاع السياحة، من أكبر المتضررين من فترات الإغلاق والأزمة الاقتصادية التي رافقت تفشي فيروس كورونا في العالم.
لكن تطوراً آخر عرفه هذا القطاع قبل أيام، وتحديداً في 20 و21 إبريل/نيسان الحالي، مع إقامة أول عرض أزياء مصمّم بالكامل باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي، في مقر "سبرينغ ستوديوز" في مانهاتن، الذي عادة ما يستضيف عروضاً "حقيقية" أبرزها أسبوع الموضة في نيويورك.
نظمت وكالة ميزون ميتا هذا العرض وشارك فيه 200 مشارك من أصل 350 تقدموا لعرض تصميماتهم. وبحسب ما تقول "ميزون ميتا" على موقعها فإنّ المتقدمين للمشاركة هم مصممو أزياء وطلاب تصميم، لكن أيضاً أفراد من قطاعات أخرى مثل المحامين والمهندسين ومطوري برمجيات الذكاء الاصطناعي.
من أجل المشاركة زوّدت الوكالة المتسابقين بسلسلة من الإرشادات لاتباعها مثل متطلبات جودة الصور التي يجب أن توازي تلك التي تنشر في مجلات الموضة، إلى جانب تناسق مجموعة الأزياء الخاصة بكل متسابق. لكن الأهم هو أن تكون الملابس المولدة تصاميمها بالذكاء الاصطناعي، قابلة للتنفيذ والخياطة في الواقع.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Maison Meta (@maison.meta)

مساهمات الذكاء الاصطناعي

طبعاً لا يعتبر هذا العرض هو أول تدخّل للذكاء الاصطناعي في عالم الموضة. إذ في السنتين الأخيرتين، أعادت هذه البرمجيات تعريف كيفية تصميم الملابس وتصنيعها وبيعها، وذلك من خلال تحليل البيانات والتنبؤ بسلوك المستهلك واتجاهاته. وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة McKinsey & Co، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إضافة 150 مليار دولار إلى 275 مليار دولار إلى صافي أرباح هذا القطاع في السنوات الكبرى.
وبالفعل بدأت أغلب دور الأزياء الكبيرة وحتى شركات تصنيع الملابس السريعة باستخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً أدوات التسويق التي تساعدها على تحليل البيانات لتحديد أفضل استراتيجيات التسويق، واستهداف العملاء المناسبين، وزيادة تأثير الإعلانات. وهو ما يساعد على توفير الوقت والمال ومنافسة الشركات الباقية وتحديد الاتجاهات الجديدة والأسواق الناشئة، والوصول إلى عملاء جدد وتحقيق المزيد من المبيعات.
في مجال التصميم كذلك، سيتعاظم تدريجياً دور الذكاء الاصطناعي، مع توقع الخوارزميات الاتجاهات وتحليل تفضيلات العملاء. وبالتالي يمكن لشركات الأزياء إنشاء تصميمات من المرجح أن تكون أكثر شيوعًا في السوق وتقليل مخاطر إنتاج تصميمات لا تباع.
نقطة أخرى مثيرة للاهتمام، ترتبط بالأزياء المستدامة والصديقة للبيئة، إذ تعتبر صناعة الملابس واحدة من أكثر الصناعات تلويثاً على الأرض، خصوصاً شركات تصنيع الموضة السريعة. فغالباً ما تلجأ إلى خطة تؤمّن لها الحدّ الأقصى من الربح مقابل حدٍ أدنى من المصاريف، وهو ما يعني كمية أكبر من النفايات، واستهلاكاً أكبر للمياه، وتلوثاً وانبعاثات أكبر، واستغلالاً أكبر للعمال في الدول النامية. إذ تصمّم أغلب هذه الشركات ملابسها في أوروبا، وتنفذها في الصين والهند وبنغلادش وفييتنام، بواسطة عمّال غالباً ما يتقاضون مبالغ زهيدة، ويعملون لساعات طويلة في ظروف غير إنسانية.
لكن قد يساعد الذكاء الاصطناعي في حل مشكلة الاستدامة. فمن خلال تحليل البيانات المتعلقة بالمواد وعمليات الإنتاج وسلاسل التوريد، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحديد المجالات التي يمكن تحسين الاستدامة فيها، على سبيل المثال، المزيد من المواد الصديقة للبيئة أو عمليات الإنتاج الأقل إهداراً.

مخاوف حقيقية

بحسب مجلة فوربس فإنّ أحد أكبر المخاوف هو إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل العمالة البشرية. نظراً لأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على أداء وظائف المصممين والمسوقين وغيرهم من محترفي الأزياء، فهناك خطر فقدان بعض الوظائف. يمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على صناعة الأزياء ككل، وكذلك على المشهد الاقتصادي الأوسع. وترى المجلة أن مصدر هذا القلق صحيح ومشروع "ومن المهم للشركات أن تتعامل مع الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية".

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Maison Meta (@maison.meta)

تخوف آخر يرافق تسلسل الذكاء الاصطناعي إلى عالم الموضة، وهو التشابه، أي أن تجعل هذه البرمجيات عالم الأزياء متجانسا بشكل يفقد كلّ مصمم وكل دار فرادتها، وبصمتها الخاصة. وبحسب "فوربس" قد يؤدي ذلك إلى انخفاض جودة منتجات الأزياء، فضلاً عن انخفاض شعبية الصناعة بشكل عام "هذا مصدر قلق حقيقي، والأمر متروك للصناعة ككل لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تعزز الإبداع والتنوع".

المساهمون