الحكومة الروسية: من حظر "تيليغرام" إلى استخدامه

19 نوفمبر 2020
روس يتظاهرون ضد حظر تيليغرام عام 2018 (ميخائيل تيريشتشينكو/ Getty)
+ الخط -

بعد محاولات فاشلة استمرت عامين لحظر تطبيق المراسلات "تيليغرام" في روسيا، يبدو أنّ هيئة الرقابة الروسية على الاتصالات "روسكومنادزور" لم تقرر التخلي عن الفكرة فحسب، بل والانضمام أيضاً إلى التطبيق، عبر إنشاء حساب خاص بها على "تيليغرام"، مبررة ذلك بالنزول عند رغبة جمهورها و"إتاحة فرصة" الاطلاع على الأخبار عبر التطبيق.
وقالت الوكالة في رسالة على تويتر يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني: "لقد فكرنا في الأمر وقررنا: إذا كان من الأنسب لكم قراءة أخبار روسكومنادزور على تيليغرام، فيجب أن تتاح لكم هذه الفرصة".

وفي أحد التعليقات على إعلان الهيئة الروسية على "تويتر" انضمامها إلى "تيليغرام"، كتب الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي بافيل تشوبرونوف: "سيكون من المثير حظر حسابكم من قبل تيليغرام، ستكون نهاية عادلة للقصة". في حين كتب آخر "الآن ظهرت في تيليغرام أول مجموعة متطرفة، لا بد من حظرها"، في إشارة إلى تصريحات سابقة لـ"روسكومنادزور" أشارت فيها إلى وجود حسابات لمجموعات متطرفة تستخدم التطبيق، كأحد مبررات حظره.

وظهرت الرسالة الأولى على قناة تيليغرام في 29 أكتوبر/ تشرين الأول، لكن أغلب المتابعين لم ينتبهوا إلى حين نشرت  "روسكومنادزو" أكثر من 10 منشورات، تضمنت متطلباتها تجاه شركة غوغل، بشأن وضع علامة على الأخبار من وسائل الإعلام الأجنبية وحجب مقطع فيديو على موقع "يوتيوب".

واللافت أن الهيئة حظرت تطبيق "تيليغرام" في روسيا في 13 إبريل/ نيسان 2018، بقرار من محكمة في موسكو، نتيجة رفض مؤسس برنامج المراسلة، بافل دوروف، تزويد هيئة الأمن الفيدرالي بمفاتيح تشفير مراسلات المستخدمين.
وبعد حكم المحكمة، قامت "روسكومنادزور" بحظر الملايين من عناوين بروتوكول الإنترنت IP، ما أضر من بين أمور أخرى بالمتاجر عبر الإنترنت وخدمات البريد السريع والمواقع والخدمات الأخرى التي تستخدم التطبيق لتوفير المعلومات لزبائنها. 

وفي يونيو/ حزيران من هذا العام، تم إلغاء حظر تيليغرام، بعد أن طرح نواب حزب "روسيا العادلة" على مجلس الدوما مشروع قانون لإلغاء حظر التطبيق في روسيا، مبررين ذلك بأنه خلال جائحة كورونا، استخدم المسؤولون تطبيق "تيليغرام" رسمياً كأحد مصادر المعلومات الرئيسية على الإنترنت. وأشار واضعو المشروع إلى أن "المزيد من الحجب الدعائي لتطبيق المراسلة لا يضر بتطوره، بل يضر بمكانة سلطة الدولة في الاتحاد الروسي".

وفي عام 2018، ذكرت صحيفة "إر بي كا" أن السبب الحقيقي لحظر التطبيق في روسيا، قد يكون خطط مالكها إطلاق عملته الرقمية المشفرة. ووفقاً للصحيفة، ذكر ضباط هيئة الأمن الفيدرالي في رسالة لزملائهم حول تطبيق المراسلات أن "القصة لا تتعلق بمفاتيح التشفير والإرهاب على الإطلاق" بل إن السبب هو أن "بافل دوروف قرر أن يصبح مافرودي جديداً"، في إشارة إلى رجل الأعمال النصاب سيرغي مافرودي الذي قام بسرقة أموال الروس في التسعينيات عبر شركات توظيف أموال وهمية. كما كتب ضابط في جهاز الأمن الفيدرالي: "هذا النظام المالي غير الخاضع للسيطرة على الإطلاق سوف يصبح تهديداً لأمن البلاد". 

وبعد قرار منعه، بدأت حملة إعلانية واسعة النطاق لتطبيق المراسلات الروسي "تام تام"، الذي أنشأته مجموعة Mail.Ru المنافسة، وانتقلت قنوات المراسلات الحكومية والخدمات الصحافية لهيئات الدولة إليه لفترة، لكن معظمها عاد بعد ذلك إلى "تيليغرام" بسبب ضعف "تام تام" وانعدام شعبيته. وحالياً تُستخدم قنوات "تيليغرام" على نطاق واسع من قبل العديد من المقار العملياتية الإقليمية لمكافحة فيروس كورونا والخدمات الصحافية للمحاكم والهيئات الرسمية والمسؤولين. ورفع الحظر رسميا عن التطبيق لم يغير شيئاً فعلياً بخصوص عمله، إذ إنه استمر في العمل في فترة الحظر كمصدر أساسي للمعلومات والمراسلات، إلا أن أضرار الحظر المتعلقة بالغرامات بسبب رفض القائمين على التطبيق منح أجهزة الأمن الروسية مفاتيح التشفير، بقيت حتى بعد رفع الحظر الرسمي.

وقال بافيل تشيكوف، رئيس منظمة حقوق الإنسان "أغورا"، التي يمثل محاموها مصالح "تيليغرام" في المحكمة، إنه "لا يوجد شيء واضح بشأن قرار رفع الحظر". وأشار إلى أن قرارات المحكمة بشأن شرعية حجب تطبيق المراسلة وغرامة عدم توفير مفاتيح التشفير لا تزال سارية وقرار روسكومنادزور لا يلغيها".

ويبدو أنه بعد تجذر التطبيق في الأوساط الروسية، وعدم نجاح الإجراءات الساعية إلى حظره، لم تجد "روسكومنادزور" خيراً من أن تنضم إلى عداد مستخدمي التطبيق، الأمر الذي أثار موجة سخرية من الهيئة الحكومية، ودعوات وجهها المستخدمون إلى القائمين على التطبيق لحظر قناة روسكومنادزور، كإجراء انتقامي من محاولاتها حظر التطبيق.

المساهمون